شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تدويم.. وتهويم! (1)
في الأسبوع الماضي حصلت لي تجربة مثلى، كان المرض رائدها الأكبر. فمنذ نحو نصف شهر، وأنا لا أطعم إلاّ خمس لقيمات صغار كل يوم وليلة، وحاولت أن أتجلد، وأغريت إحساسي أن يتبلد، ولكن كل شيء له آخر.
وما كنت في حالة تقشف، فأنا في ستر من الله سبحانه.. انحراف في المزاج مقترن بسآمة روحية أنتجت كل ذلك عوامل أخرى جعلت من المطلب الجسدي المادي الغذائي أمراً ثانوياً مصروفاً عنه النظر، وغير جدير بالاهتمام مني.
فأصابني خواء، ثم أعقبه كل صباح قيء يذرعني حتى يستنزل ويستحلف كل ما في باطني.. وأتبع كل ذلك "دوار"، والعامة تسميه "دوخة"، فغدوت كلما مشيت خطوات ترنحت وتكفأت على وجهي.
لا شيء.. أجل لا شيء.. فقط.. الإكثار من الدخان والقهوة المرة والشاي والماء المثلج.. وهكذا استرسلت في خبال وإيغال..
ومع ذلك فقد كنت كأي خروف هائم في واد جديب.
لطف من الله جل جلاله.. رحمة وابلة، اختبار صغير.. حقاً إن الدنيا بكل مفاتنها في أمثال هذه الحالات العارضة لا تساوي في عيني الإنسان المدنف العليل ريشة طارت أم وقعت.
دنيا كاسمها دنيا!
لكن الحياة لا تدرك أنها حياة حقاً إلاّ من خلال هذه التجربة إذا وخزتك بنصالها ورشقتك بنبالها.
الحياة الطبيعية لا يتذوقها أحدنا وهو يتزلج على هينها ولينها رهواً، ذلك لأن شعوره قد برد على ذلك ومرن، وجزم أنها غدت سنة من السنن.
استرسال بلا ملال وجمود وخمود.. ووتيرة غلابة، ونمط موضوع.. حتى إذا ريع أحدهم -لا ريع- برائعة في نفسه أو أهله تفاجئه على غير مثال، وبلا سبق موعد.. عندئذ ينكشف الغطاء المزيف، وتبدو الحياة على حقيقتها الصحيحة التي لا خدعة فيها، وإن كنا نحن بأوهامنا نحسب أنَّا بالحياة من المخدوعين.
كل ذلك، وأضعاف ذلك مما أنسيته الآن خطر على بالي، وأنا يدي بيد الصديق الكريم زميل العمل الأستاذ صدقة عاشور في طريقنا إلى عيادة الدكتور عبد العزيز كردي بعد العصر، حتى إذا ولجنا باب غرفته التي يستقبل فيها مرضاه، لاقانا بالبشاشة والترحاب.. وأجرى علي فحصاً طبياً جيداً، واستعلمني عن أشياء فأجبته بكل صراحة..
وحينئذ حدَّد لي نوع مرضي، وكان على جانب من الخطورة، وكتب الوصفة، وحماني عن أشياء، وأمرني بالاستكثار من عصير الليمون.. ونصحني بالمسلوقة بلا دهن..
المهم.. هذه أمور قد لا تهم القرّاء، لولا أنني كدت أحتجب عنهم هذا الأسبوع، وكنت أوعزت إلى من يقوم بأعمال مكتب البلاد بمكة أن ينوّهوا عن مرضي ليعذرني القرّاء، وهؤلاء الذين تترى عليَّ رسائلهم للبريد الأدبي والشخصي، ولأولئك الآخرين.. هذا يهدي إلي قصة، وهذا يبعث إلي بأسئلة.. ليعلموا أني معذور جد معذور.. والتحيات إليهم جميعاً..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :446  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .