شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( أسئلة موجهة للضيف الكريم ))
- سؤال من الأخ الأستاذ أمين عبد السلام الوصابي يقول: كان قديماً يقال إن الشعر ديوان العرب أي بمعنى أن الشعر كان يؤرخ الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها، هل لا زال الشعر في الوقت الحاضر يحمل هذا الدور؟ أو أن الإعلام نافس الشعر في الوقائع التاريخية في العصر الحاضر؟
شكراً للأخ الكريم السائل، على هذا السؤال الذي يتكرر دائماً وباستمرار، نحن نعلم جميعاً أن لكل أدب من آداب الأمم نوعاً مميزاً بارزاً يطفو على الأنواع الأدبية الأخرى، أدب الإغريق، نعرف أن فن الأدب المسرحي كان يغلب فيه على الأنواع الأدبية الأخرى مثلاً، بالنسبة للأدب العربي عبر عصوره الطويلة ظل الشعر هو النوع الأدبي المميز في الأدب العربي لظروف درسناها جميعاً ونعلمها جميعاً، ولا حاجة للاسترسال فيها.. إن الشعر يحظى بعناية خاصة عبر أجيال من قبل الأمة العربية، ونحن قرأنا ونعرف أن كل قبيلة كان يولد، ويوجد فيها شاعر كانت تحتفل به احتفالا كبيراً، هذا كلام معروف للجميع، كان الشعر هو الفن الوحيد في الماضي وحتى فترة قريبة من القرن العشرين، كان أيضاً الشعر يحتفظ ببريقه الكامل لكن طرأت عوامل اتصالات كثيرة ظهرت الإذاعة، الصحافة، التلفزيون، والآن القنوات الفضائية، فتراجع دور الشعر وانحسر لم يعد الشعر يحتل نفس المكانة التي كان يحتلها في الماضي نتيجة عوامل كثيرة ومتجددة، أريد أن أشير إلى أن الشعراء أنفسهم ساهموا في إنحسار المكانة التي ظل الشعر العربي يحظى بها عبر الأجيال، الشعراء الجدد، الشعراء المحدثون، لقد دخلوا بالشعر العربي إلى طرائق مسدودة ودهاليز لا تفضي إلى آفاقه، نفتح الآن الدوريات الأدبية ونقرأ الملاحق الأدبية في الصحف فلا نجد إلا ما يسمى بقصيدة النثر، أين القصيدة العربية بقالبها الموروث الأصيل؟ لقد انحسر مكانها، أشعر أن مدعي الحداثة يسيطرون الآن، واسمحوا لي أن أقول هذا بصراحة، يسيطرون الآن على المنابر الأدبية والثقافية والإعلامية، وهم لا يفسحون مساحة ولو بسيطة للشعر العربي الأصيل وأنا أتابع ما ينشر باسم الشعر وليس بشعر، ورغم أنني أعيش بين الشعر العربي الأصيل، إلا أنني أعترف أنني عاجز عن فهم الكثرة الكاثرة مما ينشر باسم الشعر، لا معنى، لا صورة، لا لغة، لا أجد شيئاً يتصل بالشعر في هذه النماذج بكل أسف، من حقهم أن يكتبوا نثراً فنياً جميلاً لكن ليس من حقهم أن يسموا هذا النثر الجديد بغير اسمه، القصيدة مصطلح فني تمخضت عنه العبقرية العربية الأدبية القديمة، مصطلح له مواصفاته وشروطه وإذا نقصت هذه القصيدة شرطاً من شروطها المعروفة أو وصفاً من مواصفاتها المعروفة فلا يمكن أن نطلق عليها اسم قصيدة، القصيدة مصطلح فني مكتمل المواصفات والشروط، أما ما يكتب فليكتبوا ما يشاؤون لكن يبحثوا عن اسم جديد له.. هذا بالنسبة للقصيدة، أختصر وأقول إن الشعر مكانته تراجعت كثيراً ليس عند العرب فقط بل حتى عند الأمم التي تملك وسائل نشر متقدمة ومتطورة، في أمريكا أكبر شاعر لا يطبع من ديوانه أكثر من ألف نسخة يوزعها على المكتبات والنقاد والمختصين في الدراسات الأدبية فقط، ونادراً ما تطرح هذه الدواوين للقراء، فانحسار الشعر موجة يشهدها العالم في كل مكان ونحن من جملة هذا العالم.
 
- د. غازي الزين عوض الله والأستاذ غياث عبد الباقي لديهما سؤالان يبدو لي أنهما متشابهان: يدعي بعض نقاد الأدب أن القصة القصيرة التي تكتب بلغة الشعر قد سحبت البساط من تحت أرجل الشعر وأصبحت هي ديوان العرب في الحياة المعاصرة، ما مدى صحة هذه الرؤية النقدية وأنت أحد رموز الشعر والقصة والدراما بكل أشكالها المختلفة، نريد أن نقف حول رؤيتك النقدية عن رؤية النقاد.
أنا من القائلين بضرورة الإبقاء على الأنواع الأدبية بشخصياتها وخصائصها المميزة بعيداً عن التشابك والتقاطع والتداخل، الشعر شعر، والقصة قصة، والرواية رواية.. أما إذا كان هناك كاتب روائي موهوب يمتلك لغة شعرية أو نصًا ينطوي على لمسة من لمسات الشعر، فهذا لا يعني أن هذا النص اقترب من الشعر، الرواية رواية، والقصة قصة، والشعر شعر، بكل بساطة، القصة القصيرة طبيعة العصر والظروف التي نحياها فتحت الأبواب واسعة أمامها بالنسبة للقراء، القصة تكتب بلغة مفهومة قريبة من التداول اليومي يمكن لأي قارئ مهما أوتي من الثقافة أن يتفهمها ويتسلى بها وأنا أضع كلمة يتسلى بين قوسين، الشعر ليس للتسلية والتسرية، الشعر مسألة تتصل بالروح، بالوجدان، بأرقى المشاعر الوجدانية في الإنسان، لكن القصة يقرؤها المثقف وأنصاف المثقفين والقراء العاديين لأسباب ولدوافع كثيرة، فما أعتقد أن حصار الشعر مرتبط بصورة أو بأخرى أو بنسبة أو بأخرى بتطور الفن القصصي أو بالقصة القصيرة أو أن القصة احتلت بعض المساحات التي كان يحتلها الشعر، أنا لا أؤمن بهذا ولكن طبيعة الحياة التي نحياها بما فيها من تعقيد وتشابك تؤهل القصة للنجاح والشيوع بين قطاعات واسعة من الناس أكثر من الشعر، هذا ما أعتقده وأرجو أن أكون مصيباً فيه.
 
- الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: لقد امتازت مدينة طولكرم عن سائر المدن الفلسطينية وأخص بالذكر المدينة التاريخية يافا منارة العلم بأنها أنجبت رجالاً أفذاذ وأدباء ومفكرين ومبدعين وأبطالاً لم يحظ العالم العربي بأمثالهم وأذكر منهم آل الكرمي وأفرادها مثمرون في العطاء أي الدرر بالرغم من التسلط والاستبداد اليهودي البغيض وآخر من عرفت الأخ خيري منصور الذي حدثنا عن الاستشراق والإستشراق المضاد.
أشكر الأستاذ الدرهلي على هذه الملاحظة القيمة، ولا أريد أن أنتقص من يافا لقد خرج من يافا أيضاً مجموعة من العلماء والأدباء الأفذاذ منهم الأستاذ الدكتور يوسف هيكل الرجل الذي تحصل على دكتوراه من السوربون في وقت مبكر في العشرينيات وفي نفس الوقت تحصل على دكتوراه من أوكسفورد في بريطانيا وكان يجمع بين الثقافتين الإنجليزية والفرنسية، وكذلك الأديب والروائي الكبير والقاص الأستاذ محمود إيراني وهو من رواد الفن القصصي في العالم العربي وكان يكتب في السياسة الأسبوعية رئيس تحريرها الدكتور محمد حسنين هيكل هذا الأستاذ الإيراني أيضاً من يافا، كذلك في الشعر الشاعر الأفغاني رغم أنه أفغاني لكنه أصبح في الستينيات من العمر وأصبح يلقب بشاعر شباب فلسطين، رغم أنه أفغاني، إلا أنه كان شاعراً كبيراً باللغة العربية وقلَّ أن يخطئ في اللغة، أيضاً هناك في الشعر محمود الحوت من كبار شعراء فلسطين وهو من يافا أيضاً، والأستاذ شفيق الحوت من كبار المفكرين السياسيين أيضاً من يافا، والأستاذ الشاعر بشير قطبي أيضاً من يافا، أما بالنسبة لطولكرم فقد ظهر فيها مجموعة من كبار العلماء على المستوى العربي والإسلامي، أسرة الكرمي بدأت بالشيخ مرعي الكرمي الحنبلي يضاف إلى لقبه الحنبلي وهو من شيوخ الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن أحفاده الأستاذ أحمد شاكر الكرمي، وبشهادة العقاد كان من كبار المترجمين في هذا القرن رغم أنه توفي قبل أن يبلغ الثلاثين من العمر، كان في مكة المكرمة، وعمل مع الشيخ حسين بن علي رحمه الله رئيساً لتحرير جريدة القبلة، ثم خرج من مكة ذهب مع فيصل إلى سوريا وعمل مع الحكم الفيصلي وأسس في سوريا نهضة أدبية لعله من رواد النهضة الأدبية الحديثة في سوريا، مجلة الميزان، وقد كرمه المجمع العلمي في دمشق وأصدر عنه كتاباً خاصاً، هذا الشاب الذي توفي دون الثلاثين.. وكان من كبار كتاب القصة ومن أوائل الناس الذين نقلوا الرواية والقصة التي تكتب بالإنجليزية إلى العربية، ثم سار على منهجه المترجمون فيما بعد.. كذلك هناك الشاعر أبو سلمى، الأستاذ عبد الكريم الكرمي، وهو من كبار الشعراء على مستوى عربي وكان من كتّاب الرسالة أيام الزيات، ثم شقيقه الأستاذ حسن الكرمي، مؤسس الإذاعة العربية في لندن وصاحب قول على قول، البرنامج الذي حوله إلى كتاب يقع في أكثر من ثلاثة عشر مجلداً الآن، وأيضاً أخوهم الأستاذ عبد الغني الكرمي، من مؤسسي الكيان الأردني وكان رئيساً للديوان الأميري مع الملك عبد الله ثم أصبح رئيساً للديوان الملكي وهذا الرجل كان يجيد الروسية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والعبرية والألمانية وكان في العربية لا يجاريه شيخ أزهري، وهو يكتب الشعر، الأستاذ عبد الغني الكرمي.. هؤلاء أشقاء.. ثم الأستاذ زهير الكرمي من كبار العلماء في الأحياء وقد عاش في دمشق فترة من الزمن، ثم الأستاذ محمود الكرمي كذلك، أيضاً من طولكرم الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود ذلك الشاعر الذي عندما زار الملك سعود رحمه الله (وكان ولياً للعهد)، زار فلسطين عام 1934م أقيم له احتفال في القدس فألقى قصيدة وكان هذا عام 1934م يقول فيها:
شمس السعود على جبينك مطلع
أنى توجه نجم عزك يطلع
المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت من قبل الضياع تودع؟
عام 1934م يسأل سمو الأمير سعود ولي عهد المملكة، عام 1934 م المسجد الأقصى أجئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودع؟ هذا الشاعر عبد الرحيم محمود، كان مدرساً، كانت تنشأ ثورة ضد الاستعمار في سوريا، كان يترك التدريس ويلتحق مع الثوار في سوريا ويحارب معهم. ثم تنشب ثورة في العراق ضد الإنجليز، يترك مهنته وزوجته وأولاده ويلتحق بالثورة في العراق وهكذا، هذا الرجل له قصيدة عنوانها الشهيد نظمها عام 1936 يقول في هذه القصيدة:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدا
ونفس شريفة لها غايتان
ورود المنايا ونيل المنى
لا عشت إن لم أكن
مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلت أصغي لي العالمون
ودوى مقالي بين الورى
لعمرك إني أرى مصرعي
ولكن أغذ إليه الخطى
أرى مقتلي دون حقي السليب
ودون بلادي والمبتغى
يلذ لأذني سماع الصليل
ويطرب نفسي مسيل الدما
 
أنا كنت مغرماً بهذه الأبيات التالية تصف الشهيد مجندلاً في العراء:
وجسم مجندل في الصحصحان تناوشه جارحات الفلا
ووفـر منـه بهي الجبين ولكـن عفـار يزيد البهـا
كسى دمـه الأرض بالأرجوان
وعطــّر بالمسك ريـح الثرى
ومنه نصيـب لأسـد السـراة
ومنه نصيب لأسد الفلا
المهم بعد عشر سنوات من هذه القصيدة كان هذا الشاعر يجاهد في معركة الشجرة في شمال فلسطين في أواخر الأربعينيات ثم استشهد ووجد مجندلاً في الأرض شهيداً كما وصف الشهيد قبل عشر سنوات، هذا الشاعر عبد الرحيم محمود، وولده الآن اسمه الطيب عبد الرحيم، كان اسمه أبو الطيب لأنه يحب المتنبي، فسمى ولده الطيب، الطيب عبد الرحيم أمين عام سلطة الحكم الذاتي، هو ولد هذا الشاعر. هذا بالنسبة لطولكرم، وهناك قائد ثورة عام 1936 ثورة فلسطينية أيضاً من طولكرم، الحاج عبد الرحيم محمد، والحديث طويل، أسماء كثيرة، وشكراً للأستاذ الدرهلي الذي حرك هذه الذكريات. بالمناسبة السيدة سميحة خليل التي دخلت مع السيد أبو عمار في الانتخابات الرئاسية أيضاً من طولكرم، واسمها سميحة القبج وليس خليل، وسميت خليل نسبة إلى زوجها وكانت مدرسة مناضلة، درست التوجيهية من البيت بعد وفاة زوجها، وكان أولادها كلهم في سجون إسرائيل، ومن عام 1967 م حتى دخول السلطة وهي تطارد من سجن إلى معتقل ومن معتقل إلى سجن للاتصال بأبنائها المعتقلين داخل سجون إسرائيل.. هذه مناضلة من طولكرم.
- هنا سؤالان أيضاً من الأستاذين علم الدين أبو الحمد ومحمد منصور الشامي، ويبدو لي كذلك أنهما متشابهان يقول السؤال: جاء في سرد مؤلفاتكم الرد على المستشرق أو اللاهوتي بعنوان ليست التوراة من عسير، ما مدى صحة ذلك وما مدى أدلته التي أعتمد عليها لإثبات هذه الفرية بإيجاز؟
سأختصر.. الدكتور كمال الصليبي من أسرة كرست نفسها لخدمة التوراة جده أول من ترجم التوراة إلى اللغة العربية أما هو فأستاذ التاريخ القديم في الجامعة الأمريكية ورئيس قسم التاريخ في إحدى المراحل فقد كتب كتاباً يقول إنه ينطوي على نظرية يرجح فيها لأول مرة أن منشأ اليهود الأصلي ومنشأ التوراة الأصلي في عسير ويدلل على ذلك بأن هناك أسماء مواضع وجبال ووديان وبلدان وقرى وردت في التوراة موجودة الآن في عسير، سارعت مؤسسة دير شبيجل للنشر الألمانية لأخذ هذا الكتاب للتعاقد بنشره بست لغات أوروبية دفعة واحدة ونحن لم نتعود من دور النشر الأوربية الإقبال على أدبائنا ومفكرينا وتشجيعهم ونشر كتبهم دفعة واحدة بهذه اللغات ودفعوا له مبالغ خيالية، وما إن قرأت عن الموضوع حتى كتبت مقالاً سريعاً فيه كانت مقابلة مع الدكتور كمال يشرح فيها تلخيص الكتاب، قلت انتبهوا هذا كلام خطير ومؤذي وضار لأن الصهيونية العالمية دخلت فلسطين في البداية تحت مظلة الحق الديني المزعوم والحق التاريخي المزعوم وهم الآن يحاولون أن يجدوا لهم حقاً دينياً وحقاً تاريخياً في أي بقعة عربية أخرى للتواجد، فهذا الكتاب بغض النظر عن علميته من شأنه كشف نية صاحبه، لأن نشر كلام من هذا النوع من شأنه أن يتيح فرصة للحركة الصهيونية لتستغله وتتمسك بحجة تاريخية أو حجة دينية بالمطالبة في الجنوب، فسأرد عليه علمياً، هذا الكلام سريع للتنبيه ورددت عليه علمياً.. أول شيء قلت إن الرجل في كتابه يعتمد بالدرجة الأولى على التوراة ونصوص من التوراة، التوراة ليست كتاب تاريخ حتى يعتمد عليه، هذه واحدة، التوراة مليئة بالتناقض فأحد الأسفار يقول إن اليهود كانوا في مصر وعددهم أربعون ألف وفي سفر آخر في نفس التوراة يقول إن اليهود في مصر كان عددهم يعدل 160 ألف يهودي، هذا تناقض، ودللت على مواقع كثيرة من تناقض التوراة وعدم صلاحيته كمرجع لنؤرخ ونعتمد عليه. هذا جانب. أما بالنسبة للتشابه في الأسماء قلت تعودت القبائل عبر موجات الهجرات المتتالية والمعروفة عبر التاريخ حيث ما تنشئ مجمعات سكنية جديدة في بلدانها الجديدة، بلدان الهجرة، كانت تطلق أسماء بلدانها الأصلية على هذه، مثلاً في لبنان توجد صيدا وفي عمان توجد صيدا وفي فلسطين جنب طولكرم قرية اسمها صيدا. أيضاً أسماء كثيرة في عسير موجودة في فلسطين موجودة في بعض نواحي مصر كذلك موجودة في بلاد الشام، فمن طبيعة الأمور المهاجرون يحملون ذكرياتهم وأسماء بلادهم.. الأوروبيون لما رحلوا إلى العالم الجديد، يورك سموا نيويورك، وسموا أيضاً ممفيس والقاهرة وأسماء كثيرة، هل هذا معناه أن الفراعنة كانوا هناك؟ فباختصار رددت عليه رداً مطولاً علمياً فتصدى لي مستشرق ألماني أسمه الهير وينفورد في مقال طويل ويحاول أن يدافع عن مؤسسة دير شبيجل فأخذ الحوار حلقات طويلة انتهى بأن حضر هذا المستشرق إلى عمان لأنه تطاول قليلاً في البداية قال أنت كاتب صحفي لا علم لك بهذا وهذا من اختصاص ناس متخصصين في اللاهوت أو بالتوراة أو بالتلمود، فبعد نقاش طويل وكان نقاشاً رددت فيه عليهم بنصوص من التوراة هم يعتمدون على التوراة وأنا اعتمدت على التوراة في الرد عليهم حتى انسف حجتهم، فجاء في النهاية إلى عمان وأعتذر وعرض علي كتابة دراسات في دير شبيجل بالعربية وهم مستعدون للترجمة، قلت له كنت أتمنى أن يأتي هذا العرض قبل المعركة معك، وأعتذرت.
- الأخ محمد أحمد سليم يقول: في نظركم ما هي الطريقة المثلى لتنشئة جيل جديد من أدباء العرب والمسلمين في عصرنا هذا الذي طغت فيه الماديات واندرس فيه كثير من المعاني الأدبية فأصبح الأدب العربي الإسلامي قليل الثراء فكرياً ومعنوياً كماً وكيفاً؟
أنا أعترف بتواضع، وأصحبه بالتوجيه أو بالنصح ولكن تجربتي الخاصة أنني منذ البداية لمست في نفسي حب القراءة فأقبلت على القراءة من منابعها الأصلية ليس قراءة المجلات ولا الصحف، في المرحلة الإبتدائية قرأت كتب الجاحظ، قرأت كتب أبي حيان التوحيدي، كليلة ودمنة، بدأت من المنابع العربية الأصيلة، قرأت الشعر العربي الأصيل، وتابعت نفسي، كنت أحب اللغة العربية وهذا الحب ربطني بتراثها وأوابد الكتب القديمة، فأنا أعتقد أن أيما شاب يأنس في نفسه موهبة للكتابة عليه أن يبدأ بإتقان السلاح أو الآلة الأساسية في الكتابة، اللغة، بكل أسف نحن نلاحظ الآتي: أن كثيراً من الأدباء وكثيراً من أساتذة الأدب في كليات الآداب في كثير من الجامعات العربية يخطئون في القواعد ويخطئون في الإملاء بكل أسف ويجب أن نعترف بهذا.. اللغة العربية وإتقانها إتقاناً كاملاً أساس في بناء الأديب، اللغة قواعداً ولغة وبلاغة وبياناً بعد ذلك لا بد من القراءة والارتباط بنبع التراث العريق، الارتباط بالتراث يبني الشخصية ويشكل ضوابط في داخل الإنسان الشاب الموهوب، ويمنعه من السقوط في تيارات محدثة وافدة، فأعتقد أن هذه هي الطريقة، لا بد من اللغة والقراءة العميقة في تراثنا والانفتاح على التيارات المعاصرة أيضاً لكن انفتاح الإنسان الحذر حتى لا يسقط بعيداً في مهاوي تنأى به عن خصائص الشخصية العربية.
- الأستاذ مصطفى عطار يقول: لكل من اسمه نصيب فجمع لك الرضى وجمع لك الصدق فجاءت حياتك منهما، سؤالي يتلخص في رجاء أن تحدثونا عن بعض قادة الفكر الذين كان لهم دور في حياتكم الفكرية الثرية.
