شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(38) العزيزة أم هاني...
حتى الآن لا أعرف كيف يحتفظ الناس بآلاف المناسبات العامة التي يتبادلون التعليق عليها عادة في أشكال معينة.. ومنذ أن وعيت نفسي، وما حولي حتى التقيت بالخريف لم أكن أعرف أكثر من ثلاث أو أربع مناسبات معرفة لا ينبه شعوري بها مظاهرها المادية العامة في المدن والقرى، مثل أعياد الفطر والنحر، وعيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم، إلخ...
لم يكن لرأس السنة مناسبة، ولا وسطها، ولا لآخرها -هجرية وميلادية، وشمسية.. وما يمكن أن يمتد إليه التعوّد، واحتمالاته بين أمم الأرض..
وبعد تبدل النظرة في بلادنا إلى هذه المناسبات والانتهاء بها إلى حد الاقتصار من جميع الأعياد والمناسبات الموروثة والمحدثة، على عيدي النحر، والفطر.. لم يبق هناك ما يعترف به.
طبعاً ليست هذه المقدمة للهروب من مبادلتك التهنئة بمناسبة ما يسمى رأس السنة.. الميلادية طبعاً.. فتقبلي شكري، ومزيداً من تقديري لأن المعركة التي تخوضينها داخل البيت، وخارجه لم تصرفك عن تحين هذه المناسبة وكل مناسبة أخرى في وقتها..
إنك ما تزالين متمتعة بصفات المرأة الاجتماعية، وهذا دليل المرونة وقابلية التطور وهما بابان واسعان من أبواب النجاح، والسؤال الآن لماذا لا تنجحين النجاح الذي تتطلعين إليه باعتبار أنك من ذوات الطموح.. لا من ذوات الأربع؟ ولكن من يدري، ماذا يحدث على طريق التطور.. لقد أصبح لك ذيل (هاني).. وهذا الذيل من ألصق الأشياء بك وأدلها عليك، إن المسألة ليست أحجية ولا طلسماً، ولا لغزاً محيراً.. إنه ذيل حقيقي، وسينمو ويكبر حتى يمسح الأرض.. ومن هنا يتضح أنك تتكاملين. إن العالم يسير -وسيظل يسير إلى الأمام- إلى الوراء؟ هذه مسألة أخرى.. لا بد من أن تقبل الحضارات وتمرض فتذبل وتنحط وتموت لتخلف نسلاً متغيراً يبدأ المحاولة من نقطة ما في جو من النقص والحيرة ليكون هناك عالم جديد يثير الطموح والتطلع. ربما ارتدت عوامل الضعف بالإنسان الحضاري بعد تعرضه لعوامل التقهقر.. ربما ارتدت به إلى أن يلوذ بالغابات والكهوف هرباً من حطام عالم مقوض أو محترق.
من جديد وعلى هذا النحو قد يبدو للحياة أن تغير ثيابها ولو مرة في بضعة آلاف من السنين.. وهذه الثياب هي الظروف..
يكفي أن تتغير ظروف الحياة في بيئة ما لتقلب هذه البيئة جحيماً لا مقام فيه لحي من الأحياء.. التكيف أو الفناء..
الإنسان بين الظروف والتكيف -وككل الأحياء- وعلى رأي المثل: احنا في حلاقة ولا في تقليع ضروس؟ ما كانتش دي تهنئة برأس السنة ولا حتى برأس الرجاء الصالح.
في الواقع إننا في مجموعة من الظروف تفرض الصمت ولكني ذكرت عنفك في المطالبة بأكبر مقدار ممكن من الكلام بمجرد أن تعطسي عطسة واحدة في خطاب كل جهدك فيه لمسة أو لمستان رقيقتان.. أيتها اللئيمة!!
أستأذنك في أن أسدل الستار قبل أن تنفجر مخازن الذكريات مع فقدان القدرة على التكيف..
أليس الاعتراف بالعجز والضعف خيراً من المكابرة؟
قبلاتي وإلى اللقاء.
والدك
حمزة شحاتة
 
طباعة

تعليق

 القراءات :530  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.