شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رب ذكرى..!!
لعلّ شبابنا الجديد لا يعرف الكثير عن الحيوية التي كنا نعيشها في عهد شبابنا قبلهم.
لم يكن بيننا صاحب شهادة عالية أو خريج جامعة، ومع هذا فقد كنا نشعر أن بلادنا تخطو إلى شيء جديد، وأنه يتعين علينا كشباب أن نبرز في إطار يصافح العيون المتطلعة إلينا.
كانت لنا اجتماعات شبه دورية لا نقضيها في لعب الورق وشرب الشاي فقط بل كنا نتداول أثناءها الكثير ممّا يفيد بلادنا.
لا أدّعي أننا صنعنا كل ما يجب أن نصنعه لبلادنا ولكنها على العموم كانت اجتماعات حيوية استطعنا في تضاعيفها أن نصدر كتاب (وحي الصحراء) كمجموعة تدل على أولى خطواتنا في الأدب الجديد.
وكان إلى جانبنا طائفة من الناشئة يحلو لها أن تترسم خطانا.. كان فيها الإخوان عبد الله عريف وهاشم الزواوي وحسين عرب وعبد الله بلخير وعلي فدعق وكثير من أمثالهم يتمتعون بما لا يقل عن خبرتنا. وكانت لهم اجتماعات هي الأخرى شبه دورية يتبادلون فيها كثيراً من الآراء وربما تباروا على منبر الخطابة في نطاق تهيمن عليه نزعة الأدب الذي شاعت لوثته في ذلك العهد بشكل متطرف.
واستطاعت الطائفتان أن تثبتا وجودهما في أكثر من فكرة.
فقد تراءى لنا نحن جماعة الشباب أن نحتفل في منى في كل عام بكبار الحجاج فندعوهم باسم الشباب ونتبارى في الترحيب بهم ثم نترك لهم المنبر ليشنفونا بما نطرب لسماعه من خطبائهم. وكانت طائفة الناشئة تساعدنا في كل هذه الحركات، كما كان أصحاب المعالي الشيخ عبد السليمان والشيخ محمد سرور يعضدانا مادياً في كل أعمالنا. ثم نسينا الفكرة بعد عدة سنوات وأخنى الزمان عليها.
وعندما أقبلت أول بعثة أتمت تدريبها على الطيران في إيطاليا قررنا نحن الشباب تكوين جمعية سمّيناها جمعية تشجيع الطيران تولت استقبال العائدين إلى جدة في ضجة قامت لها جدة وقعدت ثم أعلنا في الصحيفة التي كنا نملكها يومئذٍ وهي "صوت الحجاز" أعلنا استقبالاً أهلياً في جرول فضجت مكة للاستقبال ثم قدمنا إليهم السيارات المكشوفة لتنقلهم إلى داخل مكة بين الهتاف العالي بحياة الشباب.
ولم نكتفِ بهذا بل كوّنا لجاناً تطوف بالموسرين لتجمع تبرعاتهم لنشتري بقيمتها طائرة تقدم هدية باسم شباب مكة، فقد كان شباب مكة يومها من أبرز الشباب في المملكة إذا صح ما فهمت.
وأذكره بمناسبة العيد في الأسبوع الفائت أننا كنا بحثنا موضوع تقليد الحلوى التي تقدمها بيوتنا في أيام العيد واتفقنا يومها على قرار يقضي بالدعوة إلى إلغاء تقديم الحلوى وأن نستعيض عنها بالتمر الفاخر تشجيعاً لإنتاج بلادنا فتولت أقلامنا حملة صارخة في سبيل الفكرة وشكلنا في ما بيننا لجنة استوردت التمر وعرضته للبيع فنجحت الحملة إلى حد لا بأس به وقدّم كثير من بيوتنا التمر بدل الحلوى في ذلك العام، ولكن ما لبثت الفكرة أن تضاءلت بعدها بمساعي بعض الشطار.
وطلعنا بفكرة (مشروع القرش) وتحمسنا له وتوزعنا العمل في سبيله وساعدنا عليه كثير من ناشئتنا فجمعنا مبالغ لا بأس بها في موسمه الأول، ولكن الفكرة ما لبثت أن تضاءلت العام الثاني ثم نسيت في العام الذي بعده. وأذكر أن ما جمع كان محجوزاً في شركة التوفير والاقتصاد التي لا نعرف ماذا تم في شأنها.
إنها ذكريات لعلّ من الخير أن يذكرها شبابنا الجديد المثقف على سبيل المقارنة كلما تهيأت له خطوة جديدة يخدم بها بلاده.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :426  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.