شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-46-
سمعتُ أديباً يشكو كساد بضاعته، ويأسف لما احترف من فن الكتابة ويألم للنتائج التي يراها مثمرة في كل الحِرف التي يراها بين يديه عدا حرفته التي لم تظفر إلى اليوم بما يبشر عن نتائجها، أو يشير إلى مواقع الأمل فيها.
تلك شكاوى أديب عاقل درّب قلمه على احتراف الأدب، وعاش على كثب ينتظر نتائج ما احترف، ولو أنصفت الحياة لكان أديبنا مكان الشكوى فيما احترف!!
فنحن جماعة المجانين لا نأسى بشيء كما نأسى للاحتراف.. ولا نأسف في حياتنا كما نأسف للمتأدبين الذين يميلون للكتابة كحرفة فيعتصرونها من رؤوسهم في مشقة العصّار الذي يختار لزبائنه أعواد القصب ثم يكابد عجلة العصير ليقدم ما يشتهون.
إن النحلة تهدي نتاجها إلى العسّالين في غير ما كبد تعانيه؛ لأنها تتخير ما تصطنع، ولا تحترف ما تجهد حياتها من أجله بل تركت غرائزها تتفاعل كيفما شاءت دون أن تتكلف له لوناً يرضيه أو صنفاً يشتهيه.
إن احترافهم للأدب لا يختلف كثيراً عن احتراف العصّار، فلا عجب أن يكابدوا في سبيل ما يحترفون كبد العصّار، ولو كان لهم فن النحل لتساموا عن الصنعة وأبوا أن يتركوا غرائزهم تتفاعل كيفما شاءت لتنتج ما شاءت لا ما شاء العسال!!
إن الأدب كفن يتسامى عن الأوضاع المهنية فهو لا يعطي نتاجه في خطوط يرسمها المحترف كما يرسم المهندس خارطة ما يبني بالمسطرة والبركار، بل هو فيض يلهم الأديب معانيه فتجري إلى لسانه أو قلمه في غير كلفة يصطنعها كما تجري المعاني إلى ريشة الفنان في تدفق لا يعرف كيف جاشت به نفسه ولا كيف تهيأ لها بناؤه.
إذا استطاع الأديب أن يكبر بقلمه على جميع الدوافع الخارجة عن نفسه، وأن يستوحي فيما يكتب طبيعته الأصلية فقد خرج بفنه عن المحترفين الذين يتكلفون الكتابة كما يتكلف المهنة أصحابها.. وبذلك لا يأسف للنتائج إذا خسرت لأن ما ينتجه فيض لا بد له أن يسيل إلى قلمه.
أؤلئك أدباؤنا معشر المجانين، فجئني بمثلهم إذا جمعتنا محافل العقلاء؟؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :333  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .