شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(115) (1)
وحملها إلى البريد.. رسالة رقيقة من كاتب أرق منها أسلوباً.. وأزكى أصلاً في مادته الإنسانية من مادتها الورقية يقول فيها ضمن ما يقول: قرأت كلمتك بجريدة عكاظ.. وبركنك اليومي ـ يوم.. ورا يوم ـ عن الحظ وبالنسبة لمعتقدك الذاتي فيه لم أخرج بنتيجة قاطعة لتؤكد أنك من المؤمنين بالحظ.. أم من الكافرين بوجوده؟
كان بودي أن أسمعها صريحة مدوية في مسألة يهمني الرأي فيها كما يهمني أن تكون من الصف الذي أقف بين أفراده ـ كما كان بودي أن تتناول الإرادة ـ والسعي ـ وما إليهما من عناصر مكملة للموضوع..
وأتجاوز عما جاء بالرسالة مما يدخل مباشرة في باب ((المراطلة)) وزلزلة خلة التواضع التي أخجلها الكاتب بما قال: لأصل رأساً إلى الأهداف.. ولو بفرض كسب حالة التعادل! دون إهدار وقت لا مبرر لإهداره.. وبغير افتراش مساحة أطول من المقرر.
والحقيقة أن وجود الحظ ـ كما قلت ـ كمفهوم زئبقي رجراج أمر لا سبيل إلى إغفاله أو إنكار وجوده.. وإنما المشكلة كلها تكمن في جعله المحرك الأول والأخير.. بحيث يجوز للمؤمنين والكافرين به على السواء أن يلبثوا فاغري الأفواه.. جامدي الحركة لاستقباله أو استدباره.. دون مقاومة لما يقضي به في حالتي السلب والإيجاب والإرادة الذاتية للشخص موضوع أشبعه علم الكلام والمذاهب المتشعبة منه.. والمتفرغة له بحثاً.. وتقنيناً.. وأمداء تتسع كل السعة وتضيق كل الضيق.. حتى لقد ذكر أن للسكين ـ مثلاً ـ خاصية القطع، وللنار خاصية الحرق، وهما مثالان جماديان للإرادة.. فما بالك بالإنسان وُهِبَ المعرفة.. والبصيرة.. والإدراك لما يضر وينفع..
ويقول الله تعالى.. وهو أصدق القائلين.. بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (القيامة: 14) كما يقول جل وعلا ـ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (النجم: 39).
كما يذهب البعض الآخر في سفسطة جدلية إلى فتح بوابات واسعة إن سهل الولوج منها.. فقد تعذر الخروج منها بسهولة على حد قولنا الشائع: مثلاً بالبيت الشعري السائد:
ألقاه في اليم مكتوفاً.. وقال له
إياك.. إياك: أن تبتل بالماء!!
وعلى ذلك كله أو بعضه ـ خطفاً وإيجازاً وإيماءً.. فالإرادة والكسب، والسعي، والحظ مسميات مفهومة الأداء والمضمون ثابتة الوجود في حياتنا بكل ما تعنيه الحياة من حركة وممارسة واستمرار وجود إيجابي دائب السعي.. والتطلع والاستهداف..
وبعد.. فلما كنت بطبيعتي أكره تصلب الشرايين في الحديث، ومواضيعه.. وأفرق من أن أبدو في هيئة المزمل بالطيلسان والمدجج بالقضيب الأبوسي.. فإنني مع المتمثلين بقول الإمام:
آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه!
وبالكلام البلدي الدارج فإنني مع جماعة.. أسعى يعبدي وأنا اسعى معاك.. ولست من العذريين في جو الحياة والمتمذهبين بمذهب.. اعشقيني.. وكلي هوا وإلى اللقاء ثانية ـ إذا شئت.. وإن كان.. قصر الشر أحسن من طوله!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :510  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 154 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.