شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تمهيد
كنا تركنا الشريف غالب يستقر أمره في إمارة مكة في نهاية العهد العثماني الأول ورأيناه يرفض الإذن بالحج لسكان نجد ويشتبك معهم في قتال، ونذكر في هذا الفصل أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت في هذه الأثناء قد عمت أكثر بلاد نجد ووجدت آل سعود في الدرعية خير معوان لنصرتها.
وغني عن البيان أن ظهور أمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان في منتصف القرن الثاني عشر الهجري وأنه ما كادت تمضي بضع سنوات حتى كانت دعوته قد اشتهرت وقام بنصرتها في الدرعية جد العائلة السعودية المالكة واشتدت شوكتها وأصحابها من آل سعود (1) وكانت أخبار دعوتهم قد وصلت إلى مكة في عهد الشريف مسعود بن سعيد بن زيد وترامت أنباؤها إلى بعض أقطار الإسلام فحارب فكرتها بعض العلماء لأنهم رأوا فيها غير ما ألفوه ووجدوها تستنكر كثيراً من التقاليد التي علقت بأهداب الدين وأقرها مشائخهم أجيالاً بعد أجيال كبدع رأوها حسنة لفرط طبيعتهم ورأى البعض لسذاجته أنها من نوع الأعمال الصالحة ولكن محمد بن عبد الوهاب أعلن شناعتها وأنه يرفض كل ما لم يعرفه سلف الأمة فاشتد نكيرهم عليه بدعوى أنهم يقبلون البدعة ما دامت حسنة وبذلك زادت شقة الخلاف بينه وبينهم ورأى رجال السياسة من أنصار تركيا أن يشايعوا المنكرين على الشيخ ليأتلفوا جمهرة العلماء ويكسبوا لصفوفهم ملايين الأتباع الذين ورثوا هذه التقاليد ويحولوا في الوقت نفسه دون تجميع القبائل في بلاد العرب حول دعوة موحدة تجمع صفوفهم.
بذلك شاع العداء بين الفريقين في إخلاص حاد، كانت جماهير المقلدين ترى أن محمد بن عبد الوهاب يتعسف في استنكار ما ألفوا عن مشائخهم ويحيلها إلى بعض ألوان من الشرك وكان محمد بن عبد الوهاب لا يتورع عن مجاهرتهم بما يعتقد ويرفض جميع ما ألفوا من أنواع التجاوزات ويرد كل تفسير لا يعتمده سلف الأمة ويجاهر بأقسام الشرك التي شاعت بين المقلدين فلا عجب أن تحدث هذه الدعوة ضجة لها صداها القوي.
وأراد أصحاب الدعوة أن يحجوا في بعض جموعهم فأرسلوا إلى الشريف مسعود بذلك فلم يتوافق على دخولهم وندبوا بعض علمائهم ليناظروا العلماء في مكة فلم ينتهوا معهم إلى وفاق.
ثم أرسلوا إلى الشريف مساعد بعده فأبى دخولهم ثم أرسلوا لأحمد بن سعيد فلم يوافقهم (2) . ويقول ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد (3) أن أحمد بن سعيد كاتَبَ السعوديين في نجد فكتب إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عام 1185 وأرسل بعض الهدايا فأجاب أحمد سعيد بطلب إرسال أحد العلماء فأرسلوا إليه عبد العزيز بن عبد الله بن الحصين. والمفهوم من هذا أن الغرض من ذلك هو المناظرة إلاّ أن ابن بشر لم يشر إلى تلك المناظرة ولم يبين نتائجها ولعلّها انتهت إلى غير وفاق ثم أرسلوا إلى سرور يطلبون الحج فوافقهم بشرط أن يتناول منهم ضريبة فأبوا ذلك عليه ثم تولى غالب فأرسلوا إليه فتهددهم ثم جهز عليهم جيشاً لقتالهم في سنة 1205.
يقول الشيخ عثمان بن بشر وكان على الجيش أخوه عبد العزيز بن مساعد ونفر كبير من الأشراف وعدد غير قليل من القبائل كما كان يصطحب أكثر من عشرين مدفعاً وطالت غيبة الجيش فأراد غالب أن يعززه بجيش آخر فجمع بعض القبائل وخرج يقودها بنفسه في 23 شعبان 1205 وقد اجتمع في طريقه بأخيه وبعد أن قاما ببعض الأعمال الحربية رتبا أمرهما للعودة إلى مكة لقرب أيام الموسم فعادا إليها في أواخر ذي القعدة من العام نفسه (4) .
واتصلت الأخبار بغالب في مكة أن بعض القبائل في تربة ورنية وبيشة (5) انضمت إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فجهّز جيشاً بقيادة أخيه عبد العزيز لقتالهم وغادر الجيش مكة في ربيع الثاني 1206 فوصل إلى الجهات التي ذكرناها وقد أطاعته القبائل فأقام عبد العزيز مدة في بيشة ثم عاد إلى مكة (6) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :386  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 170 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج