كانت مكة بحكم موقعها في طريق تجارة الطيوب والغلال وأنواع الأقمشة بين دول الجنوب وممالك الشمال ذات مركز استراتيجي ممتاز، وكانت أسواقها تزدحم بالتجار صاعدين في الشمال إلى الشام أو هابطين في الجنوب إلى اليمن كانوا ينقلون من منتوجات أفريقيا عن طريق اليمن -الرقيق والصمغ والعاج والتبر، كما ينقلون من اليمن الجلود والبخور والثياب، كما ينقلون من العراق توابل الهند، ومن مصر والشام الزيوت والغلال والأسلحة والحرير والخمور(1)، فمهروا في التجارة وتضخمت رؤوس أموالهم وبلغت قوافلهم التجارية ألف بعير في عهد غزوة بدر مضافاً إليها خمسون ألف دينار منقولة بين أثقالهم كما بلغت في بعض المرات ألفين وخمسمائة بعير وهي نسبة لها قيمتها المادية إذا قيست بالثروات في عهدها، وبلغ من ثراء قريش أنها استطاعت في غزوة بدر أن تفتدي أسراها من المكِّيين بأربعة آلاف درهم للرجل إلى ألف درهم إلاّ من عفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم من المعدمين(2).
وكانت إلى جانب هذا من أهم مراكز الصرافة في العالم القديم، وكان التاجر من أي بلد في الآفاق يستطيع أن يؤمن فيها على بضائعه صادرة أو واردة وربما احتاج إلى كثير من المال لسداد ما تطلبه بضائعه فتقرضه المصارف في مكة كما تفعل البنوك اليوم وربما أفحشت في الفوائد فتضاعف الربا واضطهد المدين حتى جاء القرآن بتحريم الربا عليهم.
كانوا يتعاملون بدنانير روم بيزنطة وهي من الذهب، ودراهم الساسانيين وهي من فضة كما تعاملوا بنقود الدولة الحميرية في اليمن ولم تضرب العرب نقوداً إلاّ في العهد الأموي كما سيأتي في حينه.
وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.