شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ ((البوطي)).. وذكريات عطرة (1)
عبد المجيد موفق الزهراء
سعدت وغيري بحضور حفل التكريم الذي أقامه الشيخ عبد المقصود خوجه في اثنينيته العامرة لفضيلة الدكتور الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، والواقع أن تلك الليلة كانت ليلة رائعة ظهر فيها معنى التلاحم والتلاقي بين الأمة، فقد شعرت أن جدة العروس ممثلة بهذه الأمسية الرائعة تحتفي بدمشق الفيحاء، يمثلها ابنها وعالمها الجليل. وتداعت الذكريات إلى ذهني يوم كنت في أول طلبي للعلم منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، يوم كانت دمشق زاخرة بمجالس ذوي العلم والفضل، تعمرها المساجد، وتمتلئ بها حلقات العلم فلا ترى إلا مجلس فضل أو حلقة علم.
وفي تلك المجالس والحلقات التي سعدنا بها، بل من أكبرها وأوسعها، حلقة الشيخ محمد سعيد البوطي التي كانت تملأ جامع السنجقدار على آخره بالناس وتفرش ساحته الخارجية لاستيعابهم، ويأتي الناس ويتقاطرون إليها من مختلف المدن والمحافظات بل ومن البلدان المجاورة أيضاً.
لقد كانت حلقة درس شيخنا البوطي شيئاً عجيباً، وكان فيها من أنفع الفوائد وعظيم التقريرات ما يملأ النفس سروراً والقلب بهجة، كل ذلك بأسلوب علمي رصين، وبلاغة رائعة تأخذ بقيادة النفس وتأسر القلب وتشرح الصدر.
وكنت أعجب بدرس الشيخ وطريقته وأجده يتميز بهذا الأسلوب وتلك الطريقة في المعالجة على كثير من الشيوخ والأساتذة، وقد حضرت مجالس الكثيرين منهم واستفدت منهم جزاهم الله عنا كل خير، ولكل أسلوبه وطريقته.
ومن الأشياء التي لا أزال أذكرها أنني وأثناء دراستي الثانوية العامة سمعت طالباً من الطلاب في المدرسة يطرح على زملائه سؤالاً مشكلاً، وكان طرحه فيه استهزاء وسخرية ويقول في عنجهية ظاهرة: أتحدى أن يجيبني أحد على هذا الإشكال الفلسفي ((وكان للدين علاقة بما يقول)) فلما سمعت تساؤله وسخريته انقلبت على نفسي مهموماً مغموماً، لأنني لم أجد جواباً لما سأل، ولا علم عندي أرفع به شبهته. فماذا أفعل؟ لقد طلبت من الله تعالى المعونة، وكان قد حل موعد درس شيخنا البوطي، فذهبت إلى حلقة الدرس وإذا بالفرج قد ساقه الله لي على لسان الشيخ، وكان الدرس كله يدور حول هذا الموضوع وكشفاً لتلك الشبهة، بأجلى صورة وأوضح بيان، فوالله ما تمالكت نفسي، وانهمرت دموعي حمداً وشكراً لله رب العالمين على هذا التوفيق والخير الذي ساقه الله إليّ، في اليوم الثاني ذهبت إلى المدرسة مزهواً بحجتي، وطلبت ذلك الطالب وقلت له أمام الجميع: إن شبهتك التي آثرتها والفكرة التي طرحتها وحاولت تشكيك الطلاب بعقيدتهم من خلالها، ساقطة داحضة، وجوابها كذا وكذا.. فبهت.. ولم يجد جواباً، وانفض من حوله الجميع وخرجت من تلك المناظرة فرحاً مسروراً. وازداد تعلقي بدروس الشيخ ومحاضرته وكتبه.
ومما أذكره وأتذكره هنا، أن الشيخ في دروسه يمزج بين العلم وبين الأدب، فكم كانت عيونه تفيض بالدموع وتغلبه العبرات فتسري بين الناس نفحة قدسية، يجهش لها الحضور بكاءً وخشوعاً.
تحدث الشيخ مرة عن ((العبودية)) لله عز وجل فتمثل قائلاً:
لي لذة في ذِلَّتي وخضوعي
وأحبُّ بينَ يديكَ سفكَ دموعي
فما ترى في المجلس إلا باكياً وناحباً وخاضعاً لنفسه يعاتب.
ومع ذلك فالشيخ مع كل هذا الفضل والعلم لم يسلم من الخصومة وهم بين جاهل مخرِّف، ومغرض معاند، وضيق الأفق قصير النظر، وقليل منهم من هو صاحب حجة واضحة صحيحة.
فيا أيها الشيخ الكريم، سر على بركة الله، تكلؤك رعايته ويحدوك توفيقه، ولا تلتفت إلى المثبطين، فقد أجرى الله على يديك خيراً عظيماً، خصوصاً في خطواتك العظيمة ومساعيك الأخيرة.. ولا تنس أنه ما أبقى الحق لعمر صاحباً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :478  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج