مهلاً، فلا قاصيَ الدنيا ولا الدّاني |
يُجْدِي ولا أنا عن (لبنانَ) بالغاني |
أظَلُّ أذْرَعُ أرضاً حيثما اعترضتْ |
ولا أجانبُ جوّاً حيثُ يلقاني |
أَبْصِرْ بمثلي وأَسْمعْ، سوف تشْهدُني |
مكانتي تتعدّى حَدَّ إمكاني |
كأنّني الضوءُ سبَّاحاً بكلِّ مَدًى |
لولا الظّلامُ الذي ما انفكَّ يغشاني |
إذا قعدتُ أطارَ الوهمُ أجنحتي |
فليس يرنو إلى أجوازها الرّاني
(2)
|
أرومُ أطيبَ من (دنيا) وأجملَ من |
(أخرى).. ولكنْ حجابُ الغيبِ أعياني |
سأمْتُرُ العيشَ.. رؤيانا معبِّرةٌ |
والفرقُ تحصيلها في عينِ يقظانِ |
وجنّةُ الخلدِ آمالٌ، إذا امتنعتْ |
فكالثّمارِ إذا لم يَجْنِها جانِ |
* * * |
مياهُ لبنانٍ أشْراعٌ لِوارِدِها |
عينايَ تشربُ منها شُرْب هيمانِ |
لو امتصصتُ ثراها لم يزل ظمأُ |
بمهجتي غيرُ مَنْقُوعٍ ولا وانِ |
النّارُ في كَبِدِي -والماءُ في جَسَدي |
ولا سَواءَ.. فما الأمُرانِ سِيَّانِ |
* * * |
لبنانُ من عهدِ (حِيرَامَ) أخو مِتَعٍ |
ومنذُ أيامِ يونانٍ ورومانِ
(3)
|
الأرضُ مَعْثُونَةُ تَمْضي على كُرَب |
سُودٍ.. ولبنانُ يجري دون إعنانِ
(4)
|
حلواً كطِفْلٍ، رفيعاً كالعُلَى، عَبِقاً |
كالآس، منطلقاً سَبَّاقَ أقرانِ |
ألم يكن أُرْجُواناً كلُّهُ عَجباً |
والأرضُ تخْبِطُ في عَمْياءَ ألوانِ |
لئن تَعَشَّقَتِ الأربابُ قِمَّتَهُ |
ومَيَّزَتْها بأفْوافٍ وأفنانِ
(5)
|
فلن تعَشَّقَ نفس غيرَ صورتها |
تَحَجَّبَتْ أو انْجَلَتْ بعد كِتْمانِ |