أنا ما نَسِيتُ حَنينَكَ المتَضَرِّما |
وشُحوبَ وجهِكَ، ثائراً مُستسلِما |
والحُزنُ في عَيْنَيْكَ جَمراً خامِداً |
واللَّفظَ في شَفَتَيْكَ، هَمساً مُبهَما |
وتَحَجَّرَت دُنياكَ حولَكَ بَغْتَةً |
وَبَدا كِيانُكَ صامِتاً مُتَهَدِّما |
وتَمَزَّقَ الماضِي، أمامَكَ، كُلُّهُ |
وَبَدا مَصِيرُكَ فيه ليلاً مظلِما |
وَهَمَمْتُ أنْ أجثُو على قَدَمَيْكَ لَوْ |
كنتُ استَطعتُ إليكَ أن أتقدَّما |
فلقد غَدَتْ بَينِي وَبَيْنَكَ هُوَّةٌ |
لم يَنصِبِ الغُفرانُ فيها سُلَّما |
أنا ما نَسِيتُ، وكيفَ أَنْسَى زلَّتي |
وحَقارَتي، لَمَّا نطقتُ تَهَكُّما؟ |
أنا لم أبادِلْكَ الغرامَ، وإنَّما |
حاولتُ فيكَ.. ومنكَ أنْ أتعلَّما |
قد كنتَ تجربَتي.. وأشهَدُ أنَّها |
كانت لِما آثرتُ فيكَ المُلْهِمَا |
وَضَعَتْكَ بينَ يَدَيَّ أوَّلُ لُعبَةٍ |
وذكرتُ عَهْدي في مُلاعَبَةِ الدُّمَى |
وَمَضَيْتُ في هَذَرِي بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ |
ورأيتُ جُرحَ أساكَ يُمطِرُني دَمَا |
فَسَكَتُّ شاعرَةً بِهَوْلِ خَطِيئَتِي |
خَزْيَا، وكانَ عليكَ أنْ تتكلَّما |
وَحَلَفْتُ.. هل أصغَيتَ، أو صَدَّقْتَ، أو |
أترَعْتَ لي كأسَ انتقامِكَ عَلْقَما؟ |
وَبَكيتُ، بعدُ، فهل رَثَيتَ لأدمعي |
ونَدِمتُ، لكنْ ما النَّدامة بَعْدَمَا؟ |
وَصَدَقْتَ في قولي، كذبتُ (بإنَّما) |
وشقيتَ أنت -وكم شَقِيتُ- بإنَّما |
وَحُرِمْتُ منكَ سِوَى تَصَوُّرِ ما مَضَى |
لي من هَوَاكَ طَلاقةٌ وتأزُّما |
أنا ما نَسيتُ، وكيف أنْسَى أنَّنِي |
قَتَّلتُ فجرَ حياتِكَ المُتَبَسِّمَا؟ |
أقتَاتُ بالحِرمَانِ بَعدَكَ والأسَى |
وأظَلُّ أستسقِي الحنينَ مِن الظَّما |
حتّى تَعودَ! وهل تعودُ؟ ولَيْتَنِي |
أجدُ السَّبيلَ إلى رِضاكَ. وَرُبَّما |
* * * |