شكراً لتحية الأخ الكريم وأرجو أن أكون عند حسن الظن، ولكن لفضيلة شيخنا الكبير الأستاذ علي الطنطاوي بالنسبة لاسمي رأي آخر، فقد قال ذات يوم في برنامجه التلفزيوني إن اسمي خطأ في اللغة وهو على حق راضي صدوق لازم راضٍ صدوق في اللغة والاسم بكل أسف لغة خطأ وأرجو ألا يكون في المعنى أي خطأ، شكراً على هذه التحية، كنت أقول دائماً إنني تتلمذت على نصوص وعلى نماذج من الشعر العربي والنثر العربي القديم أنا ابن قراءاتي الدائبة المكثفة العميقة المبرمجة، أما أساتذتي في المدرسة في المرحلة الابتدائية فكان لبعضهم دور تحبيبي في اللغة العربية وإرشادي إلى بعض المناهل التي يمكن لمثلي أن يردها، لكنني كنت أفتقد المناخ الأدبي في بلدي، كانت بلدة صغيرة تخلو من المحاضرات والندوات والعلماء والأدباء. وخاصة أنني نشأت في مرحلة حرجة، مرحلة نكبة عام 1948م، كان الناس في تلك المرحلة يلهثون وراء رغيف الخبز، وكان الكتاب المدرسي عزيز المنال فكيف بكتاب المطالعة، لهذا لم أجد المناخ الذي يمكن أن أقول إنني تتلمذت عليه، والمناخ الأساتذة والعلماء بعض من عناصره، لكن في جريدة الدفاع عملت في وقت مبكر، هذه الجريدة كانت عبارة عن حاضنة لنخبة من كبار المفكرين، وكان مدير تحريرها الأستاذ علي منصور، رجلاً من مصر، كان شاعراً لكنه مغمور بكل أسف، وتوفي بفلسطين، كان شاعراً عملاقاً وكان يعمل مديراً لتحرير هذه الجريدة اليومية، كذلك الأستاذ يوسف حنا، رجل من مصر، كان صديق الصبا للأستاذ مصطفى صادق الرافعي، وقد هاجر من مصر جاء مع اللورد النبي كسكرتير خاص له عام 1914 م واستوطن فلسطين ولكنه توفي وعمره فوق التسعين وهو يتكلم المصرية، لم يغادرها إطلاقاً، يوسف حنا كان أطرش، وفي مراسلات بينه وبين الرافعي، لعل بعض الإخوان قرأ رسائل الشيخ أبي ريا، حسين الرافعي الشيخ أبي ريا، في هذا الكتاب رسالة صغيرة عن يوسف حنا يقول إنه شخصية حية لزجة موحلة لا تنتج، لكنه كان عملاقاً في الكتابة السياسية وكان يقرأ الأدب القديم ويتابع آخر ما يصدر باللغة الإنجليزية، أيضاً الأستاذ حسين فخري الخالدي من كبار المفكرين بفلسطين أصبح رئيس وزراء الأردن، أيضاً الأستاذ الدكتور محمد أديب الحامري أصبح وزير الإعلام، الأستاذ الإيراني، الأستاذ إبراهيم الشنطي، الأستاذ خير الدين الزركلي كان سكرتيراً لتحرير هذه الجريدة.. في هذا المناخ بدأت حياتي الصحفية وتتلمذت على هؤلاء، كان معنا الأستاذ ناصر الدين النشاشيبي محرراً صغيراً وكان يتعلم في هذه الجريدة، وكذلك هناك صحفيون عمالقة ورجال سياسة أصبحوا رؤساء وزارات في الأردن تخرجوا من هذه الجريدة، هذه الجريدة بمناخها الفكري والسياسي والأدبي، وأنا في سن مبكرة جداً تتلمذت عليها ومن حسن حظي، بعيداً عن التواضع، أنني أصبحت سكرتيراً لتحريرها وأنا دون العشرين، وكنت أتعامل مع هذه النخبة من الناس الطيبين.
- الأستاذ علي المنقري يقول: هناك بعض الأمور التي قد لا يعرفها الكثير من المتابعين للأدوات المسموعة والمشاهدة، مثلاً من أين يستقي المذيع أو مقدم الندوة أسئلة النقاش خاصة الندوات التي تناقش مواضيع متخصصة، والمناقش غير متخصص في الموضوع محل النقاش، وهل يتم عرض الأسئلة على ضيوف الندوة مقدماً ليتمكنوا من تحضير الإجابة عليها؟
لكي تكون الندوة ناجحة لا بد لها من التحضير والتخطيط، وبالمناسبة يمكن التعليق على ما نشاهده من ندوات ثقافية في القنوات الفضائية نحس أنها تبتعد كثيراً عن المنهجية العلمية وعن الرغبة في الإفادة الثقافية، يغلب عليها طابع الإثارة لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، الواقع أن الندوات الثقافية، وأنتم أعلم مني بذلك، لا بد من التخطيط لها تخطيطاً كاملاً، يشترك به ضيوف الندوة ومدير الندوة أو معد هذه الندوة، أما مسألة النجاح فيما بعد أو الفشل فيعود إلى شخصية مدير الندوة ومدى حظه من الثقافة، فكلما كان مدير الندوة مثقفاً ثقافة واسعة كلما استطاع أن يسهم في إنجاح الندوة التي يعدها.
- الأستاذ عثمان محمد مليباري يقول: كتابكم نظرات في الأدب السعودي ملىء بالنصوص الشعرية وتراجم لعدد من الشعراء السعوديين وهو خالٍ من النصوص النثرية المتمثلة في القصص والروايات السعودية، لذا أطلب منكم تغيير عنوانه إلى نظرات في الشعر السعودي الحديث، فالأدب في معناه يشمل النثر والشعر، وكتابكم خالٍ من النثر الفني السعودي، فهل توافقون على هذا التغيير؟
لا أوافق على هذا التغيير ولكني أوافق على الملاحظة، هذا الكتاب في البداية كان محاضرة أقيمت في فندق المريديان هنا في جدة، وأرجو من فضيلة الأستاذ أبي تراب أن يصححني بالنسبة لجَدة وجِدة وجُدة.. بدعوة من النادي الأدبي، ثم طلب مني أن أعيد النظر في هذه المحاضرة وأوسع بها قليلاً، من قبل إحدى دور النشر المحلية، وألحقنا بها ملحقاً عن الشعر، ملحق كان يشكل ديوان الشعر السعودي في هذا القرن مختصراً، لكل شاعر قصيدة، ثم نبذة صغيرة لكل من ورد اسمه في المحاضرة أو في الشعر من الإخوة الأدباء والشعراء، الملاحظة في محلها بالنسبة للنماذج ولكن بالنسبة للحديث والعرض والتناول فتحدثت فيه عن النثر الفني وعن القصة وعن الرواية وعن كل شيء، لم يكن الحديث مقتصراً على الشعر فقط، إنما اقتصرت في النماذج على الشعر في الملحق فقط.
- الدكتور محمود حسن زيني يقول: هل لي أن أسألكم عن موسوعتكم الأدبية الرائعة "ديوان الشعر العربي الحديث" ما الذي جعلها متميزة عن غيرها من الموسوعات التي ترجمت للأدباء العرب المعاصرين، أرجو إمتاعنا بالجواهر في هذا الديوان الكبير.
شكراً لكم وأنا أشكر سعادة د. محمود زيني الذي أعاد إلى ذاكرتي موقفه الكريم من المحاضرة التي ألقيت باسم نظرات في الأدب السعودي بدعوة من نادي جدة الأدبي، ما زلت أذكر له منهجيته وموضوعيته ودماثة أخلاقه عندما تصدى لبعض الشباب في تلك الندوة ممن قالوا إنني تجاهلتهم وتجاهلت الحديث عنهم، لكن كنت قرأت تقريباً كل ما صدر خلال غيابي عن المملكة من إنتاجهم وسجلت ملاحظات على أخطاء في اللغة والإملاء والعروض في هذه الدواوين، ورأيت ألا أتناولهم في المحاضرة حتى لا أحرجهم بروح تشجيعية، فاعتقدوا بأني تجاهلتهم، فتصدى الأستاذ الدكتور محمود زيني - جزاه الله كل خير - ودفع عني غائلة شديدة كان فيها بعض التجريح.. أما بالنسبة للديوان فأريد أن أبدأ بتحيتي وتقديري وشكري لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، لقد فاجأني بموقفه الكريم بالنسبة لهذه الموسوعة الموؤودة، هذه الموسوعة "ديوان الشعر العربي في القرن العشرين" فكرة ليست مسبوقة، فلقد تعود دارسون وباحثون أن يكتبوا عن شعراء الحجاز، كتاباً مستقلاً، شعراء الشام، شعراء مصر، شعراء المغرب العربي، شعراء العراق، لم يحدث أن جاء باحث وحاول أن يقدم المشهد الشعري العربي في قرن كامل في عمل أدبي واحد، لدي خلال أربعين عاماً مجموعة كبيرة من الرسائل، مراسلات، مع نخبة من أبرز الشعراء في العالم العربي، كانوا صغاراً ثم أصبحوا كباراً، عندي مراسلات معهم تشكل وثائق تاريخية مهمة، وعندي في مكتبتي أيضاً ملاحق أدبية فيها نماذج شعرية نادرة جداً من المحيط إلى الخليج، طوال أربعين عاماً ولدي أيضاً مجموعة من دواوين الشعر التي أصدرها شعراء كبار، ثم تنكروا لها فيما بعد ولم يدرجوها في أعمالهم الشعرية الكاملة، ولعل أستاذنا الكبير الشاعر حسن قرشي الذي يعيش في صميم الحركة الشعرية العربية يعرف الكثير في هذا المجال.. هذه النماذج التي أملكها والرسائل والوثائق، ثم علاقتي الخاصة بكثيرين من رواد الشعر العربي، وأعرفهم في ضعفهم وقوتهم، وحتى في شؤونهم الخاصة، استثمرتها في هذا العمل التوثيقي الموسوعي، ولقد بذلت جهداً يعلمه الله، على جميع المستويات - المراسلة، الاتصالات، كتب مع السفارات، وزارات الإعلام، عائلات الراحلين من الشعراء وأبنائهم في كل مكان، حتى في المهجر، هناك في الجزء الأول الذي صدر شعراء من مصر سألني بعض الدارسين المصريين هل هؤلاء مصريون؟ من أين أتيت بهم؟ منهم شاعر اسمه أحمد محمد عرفه، شاعر مصري، وأحمد شوقي قدم له ديوانه بقصيدة، هذا لم يكتب عنه في الدراسات المصرية، وهناك شعراء أيضاً في سوريا الشاعر الأستاذ حامد حسن، هذا الشاعر الآن تجاوز الثمانين أو في الخمس وثمانين من عمره يعيش في قرية صغيرة اسمها التريكيش، هذا الرجل كتبت عنه رسائل دكتوراه وماجستير في الأربعينيات وكان بعض الناقدين والدارسين يفضلونه كشاعر رومانسي على الأخطل الصغير، هذا الشاعر العملاق أصبح نسياً منسياً، قدمته بالكامل لأول مرة في الجزء الأول من كتابي، وكثيرون من الباحثين السوريين اتصلوا بي يطلبون المزيد من المعلومات عن هذا الشاعر المنسي، وكذلك شعراء في مصر والأردن وفلسطين أيضاً، شعراء منسيون ومغمورون، لاحظت أن الشعراء الإسلاميين والشعراء المستقلين عبر مسيرة الشعر العربي في هذا القرن تعرضوا لظلم وتعرضوا لتعذيب وتغييب، هناك شعراء يؤثرون الابتعاد عن الأضواء، أبتعد عنهم النقاد، هناك شعراء يحترمون أنفسهم، لا يتزلفون للصحف ولا للباحثين ولا الدارسين، أيضاً تعرضوا للظلم والتعذيب، هناك ناس غيبوا لأسباب سياسية مثلاً، هناك شعراء تبناهم الحزب الشيوعي وأبرزهم كثيراً، هناك شعراء تبنتهم الحركات القومية وأبرزتهم كثيراً، كل هذا على حساب فنية الشعر.. أنا حرصت كل الحرص على أن أبحث عن هؤلاء الناس المغمورين والمظلومين والمنسيين، وحاولت جهد طاقتي إنصافهم، ولقد أنجزت أكثر من خمسة آلاف صفحة وجمعت بالكمبيوتر ودُققت وجاهزة، الناشر رجل تاجر كما نعلم جميعاً، نشر الجزء الأول على طريقته الخاصة التي لم تعجبني وتعرضت لغبن كبير وذهب تعبي أدراج الرياح ثم توقفت، هذا الكتاب لعله الأول من نوعه وأرجو ألا يكون في هذا مبالغة أو نوع من الدعاية، لأنه يعتمد على الكتب الموجودة في المكتبات ويعتمد على المراسلات الشخصية والمعرفة الخاصة، ويعتمد على أحاديث شخصية مع بعض أبناء أو أرامل الراحلين منهم، أيضاً هناك تصحيح لبعض المعلومات في الكتب، الشاعر أحمد شوقي المعروف أنه أمير الشعراء أنه مصري، وأنا أثبت أنه فلسطيني من عكا، بوثائق بالطبع ليس اجتهاداً، أحمد شوقي من عكا بفلسطين وقد سافر والده إلى مصر يحمل توصية من أحمد باشا الجزار والي عكا إلى محمد علي باشا الكبير، وقال له هذا من اتباعنا وجماعتنا أرجو أن تجد له وظيفة عندك واشتغل جد شوقي هناك وشوقي ولد في مصر ولكن أسرته من فلسطين من عكا، هذا نموذج مثلاً، هناك معلومات عن الشاعر معروف الرصافي، أبى الوطنية معروف، أنا أخرجت له قصيدة يمتدح فيها الصهيوني الأول بفلسطين هيربرت صمويل، كان الرصافي أستاذاً في مدرسة في القدس، وأقيمت حفلة إحتفاء بهيربرت صمويل، وكان هناك مستشرق يهودي أسباني اسمه يهوذا، الرصافي عمل قصيدة يمدح فيها هذا اليهودي الذي اسمه يهوذا ويمدح هيربرت صمويل، قصيدة غريبة جداً، هذه ليست موجودة في أعمال الرصافي وقد أخرجتها من بعض الوثائق الفلسطينية القديمة، هذه من بعض النماذج النادرة، كذلك هناك كشوفات عثرت عليها، الشاعر الأخطل الصغير أمير الشعر سطا على نشيد للشاعر إبراهيم طوقان، نشيد مشهور، موطني موطني الجمال.. هذا نشيد مشهور، سطا عليه الأخطل الصغير ونشره باسمه، ثم سطا شاعر مغربي على هذا النشيد ونشره في المغرب باسمه فتصدى له دارس شاعر مغربي اسمه الأستاذ الدكتور إبراهيم السلامي، وقال له هذا النشيد الذي نشرته باسمك لشاعر فلسطيني اسمه إبراهيم طوقان، هذه لأول مرة تكشف، وهناك حاجات مماثلة كثيرة في هذا، أيضاً لم أكتف بالتوثيق أين ولد ومن أين، ومؤلفاته ومناصبه، ونماذج من شعره، أيضاً حددت موقعه على خارطة الشعر العربي إذا كان له موقع في الشعر، وأيضاً بينت موقفه الوطني والقومي والإسلامي والإنساني، إذا كان منحرفاً أو إذا كان وطنياً، إذا كان مناضلاً، أيضاً أثبت هذا كاملاً في هذا العمل، ومرة ثانية أتقدم بجزيل الشكر من أعماق قلبي لسعادة الشيخ عبد المقصود الذي يخرج الآن هذا العمل الحبيس الذي بذلت عمراً في إنجازه ليخرجه من دائرة النسيان ودائرة الحرمان.. شكراً مرة ثانية.
