شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- 191 -
قالَ لي صاحبي أَراكَ حزيناً
قلتُ ليلي دجا وَعِبئي ثَقيلُ
أتأسّى على الهُمومِ بِقَولي
حسبيَ اللهُ وهو نِعمَ الوكيلُ
لا أرى في السَّماءِ وَمْضَ رَجاءٍ
أتلاشى، أم أنَّ طرفي كَليلُ؟
كم دَخيلٍ على الفَصاحةِ يُزهى
بسَخافاتِهِ، ويُغضي الأَصيلُ
كسدَ الشعرُ بعدَ عزٍ وجَاه
حين راجَ التهريجُ والتَّدجِيلُ
* * *
- 192 -
أَيُّها المُزدهي بمالِكَ مَهلاً
كلُّ حالٍ مع الزمانِ تَحُولُ
أسخَفُ النَّاسِ مَن يُباهي بغانٍ
كيفَ ترسو على الرَّمالِ أُصولُ؟
عَمْرَكَ اللهَ سمعتَ بِبَدْرٍ
لم يُصِبْهُ بعدَ التَّمامِ أُفُولُ؟
يا إِلهي حجّرْ فؤادي وإلاَّ
أعطني من غِناكَ ما لا يزولُ
كُلَّما مدَّ كفَّه لي فقيرٌ
خِلتُ أَني عن فَقرِهِ مَسؤولُ
* * *
- 193 -
عشْ وحيداً ولا تُصاحبْ كذوباً
ليس يَرعى الكذوبُ ذمةَ صَاحِبْ
ربما كانَ فيه ومضةُ خيرٍ
إِنما شرُّهُ على الخيرِ غَالبْ
كم بريقٍ يُخال في القفرِ ماءً
عاد راجيه وهْو حرّانُ خائبْ
باركَ اللهُ بالتَّجارِبِ أُستاذاً
فكم أحسنتْ إِليَّ التجاربْ
علّمَتْني أَنْ أَستريبَ بِفضلي
حين يُثني على الفضيلة كاذِبْ
* * *
- 194 -
لا يضقْ بالعداءِ صَدرُكَ مهما
غَام أُفقٌ ومَاج ليلٌ بهيمُ
يستطيعُ اللئيمُ أن ينهشَ
الأعراضَ لكن لا يستطيعُ الكريمُ
أيُّ فرقٍ بينَ الرُّعونةِ والحُلمِ
إذا انساقَ في التَّلاحي الحليمُ
أَدواتُ الكفاحِ في العيشِ شتى
غيرَ أنَّ الشريفَ منها عَقيمُ
فتسلَّحْ باللؤمِ فيه وإلاَّ
فارضَ أَنْ يزْدهي عليكَ اللئيمُ
* * *
- 195 -
ذابَ قلبي إِلى الديارِحَنيناً
فمتى يرتوي غليلُ حنيني
طالَ عن حِضنِها اغترابي ولكنْ
لم يَزلْ حُبُّها مَلاذي وديني
جُعتُ لِلمالِ حِقبةً ثم ماتتْ
شهوةُ المالِ في مَطاوي السِّنينِ
أَنا إنْ عُدتُ للدِّيارِ فحسبي
لقمةُ العيشِ . . . أَنها تكفيني
* * *
- 196 -
لا تكنْ ليِّنَ القَناةِ فيلويكَ
نسيمٌ، أَو قاسياً فتُخيفُ
كنْ لَطيفاً مع اللَّطيفِ ولكنْ
كنْ عنيفاً إذا بلاكَ عنيفُ
صورةُ الذئبِ في الخَواطرِ نابٌ
وسِماتُ الخروفِ لحمٌ وصوفُ
العَصا عُدةُ البَذيءِ، ولكنْ
هي للخيرِ يَنتضيها العَفيفُ
إنَّ حقَ القَويِّ نوعٌ من البطْل
وحقَّ الضَّعيف حقٌ ضَعيف
* * *
- 197 -
ربطوا الشِّعرَ بالرغيفِ فباضتْ
تُرَّهاتٌ وفرَّختْ تُرَّهاتُ
وتصدّى للأيكِ كلُّ دَعيٍّ
حينَ قالوا إنَّ البلابل مَاتوا
شرفُ الفكرِ أَنْ يكونَ طَليقاً
كالسَّنَا لا تَحُدُّهُ حَاجاتُ
يا بُزاة القريضِ أبرمْتُمونا
مِن نِفاياتِنا يعيشُ البُزاةُ
ليس بالشعرِ ما يُغذِّي بُطوناً
إنَّما الشعرُ زفرةٌ وَشُكاةُ
* * *
- 198 -
لا تَلُمْني إذا شَكوتُ، فإني
بينَ ظِفرٍ منَ الحياةِ، ونابِ
لي عدوٌّ يندسُّ في كلِّ شأنٍ
من شُؤوني، ويَشتفي بعذابي
يتخطّى إِليَّ بابي، ويُبدي
رأيَهُ في خَطيئتي وصَوابي
أتخفّى منه فيفضحُ سِرِّي
ولوَ أني وَرَاءَ أَلفِ حِجاب
ليس لي ما حييتُ منه مَفرٌّ
فعدوّي يعيشُ في أَثوابي
* * *
- 199 -
أغلِظِ القَولَ مَا أردتَ فلنْ
تخرجَ بالهْذْرِ والهَراءِ كَريما
أَنا من ضيّقَ الفضاءَ على النَّسرِ
فهل أغصبَ الخرابُ البوما؟
لكَ عِندي قلبٌ يَفيضُ سَلاماً
وشذاً مُنعشاً وظِلاً رَؤوما
يا إِلهي طهّرتَ نفسي من الغَدرِ
فهلاّ طهرتَ مثلي الخُصوما
ما رأيتُ اللئيمَ يَنهشني إلاَّ
تمنّيتُ أن أكون لَئيما
* * *
- 200 -
نسيَ القلبُ أنني صرتُ كهلاً
شائبَ الرأسِ، مرهقَ الأعصابِ
فتمنّى، وخابَ ما يتمنّى
وتَصابى، وهل يفيدُ التَّصابي؟
قلتُ يا قلبُ لا تحلِّقْ فتهوي
لم يعدْ عِندنا جَناحُ عقاب
ذهبتْ ريحُنا فلا نتعلّلْ
برجاءٍ، وننخدعْ بسرابِ
قد يكونُ الخِضابُ حلاً، ولكنْ
هل يُعيدُ الخضابُ عزمَ الشباب؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :372  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 414 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج