شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صيد الخاطر
عندما يدير ظهره للجامعة (1) !
بقلم: عبد الرحمن الأنصاري
يعتبر التدريس من أرقى وأشرف المهن، وتبعاً لذلك فإنه كلما كان التدريس لمرحلة أو مراحل عليا، كان ذلك أعلى لمقاماته، وأكثر وضاءة وألقاً لمنزلته.
ولعلّ منصب أستاذ الجامعة، هو المنصب الوحيد الذي لا يجد المرء غضاضة في الرجوع إليه، بعد أن كان في مناصب أكبر منزلة وأرفع مقاماً في أعين سواد الناس وعامتهم.. فوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر الذي يعده الكثيرون وزيراً غير اعتيادي لشخصيته من جهة وللمكانة الدولية لبلاده من جهة أخرى ـ لم يجد غضاضة يوم لفظه كرسي الوزارة أن يعود فرحاً جذلان إلى كرسي الجامعة مدرساً.. ومثله الكثيرون من وراء غيره، بل ورؤساء دول أيضاً.. فأستاذ الجامعة إذا عندما يترك أو يتركه كرسي الوزارة لا يجد أية منقصة أو شعوراً باستبداله الذي هو أدنى بالذي هو خير عندما يعود إلى قواعده في جامعته بين طلابه وأبحاثه ومعامله..
ولكن مثل هذا الشعور واستشعاره يبدو أنه لا يزال مبكراً في وصوله إلى السواد الأعظم من أساتذة جامعاتنا السعودية الذين نرى بعضهم اليوم، ما إن تلوِّح لأحدهم شركة أو جهة ما بالانتقال إليها إلا وسارع في مطالبة ذلك بأسرع ما يكون، سواء عن طريق الإعارة، أو إجازة، أو استقالة، أو أية وسيلة أخرى حتى ولو كانت من قبيل (بَوْس اللحا).. تاركاً طلابه وجامعته غير عابئ بهما ولا بما تكبدته الدولة في سبيل تهيئته في الداخل إلى أن أصبح دكتوراً ملء السمع والبصر تتسابق المصالح على الاستحواذ به، ولو لم يكن إلا لمجرد لقبه العلمي، وهذا كله مع ما نعرفه جميعاً من أن مرتبات أساتذة الجامعات السعودية، هي من أكثر المرتبات كرماً بين مرتبات أساتذة جامعات الدنيا..
ولو أن مراعاة المصلحة العليا وحدها هي هِجِّيراهُمْ ودندنتهم، لقلنا إن القوم راعوا المصلحة العليا فلتنقطع صلتهم بطلابهم وبأبحاثهم في سبيلها لا ضير.. ولكن ما نراه لدى الكثيرين ممن تركوا الجامعة إلى غيرها لا ينتمي إلى أية مصلحة عليا أو دنيا بنسب.. فهو أشبه ما يكون بعُراق ليس عليه مَذْعةُ لحم.. إذ أعرف منهم من لُوّح له أن يكون مجرد سكرتير أو مدير مكتب أو مشرف على طائفة من العمال.. مختاراً لذلك ومستبدلاً له بمنصبه الأكاديمي الأشرف والأزكى!
إن ما وراء هذه الظاهرة ليتطلب الكثير من البحث والدراسة والاستقصاء لمعرفة أسبابه ومسبباته.. ولا أدري لماذا تسخو الجامعة بأساتذتها مستجيبة لطلباتهم هذه بمغادرتها عن طريق الإعارة أو غيرها وهي طلبات فيما يبدو أن الكثيرين من أصحابها لا يدركون ما يكمن من ورائها من أخطار وأمور تسيء إلى الجامعة نفسها.. فهل مردُّ هذا السخاء بالمنصب الأكاديمي تفضيلاً لكل ما يُلوَّح به من إغراءات وعروض من خارج الجامعة، مردُّه سهولة حصول البعض على المؤهل العلمي بنفس السهولة التي يحصل بها أي منا على تذكرة ركوب الطائرة.. وذلك باعتبار أن ما يسهل الحصول عليه، يسهل التفريط به؟!!
لقطة
لم أكن أعلم من قبل أن الولائم والمآدب وحفلات الغداء والعشاء الرسمية وغير الرسمية يعتبر حضور المرء لها زيادة في مؤهلاته العلمية والعملية، حتى أهداني بعض الأخوة مؤخراً كتيباً له صدر حديثاً وضع على غلافه الأخير تعريفاً شاملاً لشخصه الكريم، من ضمن ما تضمنته قائمة مؤهلاته حضوره بعض المناسبات التي كنت للصدفة قد حضرت إحداها معه ولم يتجاوز دور أي منا في تلك المناسبة، سماع بعض الكلمات وتناول وجبة العشاء والعودة إلى بيوتنا بعد ذلك لشرب الشاي.. لكن سعادته وضع حضور تلك المناسبة ضمن قائمة مؤهلاته العلمية والعملية!
لقد كدت أقطع أصبعي من الندم على عشرات المناسبات المماثلة التي حضرتها ولم أدرجها ضمن مؤهلاتي كخميسية العمودي، وجُمُعيّة فقيه بمكة واثنينية الخوجه وثلوثية الطيب وعشرات من الولائم والمناسبات في أنحاء المملكة كافة ذهب على تسجيلها أدراج الرياح!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :388  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.