شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام
الشيخ محمَّد محمود الصواف
ربما يعجب بعض القارئين ممن خلت أذهانهم بعض الشيء.. عن مخططات الاستعمار وعن الخطر الصليبي الجاثم باستمرار في وجه الأمة الإسلامية: ربما يعجب هذا البعض عندما يلاحظ تكرار الحديث عن المؤلفات التي تتكلم عن الاستعمار:
فإن كان هنالك -حقاً- من يعجب لذلك.. لسبب أو لآخر فإننا نقول له في وضوح إن هذا الاستعمار يا أخي! لا يكل ولا يمل.. لا من الحديث فحسب عما يجب أن يصنعه مع عدوه الألد: الإسلام! وإنما من العمل الدائب المستميت وفي كل وقت سراً وعلانية، دون أن يجد أمامه -على أي حال- من يقول له: "قف" أو يسأله: لماذا؟
وللاستعمار -يا أخي- مع الإسلام في كل يوم حادث، وفي كل ساعة حديث.. بل إن اهتمام الاستعمار بالإسلام يكاد يفوق اهتمام المسلمين أنفسهم بإسلامهم، أفيكون أحدنا مبالغاً.. أو مكثراً، عندما يحاول ألا يتجاهل الواقع؟ أو يتناسى الأحداث؟
كلا ليس في الأمر أية مبالغة.. إن كان يوجد من يقول بهذا القول؛ أو يتصور هذا التصور من ضحايا الغزو الفكري المستتب.. أولئك الذين أخذت بمجامع قلوبهم حضارة الغرب، وفلسفات الغرب، مخدوعين في ذلك بما يبدو على هذه الحضارة وعلى هذه الفلسفات من بريق ولمعان!
أما بعد فهذا كتاب جديد يلقي الأضواء الكاشفة حول المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام..
إنه كتاب يضع النقاط على الحروف كما يقولون..
إنه كتاب لا نشك في أن الكثيرين ممن سيمرون بعرضه هذا المجمل سوف يقولون -ولهم عذرهم- إن هذه الحقائق الواردة فيه: تفوق الخيال، ونحن معهم نقول ذلك أيضاً.. وإذن فأي حقد هذا؟ أو أي عداء هذا؟ أو أي عالم هذا -يا أخي- هذا العالم الذي يعيش فيه المسلمون: عالم المخططات الاستعمارية؟!
مخططات الاستعمار الرهيبة
إن المؤلف في هذا الكتاب يتناول بالبحث الشامل مخططات الاستعمار الرهيبة.. فتشعر وأنت تقرأ الكتاب بمدى الجريمة الشنعاء يتمادى فيها أصحاب هذه المخططات.
والغريب اتفاقهم عليها روحاً ووجهة وغاية على اختلاف منازعهم وعقائدهم وأهوائهم، وعلى ما بينهم من عداوات وخصومات، وحزازات وأحقاد!
فالمسيحية هي العدوة اللدود لليهودية منذ القديم، والعهد الجديد بأناجيله الأربعة كلها يقول بأن اليهود هم مرتكبو جريمة قتل المسيح عليه السلام -بزعمهم- غير أن المسيحية في القرن العشرين لا ترى بأساً من تكذيب كتابها المقدس لتحاول بذلك أن تكسب اليهود الصهيونيين ليقف الجميع صفاً واحداً دائماً وفي كل وقت في حربهم الطاحنة ضد الإسلام.
والشيوعية هي من ناحية أخرى الخطر الأكبر الذي يخشاه الغرب الرأسمالي ويحاول تجنيد العالم كله من أجل محاربتها.. غير أن الغرب لا يرى بأساً.. بل هو يرى من الوجوب أيضاً أن ينقلب صديقاً حميماً للماركسية عندما تقف بإزاء الإسلام! ولعلّنا لم ننس بعد كلمة ذلك المستشرق "لورانس براون" التي نقلها الأستاذ محمد الغزالي في كتابه "معركة المصحف في العالم الإسلامي" والتي يقول فيها بكل صراحة: "لقد كنا نتوجس الخوف من شعوب مختلفة لكننا بعد طول الاختبار لم نجد ما يبرر قلقنا.
خوفونا بالخطر اليهودي.. وبالخطر الشيوعي.. وبالخطر الأصفر.. إلاّ أن هذه المخاوف لم تستند إلى أساس، لقد وجدنا اليهود أصدقاءنا.. والبلاشفة حلفاءنا.. ومن ناحية الخطر الأصفر.. فهناك دول كبرى تتكفل بالقضاء عليه..
إن الخطر الحقيقي يكمن في نظام الإسلام لأنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي..".
وإذن.. فسنجد في هذا الكتاب، أو على الأصح في بعض ما تتسع له هذه الصفحة من الجوانب التي تناولها المؤلف بالإشارة والتنويه، سنجد أي مخطط هائل هذا الذي يتمشى عليه الاستعمار منذ القديم بالنسبة للإسلام والمسلمين؟!
يبدأ المؤلف حديثه فيقول: نظر الأعداء إلى حربهم معنا بالسيف فرأوا أنها حرب خاسرة، أكلت شبابهم، وأفنت رجالهم، وقضت على أحلامهم وآمالهم، وأخيراً جاء صلاح الدين الأيوبي -عليه الرحمة والرضوان- فحطم آخر أمل من آمالهم وطردهم من ديار الإسلام شر طردة، وأصلح ما كانوا قد أفسدوه، وبنى ما كانوا قد هدموه، وأعاد للإسلام شبابه ومجده.. أما الصليبيون الغادرون وأعداء الإسلام في كل مكان فكادت الحسرات والزفرات تقطع نياط قلوبهم السوداء التي ران عليها والتي أكلها الحقد والحسد والغيظ والحنق على الإسلام.
نظر هؤلاء الأعداء إلى حربهم معنا بالسيف فرأوها حرباً خاسرة.. إلى أن يقول: فكر هؤلاء الأعداء فأجمعوا على أن سر نهضتنا إنما يكمن وراء ديننا.. وإن الإسلام هو مبعث وحدتنا وقوتنا.. ثم أجمعوا أمرهم وقالوا: تعالوا نهدم بنيانهم بهدم إسلامهم، فنحاربه في نفوسهم.. ونضعفه في قلوبهم.. وننفرهم منه.. ونبعدهم عنه.. ونشغلهم بمبادئ أخرى.. ونفرق كلمتهم ونشتت شملهم.. ونرجعهم كما كانوا قبل الإسلام أمماً وشعوباً وقبائل وعشائر وحمائل وفصائل.. وعملنا هذا كفيل بسيطرتنا عليهم.. واستيلائنا على ديارهم وانتصارنا على قواعدهم وحصونهم.. ومن هنا يؤتون.. ولا يمكن أن ننتصر عليهم، أو نتغلب عليهم في معركة مهما قويت ومهما أعددنا لها من عدة وعدد ما داموا ملتفين حول شريعتهم، وهي سر عظمتهم، فعلينا بهدمها.. وهدمها كفيل بهدم بنيان المسلمين في كل مكان.
تعاون من أجل هدم الإسلام
أجمعوا أمرهم على هذا وتآمروا على الإسلام، ثم انطلقوا يضعون المخططات ويرسمون الخطط لتنفيذ ما اتفقوا عليه، ومن هذه المخططات التي أجمعوا عليها وانتصروا بها:
1- فتح المدارس الأجنبية في سائر ديار المسلمين وتكثيرها وتنويعها.. ففتحوا المدارس التي كمن التبشير والاستعمار في طيات كتبها المسمومة الخ..
2- ومنها.. من هذه المخططات إرسال البعوث وتكثير الإرساليات التبشيرية لتنشر مكامن التبشير في كل مكان، وتشكك الشباب المسلم في دينه وعقيدته، وتحيطه بسياج من أوهامها وضلالاتها، ومن وسائلهم فتح المستشفيات والمستوصفات ودور التمريض..
3- ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين إلى ديار الغرب لينهلوا من ثقافته المسمومة هناك.
4- ومنه نشر الكتب المفسدة العابثة المضللة التي تشغل الشباب عن ثقافتهم الأصيلة وتلهيهم بالعبث والخيال الماجن الذي سيجرهم إلى المجون والجنون.
5- ومن هذه المخططات السيطرة قدر المستطاع على برامج التعليم في الديار الإسلامية وتوجيه التعليم توجيهاً علمانياً، لا يؤمن بدين، ولا يصدق برسول، وينطلق نحو الإلحاد والفساد.
6- ومنها نشر المجلات الخليعة، المشحونة بما يثير غرائز الشباب.. الخ.
ومن هذه المخططات.. العمل على إلغاء المحاكم الشرعية في ديار المسلمين ودور الإفتاء، والسيطرة على أوقاف المسلمين ونشر القوانين الوضعية الخ..
ومنها: تشويه حقائق الإسلام ووضع الإسلام في قفص الاتهام والتركيز على القرآن الكريم وتوجيه الهجوم عليه وترجمته لغرض محاربته.
ومنها توجيه الأدب والأدباء والصحافة وجهة علمانية لا دينية، والسيطرة على دور النشر والتوزيع وإنشاء دور ضخمة للطباعة والنشر والتأليف تتولى نشر ما يريده الاستعمار ورجاله في أوساط المسلمين، وقد أنشئت فعلاً في بعض العواصم الإسلامية كثير من هذه الدور.
ومن هذه المخططات: تشويه التاريخ الإسلامي والتشكيك في حوادثه وإبراز الجوانب الضعيفة أو المؤسفة فيه.. الخ..
ومنها: إنشاء المذاهب والمبادئ الهدّامة: كالماسونية والبهائية والقاديانية وغيرها، وإشغال المسلمين بها، وإخراجهم من دينهم بواسطتها، وإنشاء الأحزاب السياسية المتنافرة والمختلفة المبادئ والاتجاهات بزعامات فارغة.. يوجهها رجال من الشرق وهم جميعاً أعداء الإسلام..
ومنها العمل على إفساد المرأة المسلمة.. ثم إخراجها باسم الثقافة والحرية والديموقراطية سافرة ومتبرجة وجعلها أحبولة الفساد في المجتمعات الإسلامية..
ومنها: محاربة اللغة العربية الأصيلة والدعوة إلى العامية، أو الدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينية لقطع الصلة بين ماضي المسلمين وحاضرهم وضياع كنوزهم العلمية التي تركها لهم سلفهم الصالح وكانوا بها خير أمة أخرجت للناس.
ومن هذه المخططات: اتفاق الاستعمار والصهيونية العالمية على مكافحة الإسلام ووضع قدم للاستعمار في فلسطين قلب البلاد الإسلامية بواسطة اليهود، وباسم العطف على قضاياهم وشعبهم المنكوب، وتحويل قضية فلسطين من قضية إسلامية مقدسة إلى قضية قومية لا ارتباط لها بالإسلام..
ومن هذه المخططات وأهمها وأخطرها إحياء العاطفة القومية وإثارة النعرات القومية بين المسلمين تلك العاطفة التي قضى عليها الإسلام وأماتها منذ العهد الأول من الرسالة المحمدية الخالدة.
الإسلام والنعرات
أمات الإسلام جميع أصناف هذه النعرات والعصبيات، وأحيا أخوة الإسلام وربط الناس برباط الإيمان وجمعهم على دعوة القرآن؛ أكرمهم عند الله أتقاهم، وأقربهم إلى الله أصلحهم.
ولكن الغرب العدو قرر إحياء هذه العصبيات، وبذل الجهد والمال؛ وبث الرجال من وكلائه في ديار الإسلام حتى يعملوا على نشر هذه العاطفة القومية التي من شأنها أن تبعد المسلم العربي عن أخيه المسلم الأعجمي، وتنشر بينهم هذه العصبية التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاربها الإسلام: "ليس منا من دعا إلى عصبية" وتعيد هذه الفكرة عصر الجاهلية الأول.. وهذه الفكرة وحدها قمينة بتفتيت وحدة المسلمين، وكافية لتمزيق شملهم، وتفريق كلمتهم، وإشاعة العداوة والبغضاء بينهم وقد كان للغربيين الصليبيين ما أرادوا..
القومية وعناصرها
ويتابع المؤلف حديثه مفصلاً عن القومية وعناصرها، والمواد المكوّنة لها، وعن اختلاف القوميين حولها، وينتهي من ذلك إلى إيضاح أن نظرية العرق -أي الجنس أو العنصر- وكذلك "اللغة الواحدة" ثم التاريخ والأرض والمصالح المشتركة وهي العناصر المكوّنة للقومية.. كلها لا تصلح أساساً ولا قاعدة للفكرة القومية نفسها، نظراً للاختلاف الواقع في هذا الصدد بين القوميين أنفسهم.. ثم الفكرة القومية نفسها لا تصلح أساساً لوحدة الأمة العربية في هذا الزمن.
إذن ماذا؟
يقول المؤلف: الذي يسود الشعوب اليوم، ويجمع بينها إنما هو العقائد، والحرب حرب عقائدية منذ القدم.. وقد انتهى عصر القوميات والصراع السياسي في عصرنا الحاضر الذي نعيش فيه، ولا يقوم ولا يتركز على أساس من القوميات وإنما يقوم -كما هو مشاهد وملموس- على المذاهب السياسية العقائدية فالشيوعية ليست قومية بل تضم أقواماً من عدة أجناس من شرقي أوروبا وأقصى جنوب آسيا الخ الخ..
وكذلك الحال بالنسبة للرأسمالية فهي ليست قومية لأنها تضم أنواعاً مختلفة وشعوباً متباينة من أوروبا وآسيا.. وحتى دول أفريقيا التي استقلت حديثاً وتخلصت من ربقة الاستعمار الغربي الرأسمالي البغيض فإنها لم تتجه في نهضتها إلى القومية. ثم يقول المؤلف:
العالم العربي اليوم، وهو يموج بالفتن ويضطرم بالمشاكل، وتهتز الأرض من تحت أقدامه، وتتزلزل، وتكاد تهبط به السماء؛ أو تهوي به الريح في مكان سحيق.
هذا العالم المضطرب في حاجة قصوى إلى عقيدة روحية تعمر قلبه، وتجمع شمله، وتوحد صفه وترجع به كما كان أمة واحدة، تقف أمام الأحداث صفاً واحداً، تدفع عن نفسها وشرفها وكرامتها وتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، وأقسط أمة، وأقوم أمة، والعقيدة هذه ليست غريبة عنها.. فهي منها وإليها، ولقد كانت هذه الأمة العربية أول من سبق إلى اعتناق هذه العقيدة، وأول من حملها إلى الناس.. وبهذه العقيدة الربانية الروحانية الإسلامية انطلقت الأمة انطلاقتها المعهودة، وبها بشرت.. وعنها أخذت.. ومنها اقتبست.. فما عليها إلاّ أن تعود إلى سالف عقيدتها.. ليعود إليها سالف مجدها وعزها وسؤددها.
ليس العرب دعاة عصبية
ويمضي المؤلف في حديثه الفياض في هذه الناحية من نواحي الموضوع إلى أن يقول: لم يكن العرب يوماً من الأيام منذ أن آمنوا برسالة الإسلام دعاة عصبية، ولا دعاة قبلية، ولا أنصار جاهلية، فقد فارقوا هذه الأمور والمعاني وعافتها أنفسهم منذ أن اعتصموا بحبل الله المتين وآمنوا بأخوة الإسلام، وأنها فوق العصبيات وفوق العنصريات الضيقة، لذا تراهم لم يستأثروا برسالة الإسلام التي اختارها الله لهم واختارهم لها، بل هم وغيرهم فيها سواء.. ولقد قدروا وقدموا الصالحين الصادقين من غير العرب، وأوصلوهم إلى أعلى المناصب والمراتب العلمية والدينية والسياسية والإدارية..
ثم يقول المؤلف: إننا لا نحارب القومية لمجرد أنها قومية فذلك من خطل الرأي وفساد العقل، لا نحارب القومية بصفتها الرابطة الجنسية التي يرتبط فيها الإنسان ببني جنسه وقومه ووطنه.. فالقومية بهذا الاعتبار حقيقة فطرية قائمة بيننا جميعاً، والإنسان يساق إلى مثل هذه الرابطة بحكم فطرته وغريزته وجبلته التي فطره الله عليها..
كما أننا لا نحارب القومية بمعنى أن الإنسان يحب أمته ووطنه ويتمنى لهما الرقي والتقدم والازدهار والعزة والفخار والمجد الدائم.
ونحن كذلك لا نحارب القومية ولا نعاديها ولا نخاصمها بمعنى أن تطمح كل أمة في الأرض إلى استقلالها وحريتها الخ..
إننا نحارب القومية المجردة التي يتخذها بعض القوميين عقيدة يستبدلونها بعقيدة الإسلام، ويستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير..
ولا يفوت المؤلف الفاضل في حديثه هذا المتزن عن الفكرة القومية.. أن يشير إلى الشعوبية والشعوبيين!..
أولئك الحاقدين على العرب بالوراثة فيقول في هذا الصدد: في الوقت الذي نحارب فيه هذه الدعوة الباطلة إلى الإيمان بالقومية العربية مجردة عن الإسلام، ففي الوقت نفسه نحارب الشعوبية الظالمة التي قام بها بعض الحاقدين على العرب من علماء أجانب في القرن الثالث الهجري ممن لم يشرح الله صدورهم للإسلام، فأظهروا الإسلام نفاقاً ثم أخذوا يكيدون له، بالكيد لجنده وحملته من العرب المسلمين الذين اختارهم الله لحمل رسالته الخالدة، وبغض العرب نفاق، وحربهم لأنهم عرب أشد الضلال.
الكنيسة تتعاون مع الاستعمار
وينتقل المؤلف إلى فصل عنوانه "الكنيسة تتعاون مع الاستعمار" يقول فيه: من المؤسف حقاً أن نجد الكنيسة، مع رجال الاستعمار يسيرون جنباً لجنب، لمكافحة الإسلام وحرب مبادئه.. وصد الناس عنها.. وكان المؤمل العكس، فالكنيسة المفروض فيها أن تكون صاحبة رسالة، ورسالتها الإيمان بالله ودعوة الناس إليه، وأنها يجب أن تحترم وتقدس جميع الأديان السماوية، فكيف يسوغ لها أن تحارب ديناً يدعو إلى الإيمان بالله وحده..؟ ويحارب الإلحاد والإباحية والفساد في الأرض..؟
وفي هذا الفصل يتحدث عن المؤتمرات المسيحية لمكافحة الإسلام في القديم، وفي الحديث..
ثم يتحدث في فصل آخر عن مكافحة القرآن في القديم والحديث..
ثم.. عن اتهام الإسلام من قبل أعدائه الكثيرين: اتهامه بالباطل، وتشويه حقائقه الناصعة المشرقة، ووضعه موضع المتهم أمام خصومه الألداء، وكل ذلك في اتفاق مبيت وتدبير محكم.. بين المستشرقين والمبشرين، وهم رسل المستعمرين، والمستأجرون لمصالحهم السياسية من شرقيين وغربيين أمريكيين وأوروبيين. ثم يتحدث عن الدور الذي لعبته الخصومة ضد الإسلام عندما استخدمت التبشير ليمهد لاستعمار الشعوب الإسلامية.
ثم يعود إلى موضوع اتهام الإسلام فيشير إلى نماذج من هذه الاتهامات كاتهامه باستخدام الرقيق وإقراره للرق، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العكس هو الصحيح بالنسبة لاتهام الإسلام في مسألة الرقيق.
الافتراءات على الإسلام
ثم يشير المؤلف إلى أن من وسائل الاستعمار ومخططاته لمكافحة الإسلام، شن الافتراءات على الإسلام، وتشويه حقائقه تحت ستار العلم والبحث العلمي المجرد.. وزرع الشك في الجيل المسلم في صلاحية دينه لهذا العصر وزعمهم بأن الإسلام لا يتفق مع العلم، وأكبر من قام بهذا الافتراء المدرسون المستشرقون المتعصبون المستأجرون من أقلام المخابرات في دول الاستعمار.
... ومما يسعى إليه الاستعمار.. يقول المؤلف؛ تمهيد عقول الشباب المسلم وفتياته للغزو الفكري الاستعماري مهما كانت أشكاله وصوره، ما دام يهدم بنيان الإسلام من شيوعية، أو رأسمالية؛ أو اشتراكية أو داروينية متشككة ملحدة، أو غير ذلك.. والمستعمرون مهما اختلفت سياساتهم فهم متفقون على أن الإسلام لا يصلح أن يبقى في الوجود لأنه خطر على مصالح جميع المستعمرين.
كذلك: إشاعة الانحلال الخلقي في الشباب والفتيات من الأهداف التي خطط لها الاستعمار ويسعى دائماً إليها.
كذلك يشجع الاستعمار الأدب الإباحي والأدباء والشعراء الإباحيين.
ويمدهم بكل أسباب القوة، ويعمل على نشر مؤلفاتهم وإلقاء الأضواء عليهم ليجعل منهم للشباب "المثل الأعلى!" ومن أعظم دسائس الاستعمار، وأخطر مؤامراته ومخططاته التي أراد بها تهديم المجتمع الإسلامي، والإتيان عليه من القواعد، هو ما ألقاه في أذهان كثير من شبابنا المتعلم الذي رضع في ديار الغرب وتعلم هناك، وما روجه المستشرقون بأساليبهم الماكرة، وما نشره كتابهم الاستعماريون في أكثر ديار الإسلام التي اتصلت بالغرب اتصالاً مباشراً، وأخذت عنه الكثير من ثقافته، وهذا الزعم الباطل هو أن من أكبر أسباب انحطاط المسلمين وتخلفهم عن ركب الحضارة إنما هو تمسكهم بدينهم، وهم يزعمون بأن الدين عموماً، والإسلام بصورة خاصة، لا يتفق مع العلم.. والتمسك به لا يؤدي إلى التقدم والتطور، بل يقف حجر عثرة في سبيل ذلك كله، وقد تأثر بهذا الرأي كتّاب ينتسبون للإسلام ولكنهم قد أجروا أقلامهم للاستعمار وأذناب الاستعمار، وقد فات هؤلاء الدساسين الذين رضعوا ألبان الغرب الفرق الشاسع بين دينهم وديننا، وأنه إذا كان دينهم هناك ورجال الكنيسة قد حاولوا عرقلة النهوض في فترة من الزمن، وقادوا حركة التخلف، ومناهضة التقدم الحضاري.. فإن ديننا بفضل الله ثم بفضل علمائنا الواعين الذين أقاموا صرح الحضارة الإسلامية الخالدة في التاريخ هم الذين أنهضوا العالم من كبوته بعد أن كان يغط في سبات عميق وجهل سحيق.. إلى أن يقول أيضاً: وفات هؤلاء الدساسين أن طبيعة المسيحية تختلف عن طبيعة الإسلام في موقفها من العلم والحضارة، فالمسيحية ديانة كهنوتية -أي لها رجال كهنوت يتكلمون عن الله ما لم ينزل به سلطاناً، فيحجزون الأفكار، ويحلون ويحرمون.. ويزعمون لأنفسهم السيطرة على ضمائر الناس وقلوبهم، وها هم قد برأوا اليهود من دم المسيح.. واتخذ المجمع المسكوني ذلك القرار اليهودي الماكر، أما الإسلام فليس فيه كهنوت.. وليس لأحد، كائناً من كان، أن يقول: هذا حلال وهذا حرام إلاّ بنص من كتاب أو سنة.. وإلاّ رد قوله في وجهه.. ولم يؤخذ عنه.. ولا منه.
الإسلام والنصرانية لا يتفقان أبداً
والإسلام والنصرانية يختلفان في كل شيء.. لذا كانت هذه الدعوة "فصل الدين عن الدولة" من قبل المستعمرين وأذنابهم من أخطر الدعوات وأخس المؤامرات..
وفصل الدين عن الدولة يعني أن تقطع الصلة مع تشريعاتنا التي جاءت لتنظم حياتنا.. وأن نكون كما وقع بالفعل عالة على الغربيين وغيرهم في النظم والقوانين.
وعندما يئس أعداء الإسلام من الدس والتشكيك في كتاب الله الذي لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ (فصلت: 42).. اتجهوا نحو المصدر الثاني من مصادر الشريعة الغراء.. وهو السنة المطهرة، محاولين بذر بذور الشك فيها من ناحية، ظانين أنهم بذلك يهدمون أهم الأسس في بنيان الصرح الإسلامي!
يقول المؤلف الفاضل: وقد بدأت هذه المحاولات اليائسة منذ القديم ثم استمرت في مختلف العصور واشتدت وبرزت في عصرنا هذا فدعا لها دجالون ورددها أغبياء جاهلون، أدعياء للإسلام، ولكن الله العظيم الذي حفظ كتابه هو الذي حفظ -وسيحفظ- سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومما سلكه أعداء الإسلام في سبيل هدم السنة والتشكيك فيها هو إثارة الشبهات حول أكابر رواتها وحماتها ومدونيها، كما أثاروا الشبهات حول الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- والإمام محمد بن شهاب الزهري وهو الإمام الحجة الثبت الذي دون السنة في عهد عمر بن عبد العزيز بأمر منه.. فهذا الإمام الجليل لم يتورع شيخ المستشرقين في القرن الماضي -كما يذكر المرحوم مصطفى السباعي- وهو يعني به ذلك المستشرق اليهودي "جولد تسيهر".. لم يتورع هذا اليهودي من أن يتهم الإمام الزهري بأنه كان يضع الأحاديث إرضاء للأمويين..
ومن أخطر ما شوهه الاستعمار الغربي والتبشير من حقائق الإسلام، وتاريخ الإسلام، ومبادئ الإسلام هو تشويههم لمعنى الجهاد في الإسلام، والأغراض النبيلة التي فرض الجهاد من أجلها، والأهداف التي توخاها الإسلام في فتوحاته فليس الجهاد في سبيل الله -في نظر الاستعماريين والمبشرين- إلاّ حمل المسلمين السيف لإكراه الشعوب غير الإسلامية على الدخول في الإسلام! وهذه فرية.. يقول المؤلف: يكذبها واقع تاريخ المسلمين، وكتاب رب العالمين قال تعالى أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (يونس: 99) ويقول سبحانه: فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (الغاشية: 21-22) ومع هذا فقد شاعت فكرة قيام الإسلام بالسيف والقوة حتى أصبحت عند بعض الغربيين أن شريعة السيف وشريعة الإسلام شيء واحد ودخلت هذه الفرية على كثير من كتاب المسلمين أنفسهم.
افتراءات على الجزية
ويتناول المؤلف موضوع الجزية في الإسلام وما طعنه به أعداؤه بشأنها من زعمهم أنها دليل على الظلم والقهر والاضطهاد، وإنكارهم فضل الإسلام في الجزية، إذ ترك أهل الكتاب أحراراً في دينهم وإقامة شعائرهم، وإذ نظم الجزية تنظيماً حكيماً، وجعلها جزءاً من نظام التكافل الاجتماعي..
ويقول المؤلف في موضع آخر: ولو كان الجهاد في الإسلام لإجبار غير المسلمين على الدخول في الإسلام -كما يقول خصومه- لاكتفى الجيش الإسلامي بتخيير العدو بين أمرين: إما الإسلام.. وإما القتال.. ولكنه جعل بينهما دفع الجزية ليكون الخيار لهم في البقاء على دينهم أو الدخول في الإسلام.
والحق أن هذه الفرية، فرية قيام الإسلام بالسيف، ما تزال شائعة -كما يقول المؤلف- لدى بعض المسلمين فكأنهم بذلك يتابعون أصحاب هذه الفرية الظالمة من حيث لا يشعرون!
ومن الموضوعات التي عرض لها المؤلف: موضوع "إلغاء الخلافة الإسلامية" بفعل دسائس ومؤامرات الاستعماريين والصهيونيين وهو يفيض القول في هذا الموضوع ويأتي بالكثير من الحقائق المذهلة والصارخة مما لا نشك في أن الكثيرين أصبحوا يجهلونه الآن.. فتسجيل المؤلف لهذه الحقائق.. يعتبر في الواقع تاريخاً -كما يقولون- لما أهمله التاريخ!
ومن موضوعات الكتاب أيضاً "وجه الأدب والصحافة" "إحياء الحضارات القديمة لطمس حضارة الإسلام" "السيطرة على الدوائر الإسلامية" "إلغاء المحاكم الشرعية" "مؤتمر سوفييتي لملاحقة الإسلام من جديد" "مخططات الاستعمار في أفريقيا" "الإنكليز والمبشرون" "إثارة النعرات الطائفية" "طريقة الغرب في الاستيلاء على الأمم" "بواعث التبشير الحقيقية" "حقيقة الماسونية" "التعليم والتبشير" "المجتمع الإسلامي.. الأوروبي بين السفور والاختلاط" "المؤامرة الكبرى" "القاديانية" "حقيقة القاديانية" وغير ذلك من الموضوعات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1987  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل