شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(109) (1)
حاولت اليوم أن أقرأ كتاباً.. فلم أستطع أن أتجاوز أكثر من الصفحة السادسة منه.. وبدون أن يثبت في ذهني أي شيء من هذه الصفحات.. أيضاً.. فقلت لا شك أن الله قد ابتلاني بما عبته على غيري.. فقفلت الكتاب.. وأخذت أتابع حركات طفل بريء.. إلا أنه.. اسم الله عليه!.. مربرب وذو نفس رتعة.. كما نقول عن الأكولين من الكبار.. وكذلك من الأطفال!..
وصاح في وجه أمه.. وأصبعه في فمه.. واوا.. واوا.. واوا.. ويظهر أن أمه.. كما عفت أنا القراءة.. قد عافت أسلوبه في التهام الحلوى التي أتى عليها ويطلب جديداً منها.. فصرخت بدورها في وجهه.. بعد أن انتزعت إصبعه من فمه بقسوة.. كخا.. كخا.. واوا بحا.. خلاص.. انطق!.. وجذبته نحوها بشدة وذهبا بعيدين عن نظري..
وكما يبحث الأطفال.. لا يستطيعون السكون دون حركة.. عن شيء ما يتمشغلون به.. فضولاً لمعرفة الحياة.. وعشقاً للحرية ذاتها.. وتبديداً لنشاط صبياني لا يرضى الكبت.. ولا يخضع لنظامه مهما كان.. فقد أخذت أفكر في كلمتيْ.. كخا.. وواوا.. وابتدأت أجمع معهما بعض أخواتهما من ألفاظ الصغار.. للتسلية.. تماماً كما يفعل المشتغلون بحل ألغاز الكلمات المتقاطعة عمودياً وأفقياً..
وتوفرت لي من لغة الأطفال حصيلة لا بأس بها.. من أمثال الكلمات.. دحا.. أفو..ننا.. ودسه.. إلى آخر ما يحويه قاموسهم الخاص..
وصنفتها حسب المناسبات التي تقال فيها. محاولاً الرجوع بها إلى أصلها من جهة.. ومن جهة أخرى إلى البحث عن المؤلف الأول لها وعن الطريقة التي مكنته من إشاعتها بين العائلات أرقاماً وأدناها دون تمييز عنصري.. أو طبقي.. أو بشري..
وحتى كتابة هذه السطور اكتشفت مؤقتاً أن اللفظة الواحدة من هذه الألفاظ الصبيانية إما أنها مأخوذة من الحركة الطبيعية التي يدل عليها معناها.. أو أنها جزء من الكلمة الأصلية المستعملة من الكبار.. فمثلاً:
افو: تعني التحذير من النار.. وأنت إذا لسعتك النار.. فإنك تصرخ فطرياً.. بكلمة أف.. أف!! ومثلها.. اح.. اح.
كخا: وتعني التأفف والتنفير من ممارسة حركة شائنة.. أو موالاة منظر كريه.. وأنت لا تملك في الحالتين إلا أن تصرخ.. أخيه.. أخيه!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :560  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 148 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.