هاكَها من سحائبي وَطْفاءَ |
صَيِّباً صيَّرَ السَّبيلَ غُثاءَ
(1)
|
وتطامَنْ لها، وتِيرةَ لَيثٍ |
زَأْرُهُ صيَّر الرُّعودَ زُقاءَ
(2)
|
يا أبولّونُ! يا إلهَ المجانيـ |
ـنِ، على غابرِ اللَّيالي، عزاءَ |
لستَ إلا خيالَ فكرٍ مريضٍ |
عُلِّقَتهُ أخنَى القلوبِ، غَباءَ |
وتشهَّتْ به على النَّفس ما أغـ |
ـنَى نفوساً، وانصَبَّ فيها هُذاءَ
(3)
|
هذه نكبةٌ، ذَرَتْكَ رماداً |
بعدما كنتَ كائناً يَتراءى |
ولئِن عِشتَ في اعتقادِ الشَّعاريـ |
ـرِ إلهاً، فقد غدَوتَ هَباءَ
(4)
|
أيّها الخاملُ الذي ملأ الجَوّ |
مُواءً طَوْراً، وطَوْراً عُواءَ
(5)
|
قَدْ لَعَمري أفنيتَ في طلبِ المَجـ |
ـدِ، سِنيناً بالمخزِيات.. رُواءَ
(6)
|
كلَّما خِلتَ للظهورِ مجالاً |
زادَك الحقُّ في العيون خَفاءَ |
ما مَجالُ الحياةِ بالهَيِّنِ السَّا |
ئِغ، أنْ رامَه الحقيرُ ابتغاء؟ |
* * * |
يا أبولّونُ! خدعةٌ أنتَ، تَستَهـ |
ـوِِي خَشَاشَ الأحياءِ، والبلهاءَ
(7)
|
هم صَعالِيكُكَ الألَى عَبَدُوا زو |
رَك، فاهنأْ بهم لِعُودٍ لِحاءَ
(8)
|
أنتَ عَوَّاؤُهم، وهم نَابِحُو اللَّيـ |
ـلِ، حوالَيْكَ، ردّدوا الأصداءَ
(9)
|
* * * |
يا أبولّون! لستَ للفاضلِ الحُرِّ |
كِفاءً، ولستَ إلا لَغَاءَ
(10)
|
أنتَ ضَعفٌ، وحِطَّةٌ، واستِفالٌ |
استحالت بَذَاءَةً وهُراءَ
(11)
|
أيُّ فنٍّ؟ هذا الذي تدَّعِيه |
كلَّما ازددتَ لَوثَةً والتِواءَ؟
(12)
|
أهو فنُّ الحِقدِ الذي شبَّ في صَد |
رِكَ، ناراً، وكان داءً عَياءَ؟ |
أم هوَ الذُّلُّ والضَّراعةُ في عينيـ |
ـكَ، قد أخفيا الجَوى والشَّقاءَ؟ |
وَاهِمٌ أنتَ، يا أبولّونُ! لا تَبْـ |
ـلغُ مَجداً، ولا تَنالُ ثَراءَ |
* * * |
كم تَحَدَّاك في مَغاوِرِ أحلا |
مِكَ ضِدٌّ؟ فما أطقتَ اللِّقاءَ؟ |
وتَهادَى إليكَ، منتزِعاً منـ |
ـكَ أزاهيرَك الرَّواءَ الوِضَاء؟ |
فتخاذَلْت دونَه، ترسلُ العَبْـ |
ـرَة، حَرَّى، وقد فَقَدتَ الرَّجاءَ |
مُستفِزّاً من عابديك عليه |
يا أبولّونُ، رُزَّحاً أنضاءَ
(13)
|
كان هذا مقامَ سَعيِك، يا مُقـ |
ـعَدُ، لو أنَّ في الفؤادِ ذَماءَ
(14)
|
عاجزٌ أنتَ، يا أبولّوُن! لا تَحـ |
ـمي ذِماراً، ولا تَرُدُّ اعتداءَ
(15)
|
* * * |
يا أبولّون! أنت خُنثَى، ولن تلـ |
ـحقَ شَأْوَ الفحولِ، إلا ادِّعاءَ
(16)
|
وحسودٌ، قد أرَّثَ الفشَلُ الدَّا |
ئِمُ، في غَوْرِ صَدرِك، البُرَحاءَ
(17)
|
وَيْكَ! هلا جرى بك الحظُّ مجرا |
هُ، ومرَّت بك الحياة رُخاءَ؟ |
هُزْأةً عِشْتَ، يا أبولّونُ، للنا |
سِ، وأُفكوهَةً، تُساقُ ازدراءَ |
أخُمولٌ، وحاجةٌ، وانفرادٌ؟ |
تَبَّ عَيْشاً! بل تَبَّ هذا فَناءَ!!
(18)
|
لن ينالَ الحياةَ إلا كَفافاً |
مَن قُصاراهُ أن يعيشَ رِياءَ |
* * * |
مُدَّعٍ أنتَ، يا أبولّونُ لا تَغْـ |
ـلِبُ ضِدّاً، ولا تُجيبُ نِداء! |
أتَحدَّاك هازئاً، لا أباليـ |
ـكَ، وإن كنتَ لا تَبُلُّ طَحاءَ
(19)
|
لستُ مِمَّن إذا تَخَيَّفَهم با |
غٍ، تراخَوْا عنه، وشَدُّوا بِطَاءً! |
أنا مَن أرغَمَ الخصومَ، وأسقا |
همْ كؤوساً من الهَوانِ، مِلاءً! |
غيرَ أنِّي أرى خصومَة أمثا |
لِكَ، للنُّبلِ، والسُّمُوِّ اجِتواء
(20)
|
أتُراني إذا تحديَّتُ مطعُو |
ناً، يُمرّض فيه الحيا والإباءَ؟ |
اِنطلقْ سالماً، فأنت هزيلٌ |
مُسْتَخيسٌ، لا تُمسك الحِرباءَ! |
لستَ نِدّي، إذا المفاخرُ عُدَّت، |
وإذا مَجَّد الكرامُ الوفاءَ! |
أنا أغلى دَماً، وأضحى جبيناً، |
إن دَجَت ظُلمةٌ، وأعلى بناءَ! |
أنا مَن أسهَرَ العيونَ، ومن ردَّ |
قلوبَ الحسَّاد عنه، ظِماءَ |
لستُ بالكاذبِ المُسِفِّ، وَمَن أصـ |
ـدَقُ منّي، مَوَدَّةً، وعِداءَ؟ |
أنا مَن يفتدِي المودَّاتِ بالرُّو |
حِ، ومن يَسحَقُ العدوَّ مَضاءَ! |
أنا هَولٌ!! من الحقيقةِ، يرميـ |
ـكِ، بنارٍ، تُزيلُ عنك الطَّلاءَ! |
والعَداواتُ، يا أبولّونُ، لا تر |
حَمُ، إن مَشَّ جَمرُها الضَّعفاءَ |
* * * |
جاحدٌ أنتَ، لستَ تَغفُلُ عنّي |
لكريمٍ ولا تعدُّ جزاءَ! |
كم أظلَّتك، من سحائبِ جَدوا |
يَ، هَوَامٍِ، أصبتَ فيها الشَّقاءَ؟
(21)
|
فتناسيتَها، صنيعَك في كلِّ |
جميلٍ، يُسدِي إليكَ البقاءَ |
صَنَمٌ أنتَ، حَطَّمَتْه يدُ اللَّـ |
ـهِ، وأصْمَتْ عبّادَه السُّخفاءَ! |
وإذا أنتَ للعيونِ قَذَاها |
جَلَّ مَن شانَ هذه السَّحناءَ! |
نبَذَتكَ الحياةُ، والناسُ، والحـ |
ـظُّ، وأنعِمْ به، عقاباً سواءَ! |
حيث تَنسَلُّ، أسخطَ الناسَ مرآ |
كَ، فأصلوك نظرةً شزراءَ! |
لا تُرى غيرَ قابعٍ، مُنغِضِ الرَّأْ |
سِ، تُعاني من الهوان عَفَاء! |
يا أبولّون، إنّ فُقَّاعةَ الشِّعـ |
ـرِ خليقٌ أن يحمل الأعباءَ! |
عش مريضاً، أو مُت بغيضاً، وهَل أشْـ |
ـبَهَ، من عاش مثلَك، الأحياءَ؟ |
هذه شارةُ النَّوابغِ مِن قبـ |
ـلِك، فافخرْ بها وتِهْ خُيَلاءَ |
إنَّ مَن يَجهلُ التهكُّمَ والسُّخـ |
ـرَ، غَباءً، يدعوهما، إطراءَ! |
* * * |
يا أبولّونَ! عاصفٌ أنا، لا يَعْـ |
ـبأ فلاً، ولا يخافُ سَراءَ |
أنا ليلٌ، يغشاك بالهول، والظلـ |
ـمَةِ، واللّيلُ يُفزِع الجبناءَ |
أنا للجارِمين موتٌ، ولا غَرْ |
وَ، فَقِدماً أوطأتُكَ الرَّمضاءَ |
أنا من زيَّف الأباطيل تزْييـ |
ـفَ قديرٍ، يرمي السِّهام غِلاءَ |
أنا واللَّيلُ، منذ كنتُ، شبيها |
نِ، جَلالاً، وقوةً، وحياءَ |
نَتساقى الإلهام، والشِّعر، والحكـ |
ـمَةَ، والفنَّ، والهوى، والسَّناءَ |
في سكونٍ أضفى الضّمورُ عليه |
ألقاً من نقائهِ وصَفاءَ |
لا كَمَن حاولوا الحياة نقيقاً |
واستقلّوا سبيلَها ضوضاءَ |
فجهادُ المبرّزين فِعَالٌ |
تتحدَّى بصمتها البلغاءَ |
ينطِقُ الدَّهرُ، دونها، ويذود الـ |
ـنقصَ عنها، ويُرخِص الفحشاءَ |
وسجايا الكرام غُرٌّ بَواقٍ |
تتهدَّى بها النفوسُ ضياءَ |
وهجائيك، يا أبولّونُ، أبقا |
كَ، ولكن مبعثَراً أشلاءَ
(22)
|
فتعهَّدْه بالتلاوةِ، والدَّر |
سِ، ونافسْ برزقك اللّؤماءَ |
فهو خُلدٌ حَباكَه حظُّك العا |
ثِرُ، شِعراً، يؤجّج البغضاءَ |