شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العوسجة الخضراء
رأيْتُ في وَحْشَة الصَحْراء عَوْسَجةً
خَضْرَاءَ تَرْقُصُ مِنْ زَهْوٍ ومِنْ طَرَبِ
تَأْوي إليها رُفُوف الطَيْر آمِنةً
كأنَّها حَرَمٌ للخائفِ التَعِبِ
تَسْتَقْبلُ الشَمْسَ نيراناً مُسَعَّرةً
فلا تُبَالي بما في الشمس مِنْ لَهَبِ
وَتَعْصِفُ الريحُ إعْصاراً فيُضْحِكُها
ما في زَمازِمِها الهَوْجاءِ مِنْ غَضَبِ
تَصْدَى فَترْفَعُ للآفاقِ مُقْلَتَها
فيَفْتَحُ اللهُ ما استَعْصَى مِنَ السُّحُبِ
كأنَّما هي في البُسْتان زَنْبقَةٌ
تَموجُ بالعِطْر في أثْوابها القُشُبِ
تَفْتَرُّ والقَفْر لا أُنْسٌ ولا أَلقٌ
والليلُ يَطْرُقُه لكنْ بلا شُهُبِ
وحولَها عَوْسجاتٌ مِنْ فَصيلتها
غَرِقْنَ في الصَمْتِ أو أَلوَيْن مِنْ وَصبِ
يَحْسُدْنَها وهْيَ لا غِلُّ ولا حَسَدٌ
ما أبَعْدَ القَمَرَ الزاهي عَنِ الرِّيَبِ
عَجِبْتُ منها ولكنْ حينَ حدَّثَني
عنها الرُواةُ انقَضَى ما كان مِنْ عَجَبي
* * *
قالوا نمتْ كَسِواها، لا يُمَيّزُها
أصْلٌ وفَصْلٌ ولا شَكْلُ ولا عَبَقُ
مِنْ أينَ جاءتْ؟ سُؤالٌ لا جَوابَ له
وكَمْ سُؤالٍ على الأفواه يَحْتَرقُ
جاءتْ مَعَ الليلِ لَمْ تَحْلُمْ بها رَحِمٌ
ولا انْجلَى عَنْ مطاوي سِرِّها غَلَقُ
ورسَّخَتُ رِجْلَها في الرَّمْلِ واشْتَبَكتُ
جُذورُها حَيْث لا ماءٌ ولا عَلَقُ
وغالَبَتْ دَهْرَها حتى استقامَ لها
ما يُشْبه الجِذْعَ منها يَرْشُحُ العَرَقُ
لكنْ توالَتْ علهيا السافيات فلَمْ
تَرْحَمْ صِباها ولم يَسْلَم لها وَرَقُ
وصارَ للإِنْس مِنْ عِيدانِها سَلَبٌ
وباتَ للجنِّ في مَيْدانها طُرُقُ
ولَمْ يَلُحْ في حَواشي أفْقِها قمَرٌ
ولا أطَلَّ على آمالِها شَفَقُ
فاسْتَسْلَمَتْ لقضاءِ الله واصْطَبَرتْ
على الرَّزايا وأذْوَى عُودَها الأرَقُ
لَمْ يَبْقَ مِنْ جِسْمِها الواهي سِوى رَمَقٍ
واهِ... فيا وَيْحَها ما يَنْفَعُ الرَّمَقُ؟..
قالوا وحامَ عَلَيْها ذاتَ آونةٍ
زَوْجا حَمامٍ ولمَّا اظْلَوْلَمَتْ عادا
رادا الفَضاء ولكنْ دونما أمَلٍ
إنَّ الضَّعيفَ طَريدٌ أيْنما رادا
وبَعْدَ لأْيٍ وإيجاسٍ ورَفْرَفَةٍ
حَطَّا عليها فمادَ الجِذْعُ أوْ كادا
حتَّى إذا أمِنَا مِنْ بَعْدِ خَوْفِهما
تَخَيَّراها على الأخْطارِ مِرْصادا
فأوْرَقَتْ كي تَردَّ الشَرَّ دُونَهما
واخْضَوْضَرَتْ كي تُتيحَ الرَيَّ والزادا
لَمْ يَبَقَ مِنْ شَوْكِها الدامي سِوَى زَغَبٍ
زاهٍ تَلَوَّنَ أزاهاراً وأوْرادا
فحال عَيْشُهما في حُضْنِها دَعَةً
سُبْحان مَنْ قَلَّب الأتْراحَ أعْيادا
وما انْقَضَتْ فُرْصَةٌ حتى بنَى وَبنَتْ
عُشّاً يَموجُ على الأفْنان أولادا
وأشْرَقَ القَفْرُ بالأطيارِ وانْقَشَعَتْ
عنه الكآبةُ أغْواراً وأنْجادا
وأصْبَحَت زينةَ الصحراءِ عَوْسَجةٌ
آوَتُ شَريداً ورَدَّتُ عنه صَيَّادا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :521  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 128 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج