شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أدوية تمرض وتفقر (1)
يرحم الله "بدراً" الذي يقال له في الأمثال العامية: "كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا". فما بدر بالنسبة إليَّ وإلى المرضى من عامة الناس؟
اختارني الله لعدة أمراض عجيبة لا أعالجها إلاّ وازددت ارتكاساً فيها، وإذا كان شارب الخمر يتداوى منها بها كما يقول شاعر قديم، فإني ما تداويت من مرض إلاّ انقلبت بمرض أعضل منه.
لكن الصبر على أي مرض مهما يكن أهون ألف مرة من معاناة الأدوية وشرائها، وإذا كان الطب الحديث لم يثبت خيبته إلاّ فيّ أنا على سبيل الشذوذ عن القاعدة مثلاً، فإني لأعتبر الأدوية مجزرة فظيعة تنعدم فيها كل وسائل الرحمة الإنسانية.
لقد سبق أن اشتريت خمسة أدوية بنحو خمسة وستين ريالاً، وبعدها ابتعت ثلاثة أدوية فقط بخمسين ريالاً.
ولقد سمعت يوماً أعرابياً فقيراً يقدم وصفة إلى صاحب صيدلية، ثم يقول له:
"أهب.. أبك ما تخاف الله هذي العليبة بسطعشر ريال.. حرام عليكم!".
وكان منظراً يغري بالضحك لولا أنه كالضحك في الجنازة!
وخرج الأعرابي وورقته في يده، وكأنه يحمل كتابه بشماله في يوم الحساب!
وستة عشر ريالاً مبلغ يكفي لقوت الأعرابي وأهله لمدة تنيف عن أسبوع، وإذا أنفق هذا المبلغ في دواء فائدته غير مضمونة كان أجهل الجاهلين.
ولننظر إلى الجهة المقابلة، فنجد الطبيب.. الحارث بن كلدة إن كان عربياً، أو جالينوس إن كان أعجمياً.. وقد تقلد سماعته، وشمَّر أكمامه عن ساعديه وطفق يكتب الوصفة بالحروف اللاتينية بدون إقامة وزن أو مجرد نظر إلى هذا الذي يكتب الوصفة من أجله أهو شيخ فقير؟ أم امرأة مسكينة؟ أم غلام لا عائل له؟ ماذا يهم؟ ليكن ما يكون، ثم يصفعه بالوصفة التي جلت عن الوصف.. صفعة تذكرنا بمهجو ابن الرومي الذي قصرت أخادعه وطال قذاله.
أما الصيدليات فإن الصفعات لديها مهيأة ومتوفرة في أشكال من العقاقير وشكوك من الإبر ذات أثمان مطلقة من كل قيد كأوابد امرئ القيس!
ويذهب المنكود إليها، فيتلقى من أواخر الصفعات ما ينسيه أوائلها، فهل تراه "يحسّ أوائلها"، فهل تراه "يحس ثانية بها فيتجمع"؟ أم يذهب من هول ما يرى متفرقاً كل عضو منه في وادٍ مثل "ثعلبة" كما يقول المثل المشهور؟
فإذا تذكر المرء، وهو ذاكر غير شاكر، أن كل إبرة يتبعها ريالان أجرة ضربها على أقل تقدير وأن هذه الأدوية غير ذات نجاح محقق، وإذا نجحت فبنسبة 10% فماذا تراه يصنع؟
أدوية تفقر وتمرض.. أليس كذلك؟
فإذا لم تكن كذلك، فزدني صفعاً بتكذيب واحد فوق ما أنا مصفوع؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.