- الأستاذ محمد الشناوي يقول: أنتم كاتب وشاعر إذاعي وصحافي، ترى أي هذه الفنون هي الأقرب إليك راجياً ألا تكون الإجابة كلهم أبنائي.. وإذا ما تعددت المواهب هل يمكن أن تظلم إحداها الأخرى، فإذا كان ذلك كذلك أيُّها عندك كانت الظالمة وأيُّها المظلومة؟
أنا أحب الشعر، الشعر هو خلاصة الوجدانية العربية، خلاصة الروح العربية، أنا أحب الشعر وأفضل الشعر وأوثره، لكني أيضاً كتبت القصة القصيرة والرواية الطويلة ودخلت القصة بحادثة طريفة، كنت في الكويت حين أعلنت مجلة الحوادث المشهورة وكان رئيس تحريرها الأستاذ المرحوم سليم اللوزي عن مسابقة لكتّاب القصة العرب جميعاً، فجاءني أحد الإخوان يقول لي (شو رأيك تشارك؟ الجائزة ضخمة وكنت في بداية حياتي، فقلت لا بأس، أشارك، أحد الأخوان قال لي: أنت لم تكتب القصة في السابق كيف تشارك؟ قلت أنا سأكتب وسأشترك وسآخذ الجائزة، ودعوت سكرتيري في مجلة حماة الوطن وأمليت عليه إملاء والأخوان يجلسون في مكتبي قصة اسمها البرشامة، ثم طبعها وقلت للشخص الذي تحداني بأني لا أكتب قصة، قلت أرسلها أنت في البريد، ثم ذهب بها وأرسل هذه القصة في البريد وبعد شهرين جاءني بعدد مجلة الحوادث وقال لي مبروك لقد فزت بالجائزة الأولى، وقد كتبتها إملاء وهم يجلسون، بالنسبة لهذه القصة لم أفرح بالجائزة وإنما فرحت بالمقدمة، الدكتور خليل حاوي دارس وناقد أدبي يدرس الأدب والنقد في الجامعة الأمريكية في بيروت غير أنه شاعر، كان في اللجنة، كتب مقدمة للقصة يقول المعروف أن فلان شاعر، ولم يسبق له أن كتب قصة، الغريب أنه فاز في هذه القصة على أسماء لامعة في عالم القصة العربية، ولاحظنا أيضاً أنه حطم أقانيم القصة التقليدية وابتكر لنفسه أقانيم جديدة جعل التوتر النفسي هو البطل، القصة خالية من الحدث ومن الشخص ومن المكان والزمان، جعل من التوتر هو البطل المحرك للقصة، كانت هذه المقدمة بالنسبة لي مشجعة لدخول عالم القصة أكثر من فرحتي بالجائزة ثم بدأت أكتب قصصاً، وقد نشرتْ لي مجلة القصة المصرية بعض قصصي كقصص افتتاحية بأعدادها قبل الكتاب المحترفين بحمد الله، فكتبت القصة وأحياناً ألم بها إلماماً كلما وجدت المناخ غير ملائم للشعر.. أما الدراسات فطبيعة كوني فلسطيني صاحب قضية فقد عدت إلى دراسة التوراة بطبيعتها الكاثلوكية والبروتستانية لأتعرف على اليهود والصهانية، وقرأت التلمود وقرأت المشنا والكومار وقرأت الأدبيات اليهودية القديمة ولم أترك شيئاً، تعمقت تعمقاً كبيراً في التوراة والتلمود وما تفرع عنهما ثم تعمقت بالأناجيل الخمسة حتى الإنجيل المحرم من الفاتيكان برنابا أيضاً درسته دراسة كاملة، ثم قمت بدراسات مقارنة بين الأديان، كل هذا لأعرف حقيقة الحركة الصهيونية ومنابعها الأصلية ودخلت في حوار مع بعض الحاخامات اليهود في روما وبحمد الله كانت قراءتي في التوراة والإنجيل ومعرفتي بالقرآن الذي لا يعرفون شيئاً عنه كانت تفيدني كثيراً وتتيح لي فرصة التفوق عليهم. شكراً لك.
- الأخ عبد المجيد الزهراء يقول: لكم ديوان "كان لي قلب" حسب ما ورد في الترجمة المقدمة وعنوان الديوان ذكرني بقول القائل:
كـان لـي قلـب بجرعاء الحمى
ضاع منـي هل لـه رد عـلي
فما مدى توافقكم مع قول هذا الشاعر؟
الواقع لأول مرة أسمع بهذا البيت، الخواطر تتوارد وهذا شيء معروف ولا يوجد شك أنني أخذت عنه أو هو أخذ عني أكثر من هذا الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي له قصيدة اسمها كان لي قلب وله ديوان اسمه مدينة بلا قلب تاريخه بعد تاريخ ديواني في الصدور، ديواني صدر في بيروت ووزع في العالم العربي، هل يمكن أن يقال إن الأستاذ حجازي اقتبس مني؟ لا أقول هذا وإنما الأفكار متداولة والخواطر أحياناً تتوارد على أكثر من ذهن وخاطر.
- هل تعتقدون مع هجمة المحطات الفضائية أن يظل للكلمة المسموعة تأثيرها القديم؟ وذلك يقودنا إلى سؤالكم ما الذي تراه ضرورياً لكي تسترد الإذاعة بعضاً من مكانتها الغابرة؟
في ظني كما لا يخفى عليكم جميعاً أن لكل وسيلة من وسائل الاتصال مجالها وحقلها الخاص الذي تعمل فيه وتؤثر فيه أيضاً، لا تغني إذاعة عن صحيفة، ولا مجلة شهرية عن صحيفة يومية، ولا يمكن أن يغني كتاب عن صحيفة ولا صحيفة عن كتاب، كذلك لا يمكن أن يغني تلفزيون عن إذاعة، الإذاعة قائمة ولكن مجال عملها قد يكون تراجع قليلاً أو المساحة انحسرت، قد يكون التلفزيون الذي يجمع بين الكلمة والصورة وأشياء كثيرة له بريق وله إغراء أكثر لكن الإذاعة ستظل تحتفظ بمكانها ودورها إلى مدى طويل لأن التلفزيون لا يمكن أن يلغي الإذاعة، لكن أثر بطريقة أو بأخرى على الإذاعة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :822  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 29 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج