شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مُقَدّمة
يعرف الناس عن "الشامي" السياسي أكثر مما يعرفون عن "الشامي" "الشاعر"، فأخباره وتحركاته حديث الصحف والإذاعات، خصوصاً منذ اليوم السادس والعشرين من شهر سبتمبر سنة 1962م/ جمادى الأولى 1382هـ.
وقد امترسَت في اسمه الألسن: خيراً وشرّاً، وحقاً وباطلاً، ومدحاً وقدحاً.
ولسنا في موقف الحكم: فنقرُّ حقاً أو ننفي باطلاً، وفي نظرنا أنه لم يَحن الوقت بعد ليقول التاريخ كلمته الصريحةَ عن "الشامي" وما ساهم به، أو فرطَ فيه، أو نافح عنه، من أجل وطنه، ومن حقوق أمته، وفي سبيل مبادئه، وسنترك ذلك للتاريخ والناقدين.
ولد السيد أحمد محمد الشامي سنة 1342هـ/ 1924م بالضالع وتوفي والده وهو في الخامسة، ونشأ يتيماً بصنعاء في بيئة علم وأدب ودين، وقال الشعر وهو في السادسة عشرة، ولمع نجمه في سماء الأدب والسياسة وهو لمّا يتجاوز العشرين.
وفي سنة 1363هـ / 1944م هاجر الى "عدن" مع السيد زيد الموشكي، وفي سنة 1367هـ/ 1948م كان من جملة من سيقوا إلى سجن حجة وتعرض للموت مراراً، وأطلق سراحه سنة 1372هـ/ 1953م ليبقى في الحديدة حتى سنة 1374هـ/ 1955م فَنَهَدَ إلى حجة، وانتدبَ إلى "الرياض" ورافق الوفود إلى "تعز"، وكان له دور فعال في أحداثها.
وفي السَّنة نفسها نقل إلى المفوضية اليمنية بالقاهرة، ومثَل اليمن في الجامعة العربية وكثير من المؤتمرات الدولية.
وفي سنة 1377هـ/ 1958م، عين وزيراً في مجلس الاتحاد اليمني المصري، ثم نقل إلى "لندن" في سنة 1380هـ/1961م بوصفه وزيراً مفوضاً لليمن لدى المملكة المتحدة.
وفي أكتوبر سنة 1381هـ/ 1962م، شغل منصب وزير خارجية المملكة اليمنية في ظروف عنيفة لا يزال تيارها يعب ويَجْري.
نُشر له ديوان "النفس الأول" وديوان "علالة المغترب" وقد جمعنا في هذا الديوان معظم ما في الديوانين المذكورين ومختارات مِمَّا لم ينشر من شعره القديم والحديث.
وقد تعمدنا تجريد شعره من المدح والسياسة وما قد يثير خصاماً، أو ينكئ جراحاً.
ولا بد أن يلاحظ القراء أن "الشامي" قد سجّل في شعره كل خلجات روحه، ونبضات قلبه، وعبر عن آلامه وآماله، ونوازعه وأفكاره في كل فترة من فترات حياته الحافلة التي أوجزناها، ولقد ذكرنا إزاء كل قطعة شعرية اسم المكان والزمان الذي نظمت فيه ليَسْتَنْبِطَ الناقد والمؤرخ الدَّوافع الشعرية وأجواءها وأسرارها.
أما الحديث عن منزلة الشامي الأدبية فلن نزيد على ما قاله الشاعر إبراهيم الحضراني في مقدمته لديوان "النفس الأول" حيث قال :
"واليمن إذ تقدّمه تقدّم نهاية ما وصل إليه نموها". "الفكري والأدبي والحديث".
وأما الحديث عن نفسية "الشامي" الشاعر فقد صورها في مقدمة ديوانه "عُلالة المغترب" يقوله:
"لم يعرف الاستقرار، ولا خَلدت نفسه إلى مستقر. منذ أن عرف الحياة".
"دائماً يصبو إلى هدف، أو يهفوا إلى جديد، ودائماً".
"ينزع إلى مجهول، فلا يقف إلاّ على الحيرة والهباء".
"يشعر دائماً بالاغتراب، ويحس بأنه ناء".
"عن كل ما حوله.. بل عن كل ما ينطوي عليه".
"بين أهله وأحبابه، أو تائهاً في الآفاق".
"بين الناس، أو وحيداً شريداً".
"في انطلاقه وحريته، أو بين الحواجز والأغلال".
"دائماً.. هو المغترب النائي".
"مغترب في موطنه، مغترب في غربته".
"ولا نديم ولا سلوى، ولا مؤنس ولا عُلالةَ إلاَّ الشعر".
"يقرؤه أو يُغنيه فيخفف آلامه، ويجفِّف دموعه".
"ويصد به أشباح العذاب، ويستنزل به الرحمة والحنان".
"ويصور خلجات فكره، ولفحات آلامه، وحنين روحه".
"ويعلِّلُ أماني قلبه، ونزعات نفسه، ويُهَدْهِد صَبايا".
"آماله، وذكريات صباه، ويعوذ به من كل بلاء، ويُعْرب".
"به عن كلّ شعور جميل، ويُذكي به ناراً ونوراً".
"ولقد مارس الحياة أشكالاً وألْواناً، وخيراً وشراً، ونُعمى".
"وبؤسى، ولكن القلق الدائم.. والتَّوق إلى الجديد.. واستشفاف".
"المجهول.. والشعور بالاغتراب.. إلى هموم وهموم أبقته دائماً".
"صب الشعر، باكياً ناعياً، أو صارخاً داعياً، أو مفكراً أو لاهياً".
"وقد لا يذكر عنه الناس شيئاً – والجحود دائماً مقبرة".
"المخلصين. ولكنَّ أحداً لن يستطيع أن".
"يقصيَه عن زمرة الشعراء.. وكفى".
وبعد:
ففي هذا الديوان بكاء مع الأشقياء، وثورة على القساة، وتمجيد للرَّحمة، وتفنيد للأدعياء.. وتقريع للمنافقين، وإشادة بالبطولة، ودعوة إلى المجد، وتقديس للحق والحريّة.. إلى ذكريات استجرّها من ماض باك، أو خيالات استوحاها من أحلام بائدة.
ولقد كان الشاعر في كثير من الأحيان صريحاً في تعبيراته عن خوالج النفس البشرية وانفعالات الوجدان الإنساني مِمّا قد لا يستسيغُه بعض أهل الفضل من المتزمتين، أو من لم يتعمقوا في دراسة الأدب وطبيعة شعره قبل الإسلام وبعده.. ولن يسلم الديوان وصاحبه من لوم هؤلاء وأولئك: ولكن من ذا الذي لمْ يُلَمْ قطْ؟ ومن ذا الذي تفرد بالحسنى؟.
وفي الديوان قصائد لم يتقيد الشاعر فيها بقافية واحدة أو وزْن واحد وهذه الطريقة ليسَت جديدة على صاحب الديوان، بل إنه كان أول من مارسها من شعراء اليمن، ولكنه لم يسرف فيها إسراف أولئك الذين هبطوا بلغة الشعر ومعانيه وأوزانه إلى درك سحيق، بل ظلَّ "محافظاً" على نغمه الوزن العربي، وإن تعدّدت الأوزان، وتنوعَت القوافي، على أنه كثيراً ما يتعمد أن تكون "التفعيلات" متَّسقَة متناغمة في أوزانها وقوافيها.
إن ديوان "من اليمن" يضم معظم ما قاله "الشامي" من قصيد في مختلف الأغراض، ويعطي صورة صادقة للشعر اليمني في العصر الحديث؟.
أحمد الضَّالعي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :498  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.