وجمَتْ في فمي حروف القوافي |
حين قالوا: مات الصفيُّ الجرافي! |
من تُرثي؟ ومن تعزّي؟ لقد مات إمام الأخلاق و"الأَعرافِ"؛ |
الهمام الذي بحزمٍ وعزمٍ |
ظلَّ رمزاً "للعدل" والإِنصافِ؛ |
والشجاع الَّذي لآرائه كان مضاءَ الرِّماح والأسيافِ؛ |
والكريم الذي تسامَى عن التيهِ؛ يُرَاعي جيرانه ويُوافي؛ |
همَّةٌ لا تذِلُّ، زيْنَتْ بلطفٍ |
لا يحابي، وقدرةٍ في عفافِ، |
وأحاديثه التي عن رسول اللهِ تروي مكارم الإِيلافِ.. |
ووفاء لو كان للناس ميثاقَ حياةٍ عاشوا حياة التصافي؛ |
من أعزّي؟ ومن تُبكّي دموعي؟ |
وإلى من أزجي عزاء القوافي؟ |
* * * |
لست أنسى لمّا نهدنا إلى "حجَّة" في زمرةٍ من الأشرافِ
(1)
|
وفُلول الطِّغام من كلِّ غرٍّ |
جاهل، أو مشايخٍ أجلافِ |
أقبلوا كالذئاب من كل فجٍّ، |
بطبول الوعيد والأرجافِ؛ |
و"الشماحي" كاللَّيث في القيد و "العنسي" "كنُعمان" مطرق الرأس حافي؛ |
وقضاة الضلال قد شرعوا كلَّ يراعٍ.. بسمِّه رعافِ..! |
ولئيمٌ منهم كفورٌ جحودٌ. |
أعرجُ الرأي، سيِّئ الأَوصافِ |
يتهادى بين الصفوف كوحشٍ |
رضع الخبث من ذئاب الفيافي |
قد رجاه "الكبسي" شربة ماءٍ |
فرماه بنظرةِ استخفافِ! |
وتعالى بأنفه؛ مثل صلٍ |
يصطَلي جوفهُ بسمٍّ ذعافِ |
وإذا بالصفيِّ؛ يصرخ في القوم بصوت الحُلاحِل الرجاف |
قال للمنتشي بخمرةِ نصْرِ، |
وهُوَ لاهٍ عن صحوة الحق غاني: |
أنتَ بين اثنتين؛ إمّا إماماً |
يتحرّى شريعة الإِنصافِ، |
أو غشوماً يحكِّم السيف غِرّاً |
لا يُبالي عواقب الإِسرافِ، |
غير أنَّ الذي نسامُ به اليوم… ينافي أعرافنا ويُجافي |
واستكان "الإِمام" واصفرَّ رعباً |
فهو أصلاً من معشرٍ أشرافِ! |
* * * |
أيُّ عذر للدمع إن لم يُوافي |
يوم قالوا مات الصفي الجرافي؟ |
أيُّ نجمٍ هوى، وأيُّ منارٍ |
خرَّ للعلمِ والتقى والعفافِ؟ |
عاش فذّاً في جيله لم يبعْ ديناً بدنيا، ولم يُبَلَ باعتسافِ، |
* * * |
أيُّها الميت أنت ما زلت حيّاً |
خالداً في ضمائر الآلافِ، |
إن تسعين حجَّة عِشت فيها.. |
حافظاً للحقوق و"الأعرافِ" |
في وقارٍ ما إن عرفناه إلاَّ |
خبراً معجزاً عن الأَسلافِ |
سوف تبقى ذكرى لكلِّ "يمانٍ" |
يقتنيها الأسلاف للأخلافِ |