وفي هذا العام توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد بعد أن دان لدعوته مئات الألوف في أنحائها الشاسعة(1). ويقول ابن بشر وفي عام 1208 سار صاحب شقرا بأهل الوشم إلى الحجاز فنزل بعض بلاد عتيبة وغنم كثيراً من إبلهم وفيه سار مسعود بجيوش كبيرة إلى الحجاز فأغار مرة أخرى على عتيبة ومطير فغنم منهم كثيراً(2) وفيها أرسل الشريف غالب جموعاً أخرى فالتقت بالنجديين على ماء يعرف بالجمانية في عالية نجد واشتبك القتال واشتدت وطأته وكثر القتلى في الطرفين(3).
الخوف من الفرنسيين: ووردت أخبار في عام 1213 بأن القيادة الفرنسية حملت على مصر وامتلكتها كما وردت الأوامر التركية بالحث على الاستعداد لكفاح الفرنسيين فيما لو فكروا في الزحف إلى الحرمين فأصدر غالب أمره إلى الأهالي والمجاورين أن يتعلموا استعمال السلاح وأعد لذلك ساحة في جرول يخرج إليها في فرق عظيمة للتدريب والتعليم كما أمر بإصلاح سور جدة وتقويته استعداداً للكفاح ولكن الفرنسيين لم يفكروا في الزحف إلى مكة(4).
الصلح بين غالب والسعوديين: يبدو أن غالباً شعر بعد الذي عاناه في قتال نجد أن من الخير أن يتفق مع جيرانه في حدود واضحة تبينها اتفاقات خاصة تعين القبائل التابعة لكل من الطرفين وترسم الحدود الفاصلة بينهما فندب لذلك من يحمل كتبه إلى الإمام عبد العزيز بن سعود فعاد الجواب بالموافقة.
واستمرت المكاتبات واجتمع المندوبون من الطرفين فقرروا الحدود الفاصلة بين المملكتين وأقرّت من الطرفين في مكة والدرعية(5) كما جاء في شروط الصلح ألاّ يمنع النجديون من الحج وأن يعاملوا معاملة طيبة وبذلك بدأ حجاج نجد يفدون إلى مكة في موسم عام 1213 وكان على رأسهم في هذا العام نفر من كبار علماء آل الشيخ.
كانت عاصمة آل سعود، وهي اليوم على أحد عشر كيلاً شمالي غربي الرياض، قد اقتربت منها مدينة الرياض حتى كادت تبتلعها، ومع هذا تحتفظ الدرعية بكل مرافق المدينة المستقلة. (ع).