شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في الاثنينية كان لفارسها ليلة (1) !
بقلم: د. عبد الله أحمد حامد
خمسة وعشرون عاماً أمضاها الأديب عبد المقصود خلف اثنينيته داعماً حركتنا الثقافية بجهده وماله ووقته! وليس المجال هنا مجال ثناء وهو حقيق به، جدير بكل ما يستحقه الوطنيون الرائعون من شكر وذكر، كفاء ما بذلوا وقدموا، مواصلين نجاحهم، ومستثمرين ـ بوعي نادر ـ ما أفاء الله عليهم من ذات اليد، لذات الثقافة والمبدعين والرّواد.
خمسة وعشرون عاماً (وابن خوجه) يواصل الاثنينية بشكل لا يطيقه إلاّ أولو العزم من الرجال الصادقين الأوفياء.
احتفل واحتفى بكثير من الباحثين والرّواد، ونقب عن نتاجهم ونشر مجموعات قيمة منه، وقدم لساحتنا وباحثينا مؤلفات ما كان لهم أن يجدوها بصورتها الجميلة لولا توفيق الله لهذا الرجل. أشهد أني لا أعرف الرجل معرفة شخصية، فلم ألقه إلا مرة واحدة قبل حوالى خمسة عشر عاماً، حيث كنا مجموعة من طلبة الدراسات العليا نقدم رجلاً ونؤخر أخرى، رغبة في حضور تكريم إحدى شخصياته، وكان أكبرنا يناصحنا بأن هذه الاحتفالية خاصة بأولي السمعة والحضور الثقافي في مشهدنا. وبعد مداولات ومشاورات حزمنا أمرنا، وتعاهدنا أن نتقبل أي استقبال أو اعتذار بروح رياضية رغم اختلاف ميولنا الرياضية، واتفاقنا على المباهاة بما يفعله الخوجه مع الثقافة، حيث غدا نموذجاً فريداً، أمام نماذج دعم رياضية كثيرة ينوء الذهن والقلب بذكر دعمها الكبير للرياضة فحسب! وقلنا ضمناً: إن يكن الاستقبال حسناً، فذاك، وإن قيل لنا ارجعوا، رجعنا وكان أزكى لنا! وقد تعاهدنا وأخذنا المواثيق أن يكون الأمر بيننا! توجهنا إلى دارة الخوجه، ولكم كانت دهشتنا ونحن نصافح عبد المقصود خوجه بقامته المديدة، وابتسامته الصافية يستقبلنا مع غيرنا ـ بكل حفاوة وترحيب، متهللاً باشاً.. عندها أيقنا لماذا يكون الروّاد روّاداً بالفعل!
كنا نتهامس بعد أن جاوزناه، ونحن نقلب نظرنا في دارته البديعة عن هذا الاستقبال الحافل، وتلك الروح الطيبة وكنت أقول حينها:
(ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا)..
وما أحلى وأنبل وأجمل، أن يشعرك هؤلاء الرائعون بأن رباط الكلمة رباط يلغي الحواجز، ويزيل العقبات، تلك الكلمة الأمانة التي علمها (ابن خوجه) حين تناساها آخرون، وأخلص لها حين أهملها القادرون!
شرفت بحضور احتفال الاثنينية بمناسبتها الرائعة، وألفتها، وقد ازدادت جمالاً وروعة! تحدث في الندوة ـ التي أرادها الخوجه مساءلة له ـ وشاءها المتحدثون المنصفون ـ وحق لهم ذلك ـ شكراً وثناءً واعترافاً بالفضل والبذل!
تحدث الوقور المبدع محمد عبده يماني فكان مثيراً ومتميزاً، وتحدث عبد الوهاب أبو سليمان بمنطقه العلمي بعد أن جاء بكل تواضع العلماء ونبلهم من آخر القاعة! وعاد إلى مكانه مرة أخرى بعد أن أنهى كلمته الرائعة وهو يمنحنا شيئاً عملياً من خلق العلماء.. ولم ولن يلام عبد المقصود حين رفض أن يواصل كلمته قبل أن يتبوأ ابن سليمان مكاناً آخر.. ثم تحدث الشعراء والسائلون والمثنون بما يجيش في نفوسهم ونفوسهن.. وكانت إصدارات الاثنينية، تزين مقدمة المنصة الممتدة، التي زانتها المؤلفات القيّمة لروّادنا، وزانتها الوجوه الوفية التي تحدثت من القلب إلى القلوب ثم تحدث الخوجه، وكان حديثه حديثاً مؤثراً في أكثر من موقف! كان متفائلاً رغم كل الإحباطات التي عايشها..
كانت دموعه حين ذكر أباه وزوجته رسالة لكل الحضور عن بعض من جوانب شخصية هذا الرائع النبيل، وهو يعيد الفضل لأهل الفضل..
كان الخوجه يطلب من الحضور، نقدهم السلبي قبل الإيجابي، وكنت أقول مع كل جملة، وأنا أستحضر تاريخ وجهود الاثنينية: (كم في بني عمنا من الرماح والروّاد والعمالقة والمبدعين!).
نشكو في مؤسساتنا الثقافية الدعم، ونعتذر ونتوارى (وابن خوجه) يقدم للساحة كل هذا النتاج الرائع المتميز..
نسيت وما كان لي أن أنسى أولئك الغرباء الذين لم يعكر صفو وروحانية تلك الليلة، سوى شخوصهم الخاوية الجائعة التي جاءت من أجل مائدته العامرة! فكان منظرها مفجعاً وهي تتجه إلى طاولات الطعام، وراعي الاثنينية تكرمه الجهات المختلفة!
عموماً، ظاهرة عبد المقصود خوجه حرية بالتأمل والذكر والشكر، من كل حريص على نتاج وجهود الروّاد لدينا.. وسيجد الباحثون حين تعوزهم الحيلة في إحضار وملاحقة أعمال روّادنا أن عبد المقصود خوجه قد قام بعمل لا تنهض به إلاّ المؤسسات الكبرى!
هذا هو عبد المقصود خوجه في بعض تجلياته.. إن رفض التكريم، وزهد في الثناء، فليس لنا بد أو عذر من أن نقول له كلمات يستحق خيراً منها!
أعانه الله على مواصلة نجاحاته وتحقيق آماله، وهدى مؤسساتنا الثقافية لتعتبر بعمله ومنجزه! إذ أشهد أن في عمله، عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :529  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 202 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج