شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في اثنينية ((خوجه)) (1)
بقلم: أبو تراب الظاهري
قال أبو تراب:
لقد وجدت كما وجد الأصحاب في اثنينية الرجل الفاضل الكريم، ذي الأيادي البيض الشيخ عبد المقصود خوجه منزلاً مشهوداً، ومنهلاً موروداً، منتجع الجناب، محفوف الأطناب مشفوح الحياض أنيق الرياض، ولا غرو فهو نجل لشيخ كان رحمه الله ضخم الدسيعة جم الصنيعة، محتلب الأشطر مستورد الأبحر مرجو النوال مأمول الأفضال مرتقب الجدوى، مرموق النعمى، يصطفي المكارم ويحتمل المغارم لذلك تذكره الألسن بفعل الجميل، وجاء نجله حماه الله على ديدن ذلك الشهم النادر الطراز فاستحق حيازة الحمد كما قال الشاعر: إن الأصول عليها تنبت الشجر.
هذا وقد دعاني لمعروف عادته، وأكيد مودته حسب سالف صحبته وألفته حين كان الضيف المكرم هو المربي الكبير الشيخ عثمان الصالح متعه الله بالصحة فألقيت ثمة قصيدة في الثناء على الصديق الفاضل عثمان الصالح، وكانت أمسية عامرة بذكريات الأدب، وتلقيت منه هذه الرسالة متأخرة، أنشرها لما فيها من لطيف عباراتها والتعريف بأدب أهل هذه البلاد وقاها الله من كل مدلهمة وطارقة وتلتذ منها بالحديث إذا جرى حديث سواها في خروق المسامع.
1 ـ عزيزي الأديب العريق أبي تراب الظاهري:
تحياتي وبعد: الشيء الذي فقدناه في مجتمعنا الأدبي أن الكاتب يعمد إلى التعبير الذي يخلو من الكلمات اللغوية والتعابير المفردة الأصيلة وفي زعمه لتكون المقالة مقروءة من العامة (أي عامة القرّاء) نعم فقدنا الكتابة إلا ممن ذكرت وأستثني مجموعة حافظت على أصالة الكلمة وفخامة التعبير اللغوي الحي أمثال شيخنا أبي تراب الظاهري وأبي عبد الرحمن بن عقيل وأشياخ آخرين أيضاً على رأسهم أمثال أديبنا وشاعرنا عبد الله بن خميس على غرار الشيخ الأديب عبد العزيز الرفاعي الناقد الأصيل صاحب الندوة الأسبوعية بارك الله فيها وأدام لنا صاحبها رب بيان والباذل في ندوته الرخيص والغالي حتى صبحت وكونت في أحياء الأدب والتراث مجالاً واسعاً لأنهم من علية القوم وكبار الأدباء ونبهاء الشعر الذين يرتادونها مناقشة وبحثاً وتنقيباً يستمر إلى منتصف الليل ولن تعدم فيها كرم الضيافة مما لذ وطاب من المأكول والمشروب كما لن تعدم هدية من أديب لديوانه أو هدية من ولي الندوة وأحسن من هذا وذاك معرفة توثقها الماكن مع أديب تأخذ عنوانه أو رافد تتعارف معه أو سفير ترتبط معه في معرفة باقية.. أترك هذا لا عزوفاً عنه ولكن لأنه طويل البحث وواسع الميدان ولست من أجله كتبت هذه الكلمة وهو الالتزام الذي يجب أن نحافظ عليه لهضم لغتنا مفردات ومعرفة أدبنا نصوصاً.. وأن تكون مقالاتنا تعتمد على أصالة اللفظة وجزالتها.. والحديث يجر الحديث لأقف وقفة وإن طالت على يوميات البلاد التي دبجها يراع كاتبنا اللغوي وأديبنا الشاعر: أبو تراب الظاهري المحافظ على لغته والمدوّن لمطالعته والنافث قلمه بياناً ضافياً ولغته بكراً وتحارب في الكتابة رثاثتها.. وفي المفردات ركاكتها.. وطالما كانت تقريضاً لندوة الأديب ابن الأديب.. واللبيب ابن اللبيب ـ عبد المقصود خوجه ـ صاحب الندوة العكاظية في (جدتنا) الجدية التي فيها مثوى أمنا حواء القريبة عند أم نبينا بالأبواء.. وفيها الأدباء يتبارون وفي روح الكلمات يتساوون وفيها وعليها الأدباء من شوق إليها ورغبة فيها وتنافس في الانتساب لها يتهاوون.. قرأت كلمة الأديب أبي تراب وإني لأجد أنه وقد خلع على صفاته.. وإن كنت في كلماته من هواته.. لأن بحره العباب الطامي يروي عذبه كل ظامي.. وصفني بالشاعر.. وألبسني ثوب الناثر.. وما أنا في هذين إلا كما وصف الشاعر قهوة رجل دعاه ولم يحسن ضيافته ولم يفهم كيف يقدره فقال للشاعر صفني وصف قهوتي ولذتها.. فقال على الفور وفي ساعتها ينفعني يوم هو من الدلة.. والقهوة كانت ماتعة.. ونوعيتها ما كانت نافعة.. هذا هو موقفي مع أديبنا اللغوي الضليع في بيانه وسالب القلوب في بيانه.. لقد أدرت القول في فكري.. وحاولت أن أشكره ولكن ماذا يعمل شكري وما كنت معه في بيانه أجري وأنى لي الأرسان حتى أسير مع الفرسان.. في طعان هم كماته.. وسبق هم حماته فالسماء وإن كانت قريبة في النظر في دنوها.. فأين أنا من الوصول إلى سموها أنها اللغة الحبيبة إلى نفسي.. واللاصقة في مشاعري وحبي.. وإن كنت أهواها قراءة برغبة.. فالتعبير بها صعبة.. إلا لمن هضمها علماً ودراسة.. ومن حاول ولم يدر ويتعلمها قبل فقد أهوى منها فاسه.. وصار بها مراسه.. ينهدم فيها أساسه.. لأنه دخل ودغل.. ويظن أنه ماهر وبطل وهي ليس فرساً ولكن بغل.. يا أستاذنا إنه: في تعليقك من البلاغة والتعبير ما هو أشد ريحاً ريحاناً وروحاً من العبير.. ولما علقت على القصيدة بلفظك المستطاب في كلامك المطابي وعباراتك الرطاب وقلت قال أبو تراب: طرت توكد السحاب.. وجمعتنا بامرئ القيس والنابغة.. في كلمات سابقة وكان لطرفة وعبيد بحالي ما حبرته من النشيد.. وما صغته من النثر والقصيد ما ذكرتنا بكلمات أكثم بن صيفي وإضرابه من أولئك الفطاحل الذين ما سرنا مسارهم ولا تتبعنا آثارهم.. أين فقراتك اللغوية التي ألبستها معانيك الأدبية هي الدر النثير.. إنها جديرة بأن تكون نصاً يدرس لا كلاماً يقرأ ويحبس.. ولا ثوباً يبلى ولم يلبس.. إننا بأدبك نفوز ومن كان لمثل هذا من كتبك يحوز فقد حظي من الأدب اللباب بلبه ومن الثراء بدرهمه وذهبه هذا وجريدتنا ((البلاد)) لها في الصحافة قدم معروف فقد ما تبارى فيها كتابنا في ميدان معروف في يوم كان الأدب حياً والعرفان فتياً. ولا يزال ذكره طرياً. واليوم وهي تسير ذلك المسرى وتجري فيه ذلك المجرى فتحية لها. لماطرة ما ينهال عليها كالسحب الماطرة.. ولقد قرأنا في العدد 9204 وقد وصل إلي وأنا في (مستشفى) في أمريكا في 1/12/1409هـ أجريت عملية جراحية مسددة وناجحة ولله الحمد.. وقد أعجبني فيها أحاديث كان لها في نفسي تلك هي كلمة ((الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع)) الذي كتب عن عمر بن الخطاب وهو يعقد مؤتمراً كلما حج يجتمع فيه برؤساء الأقاليم الإسلامية في موسم الحج وهو يتحرى الدقة عندما يولّي والياً وكان قبل اختيار الوالي يختبره ويسأل عن عدله وعن ضيافته وعلمه وفقهه ويرسل من يثق به للتفتيش على الولاة والتأكد من عدالتهم ونزاهتهم. وكان حقاً مقالاً جميلاً ذكرني هذا بالمؤتمرات الناجحة التي يعقدها مليكنا الغالي فهد مع الملوك والرؤساء سواء إن سافر إليهم لعقدها أو كانت في دولتنا رفع الله شعارها. وأعلى منارها وأعز دارها. أو اجتمع بالوزراء لدراسة مصالح الدولة ومنافعها وما هي عليه من التقدم لمحاولة المزيد كما كان تعليق الأستاذ زهير محمد بن جميل كتبي على القصة التي صاغها فؤاد أمين حمدي والتي عنوانها رحمة القسوى فعنوانها يدل على معناها ولكن القصص وإن لم أكن ممن يعنى بقراءاتها ولا يدركه على مطالعتها أتمنى أن لو كانت توحي بقصص العرب والمسلمين ففيها غناء وكمال يصلحان لإثراء القصة التي تنطلق من بيئتنا وماضينا وأمتنا ومجتمعنا وأعتقد أن كتاباً يسمى قصص العرب ـ لجاد المولى ومؤلف منه جدير بأن يكون ((رصيداً في بنك القصص)) لتصل ماضينا بحاضرنا أو بعبارة أخرى نتمسك في حاضرنا بماضينا وأذكر بكل تقدير لما كتبه ـ محمد حسين سنيور.. وإن كانت سنيور في اسم عربي لم تعجبني وإن كان لا بأس فيها، فقد كتب عن الزواج المبكر متى يكون محصناً في ثيابه ومحفوظاً من الله بزوجته في غيابه.
لا سيما إذا كانت صحبته وأذكر أن بني أمية عندما اختلطوا بالممالك التي فتحوها وامتزج أولئك بأولئك كانوا على انحراف أبنائهم وفساد شبابهم فكانوا يضعون أبناءهم رؤساء في دوائر الحسبة حتى يقلدوا من هم في مسؤولية الحسبة وإرشاد الناس ذكرني هذا الحديث بما كتبه عن رفاقه لما التقوا به في (جدة) زادها ازدهاراً.. اختاروا له إمامة المسجد فكان داعياً لصلاحه في غدوه ورواحه.. ومما سرني أدلاؤه بالحديث ((إذا أحسن الإمام فلكم إحسانه وله إحسانه.. وإن أساء فلكم وعليه ـ أي لكم الأجر وعليه الوزر والإثم وبوِّدي لو ذكر الراوي للحديث ودرجته من الصحة ولا شك أيضاً أن إبراهيم ثاه على أحسن في ما ذكر عن واجب الأبناء نحو آبائهم في البر والإحسان حتى ولو كانوا كفاراً وما ذكره من الأحاديث جميل ومفيد والحض على الصلاة من الأخت ـ وفاء البحر ـ لطيف لبنات جنسها أولاً ولغير ثانياً وصفحة روض الإسلام ينفح بالروح والريحان والخزامى والشيح.. وللأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله العطاس عن موهبة الأمير خالد الفيصل في مجال الأدب الشعبي نفح وأريج فلقد حضرت له ندوات وسمعت نفثات فكان الأديب الذي يعتز به الأدب في رصانته ومعانيه ألبسها ثوباً زاهياً ورداء ضافياً تبتعد عن الغموض وتنبض بالحيوية وهو يقول الشعر واعياً وموهبة وتمتعت بالندوة التي أقامها له الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز بالدمام لا تعلف ولا تعسف في معنى ولفظ والتي سمعت منها ومثلها في الآونة من البحرين ومن إذاعتنا السعودية الحبيبة.
وعلى هذا المنوال كاد أديبنا الأمير.. وهو عاشق أدب ومصاحب كتاب وكل ما في البلاد في ملحقها على هذا المنوال من كتاب يومياتها وفي ملحقاتها نهر عذب وكلام رطب.. وهذه الكلمات التي أكتبها لأخي حفظه الله من مستشفى ((لاهويا)) الجميل بأطبائه المهرة.. وتنسيقه في أبهائه وغرفه وعياداته ما ليس له مثيل إلا في مستشفيات بلادنا التي حوت أطباء كباراً وإدارة واعية تسعى إلى السمعة الحسنة قبلما تسعى إلى نحو ذلك وإن كانوا يأخذون لقاء ما يعملون فهم يعطون من العناية أكثر مما يأخذون وحديثي عن هذا المستشفى فقط أما غيره فلم أحكم عليه لأنني لم أدخله.
هذا ما عن رقمه.. وما هو إلا كتاب من صاحب لصاحبه على ما فيه من ركاكة لا تكلف فيه ولا مبالغة من مريض أفكاره موزعة.
هذا وتحياتي للأخ الكريم والشهم الهمام ـ عبد المقصود خوجه وفقه الله وأدام ندوته التي ((أدامها)) الأدب الطيب وقوامها الأديب اللبيب وحضارها كل أبي أديب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :523  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.