شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
556- نشيد الإِياب
[أنشدها الشاعر في حفلة التكريم التي أقامها له الشيخ الأديب عبد المقصود خوجه في بيته العامر بجدة، في شهر رجب سنة 1405هـ/ 1985م]:
أزمعتُ عن شطِّ النوى إقلاعي
ونشرت في بحر الإِياب شراعي
رفقاً بفُلكي يا رياح؛ فلم أعُدْ
ملاَّحَ أخطارٍ، وقِرن صراعِ،
وأنا رفيقُكِ في النَّوى أشدو على
أوتار عزفِكِ لحنَ كلِّ شجاعِ،
خمسونَ عاماً؛ ما وقفت مُسَلِّماً
إلاَّ لأكتُمَ جَهْشةً لِوداعِ…
إما رَهينُ الحبسِ، أو حِلس النوى،
أو صبُّ حُبٍّ، أو حليفُ ضياعِ؛
* * *
ولقد ظلتُ مع الخطوب مُشْرِّقاً
ومغرِّباً، ومصاولاً، ومُراعي،
حتّى إذا انتصر السلامُ "بفيصلٍ"
كنتُ المطيعَ بكبريآء مُطاعِ،
تاللهِ ما ملَّ الصراعَ حليفُه..
لكنَّه استعصى على الأطماعِ.
جنحَ السلامُ إليه فاستخذى لَهُ
بخشوع شيخ صابرٍ منصاعِ؛
وأناخ ينتظر الكواكبَ راصداً
كالطَّير ترصد لمحَ كلِّ شعاعِ،
إن راعها شفقٌ تغنَّتْ رهبةً،
أو راقها فلقٌ شدت بزماعِ،
تستنهضُ الأَلق الجديد إذا زها
ليُزيح لَيلَ الخوفِ والأوجاعِ،
بين الترصُّد والزَّماع قصائدي
ظلَّت تراود رغبة الإِجماعِ.
حيناً مُقنَّعةً وإن هتَفَتْ بِها
رَحِمُ الهدى جمحَتْ بغير قناعِ!
للعدلِ والإِحسان يهتف صوتها
وهما شعاري "يوم يدعو الداعي"
وإذا تعاورتِ الشكوكُ وقفتُ بالرغبات أخشى صفقة المبتاعِ؛
رغم الفراق.. ورغم كلِّ مزاعم الحسَّاد، والأضداد، والأشياعِ،
أنا لم أقل: ما في هوادجكم لنا
ثمنٌ.. إذا ما قد نعاني الناعي؛
بلْ ظَلْتُ في وكري أقدِّس مِلَّتي
وعروبتي، وأصونُ عهد طباعي،
للعدل والإِحسان في سرّي وفي
جهري، وفيما قد يخطُّ يراعي،
لا.. لن أقولَ عن الهوادج قولة "الكِندي"؛ ففيها متعتي ومتاعي!
لولا المروة؛ قلت بورك ما جرى
لي في "بِرومْلي" حيث ضاعَ ضياعي،
فلقد لبثتُ رفيقَ أرباب النُّهى
وأئمة الفقهآء والإِبداعِ،
عشراً من السنوات في شوقٍ بلا
حذر أحاورهم؛ ودون خداعِ،
حريَّة التفكير تحرسنا من البغضاءِ إنْ ما ثار أيُّ نزاعِ،
و"الجاحظ" العملاق إن هدرت شقائقه، رمى "الرّازي" برأي شجاعِ
* * *
الله للعلمآء في شَرقٍ وفي غرب؛ إذا طَهُروا من الأطماعِ؛
وإذا ظمئتُ إلى الإِياب ووِردِهِ
عاقرتَ كاسَ سرابه اللمَّاعِ
في موكب الأوهام أمشقُ صارمي،
وبساحها زمعاً أمدُّ ذراعي
وأصارع الأشباح منتصراً بلا..
نصرٍ؛ ومُنْصرعاً بدون صراعِ،
سِيّان غاية ما ينال المرء في
دنياه من نعمٍ ومن أوجاعِ
ولعلَّ بعض عرائس الأحلام في
غفوات حُلم العاشق الملتاعِ،
أَحْنا، وأكرم من توجُّسِ يقظةٍ،
أو مِن تملُّق واقعٍ، خدّاعِ
"من ضاق بالدنيا فليس حكيمها
إن الحكيم بها رحيبُ الباعِ"
كالملك "فهد"، وآله، ورجالِه
أكرِمْ بهم شعباً، ونعم الرّاعي
"أهلَ الحجاز" إذا ترنَّم مقولي
بمديحكم، فله هناك دواعي،
"الحِجْر" و"البيتُ العتيق" و"زمزمٌ"
و"الجمرتان"، ومستهلُّ "السَّاعي"
أرض ثراها سيطَ مدبوغاً على
عرقِ "الخليل" ونجلِه المِطواعِ،
وبنيه كم من أنبيآء، وكلُّ ذي
سيفٍ، وكلُّ معلِّمٍ بيراعِ.
* * *
بلدٌ هي "البلد الأمين" تقدَّست
عرصاتها من وهدةٍ ويفاعِ،
وأجلُّ ما خلق المهيمن في الورى
من أنفسٍ ومشاعرٍ وبقاعِ.
جدة: 23 رجب 1405هـ
13 أبريل 1985م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :382  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 586 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.