شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
553- زُلفَى إلى أبي فِهر
[الأستاذ محمود محمَّد شاكر، بمناسبة الاحتفال بتسلُّمه لجائزة الملك فيصل الأدبية لعام 1404هـ]:
على ربع "سلمى" عُجْ مع الركب زائراً
وحيّ به من كان للعهدِ ذاكرا،
وسل ظبيات البان: هل "مَفْرجُ" الهوى
على حاله؟ أم قد تبدَّلن آخرَا؟ (1)
و"نبع الصَّفا" هل لا يزال كعهدنا
به جارياً؟ أم أنَّه نشَّ غائرا؟
وأسماؤنا في الحيِّ هل يذكرونها؟
وأشعارنا.. هل ما يزلْنَ سوائرا؟
و"تالوقةُ" الوادي أما زال ظلُّها
ظليلاً، وتُؤوي السائحات الجآذرا؟
فإن سألوا عنَّا فصف ما رأيتَه
ولم تَرَ إلاَّ مستهاماً مُصَابِرا؛
* * *
أعيش كأني لم أبارح ديارهم؛
"أزال" و"وادي الظبيتين" و"حاجرا"
أنادي "حُريثاً" أو أخاطب "عامرا"
وأهذي "بسلمى" أو أناجي "تُماضرا"،
شخوص شبابي في منامي ويقظتي
تعيش معي مستفهماً أو محاورا،
تهاويل من صنع الخيال تروعني
إذا بتُّ وحدي ساهم الفكر ساهرا؛
كأنَّا جمدنا والزَّمان؛ ولم يدرْ..
بنا فلكٌ ما انفكَّ بالناس دائرا؛
كأني لم أفقد رفاق شبيبتي،
كأنِّي ما غادرت وكري مهاجرا.
* * *
زمانَ الصِّبا؛ لو في العيون بقيَّةٌ
من الدمع هلَّت كاللئالي هوامرا
لقد عشتُ أيامي أودِّع راحلاً،
وأرثي شهيداً، أو أبكي المقابرا.
إذا ما نبا بي موطنٌ لم أقم به،
وإن رابني أمرٌ.. نزحت مسافرا!
* * *
وإن أنسَ؛ لن أنسَ اقتناص سوانحٍ
من الأُنس كانت كالظباءِ نوافرا..
بأكناف وادٍ ما جرى مثل نهره
على الأرض نهرٌ ساحر الشط زاخرا،
هو "النّيل" صنو الدَّهر بورك منبعاً،
وبورك ما يسقي قُرى وحواضرا
وبورك قومٌ للعلى شيدوا الصَّوى
بها، وأشادوا للعلوم المنابرا
فما إن فقدناهم؛ إمامًا، وقائداً
هماماً، وفناناً عظيماً، وشاعرا؛
وشاعرهم؛ قد كان أكبر شاعرٍ،
وزاهدهم أسما الأنام سرائرا.
"لأزهرهم" في قلب كلِّ موحِّدٍ
مكانةُ إجلالٍ تهزُّ المشاعرا،
* * *
ومَن مثلُ مَن جئنا اعترافاً بفضله
نصوغ المعاني لؤلؤاً وجواهرا؛
فتىً شبَّ في حضن الهدى واغتذى به،
وشاب نقيّ القلب والعرض طاهرا،
عليمٌ بأسرار البيان كأنَّما..
توارثها عمَّن وعَوْها بصائرا؛
فحينا "أبو عثمان" إن صال ناقداً
وحيناً "أبو حيَّان" إن قال ساخرا
و"كابن دُريدٍ" حين ينشد شاعراً،
وليس يُبارى إن ترسَّلَ ناثرا،
* * *
"أبا فهر" ركن الدِّين هِيرَ، وصرحُه
تهدَّم، والآساس أضحت دواثرا
أرى "الشرق" مثل "الغرب" ظلماً تآمرا
علينا، وباحا بالعداء، وجاهرا
و"حاخام" تلمود الضلال، وصنوه
"لويس" على الإِسلام بغياً تآزرا،
ونحن بوادي التيه نبني من المنى
قصورا، ونستجدي الحظوظ العواثرا
بلا رائدٍ؛ ما بين حيران ضائع
يفتش عن دربٍ، ويسأل حائرا
* * *
وبين غبيٍّ يدعي الفهم ضلةً،
وصاحب جهل يدعي العلم كافرا
ويا طالما حذَّرتَ من كان غافلاً،
ويا طالما أنذرتَ من ظل سادرا!
وها هم على إسلامنا قد تكالبوا
ويوشك أن يضحي "غريباً" محاصَرا،
فهل يا ترى مما قضى الله مهربٌ؟
وهل غيره نلقى مغيثاً وناصرا؟
* * *
"أبا فهر" قد كنَّا أشداء عندما
غزانا "النصارى" يحشدون العساكرا
وكنا –وهم في أرضنا يظلموننا-
نثور ولا نخشى الردى والمجازرا؛
فما بالنا لمَّا جلوا، وتقوَّضتْ
خيامهمُ صرنا نطيع الأوامرا؟
ترى هل كفاهم أنَّهم قد تمكَّنوا..
بتغييرهم أفكارنا؛ والدفاترا؟
* * *
"أبا فهر" لولا الودُّ.. ما قمت منشدا؛
ولا جئتُ من "أعلا الممالك" طائرا (2)
عرفتَك "محمود" الخصال "محمداً"
وللحقّ قوَّالاً، ولله "شاكرا".
"أبا فهر"؛ واعذرني؛ فما جئتُ مادحاً
ولكنَّها "زُلفى" تناشد غافرا؛
وأنت الذي قد كنتَ للفضل فاعلاً
وبالخير والمعروف ما زلت آمرا.
الرياض: 21/5/1404هـ
23 فبراير 1984م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :332  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 583 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج