شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(93) (1)
وقال لي ضحى هذا اليوم ظريف خبيث.. كأنما اختاره كل من الظرف والخبث يتنازعانه فيما بينهما لتوفر عنصر كل منهما فيه توفراً لم يجداه في غيره من الناس.. فحقق لهما الظن بما أملاه فيه.. وضغط بهما ما يقيم التوازن بين الخير والشر في هذه الحياة بما لا يستقر معه اليقين إلى ترجيح كفة الخير أو الشر بين ميزاني الشريعة والطبيعة مما دفعني يوماً ما للقول:
قيل: حب الخير.. للخير.. شريعة
قلت.. لكن نزعة الشر طبيعة..
قال لي ضحى هذا اليوم هذا الظريف الخبيث.. ترى ماذا أردت وتريد بهذا الحديث عن البيان الملكي توسع به المضامين.. وتلملم فيه الأطراف موضوعاً شغلت نفسك وشغلتنا به؟.. لكأنك في نظري تدخل بذلك قفصاً ذهبياً في دنيا الأدب وعالم الحياة المزدحم بالناس وبالأفكار.. ولقد أحسست بكلامك هرشاً جديداً في ذهني يدفعني للخوض معك في هذا الحديث دفعاً لا أستطيع له رفعاً عنه..
فأجبته.. إن ما أريد من حديثي أن نكون يوماً موضوعيين فيما يهمنا من شؤوننا المباشرة تتعلق بنا وجوداً فردياً وكياناً عاماً.. وتربط بيننا وبين أجيالنا الصاعدة أبناء وبناتاً لنا نحيا اليوم ناسين ذواتنا لتكوين ذواتهم.. أما ما هو أصلاً.. وما قيمته الكبرى فإنني أشبهه موضوعاً بمحوّل صغير من محوّلات قطار السكة الحديد المندفع في طريقه الرهيبة الطويل ـ يأتي هذا المحول.. أي البيان الملكي، ليغير اتجاه القطار له من كارثة محققة إلى الوصول في أمان الله إلى محطته الكبرى في الطريق السليم المأمون..
وهذا التشبيه للحقيقة وللتاريخ من تشبيهات رجل دين عظيم كان لي في يوم من الأيام صديقاً صادق الود.. خالص الدعوة والإرشاد في سبيل الله..
قال.. نعم.. إنني كذلك أرى أن تتخذ بلادنا من هذا البيان صيحة عامة في طريق الخير نستعين بما ترتب على الإنابة والاستجابة لمضمونها الكبير عوناً على هذه النكبة زلزت عقيدتنا.. وقلبت كل أفكارنا ومعتقداتنا.. وجعلتنا نعيد النظر ملياً في إدراك الأسباب يعلو بها اليهود رقاب العرب والمسلمين يعتزون في مطالبهم ونتذلل.. ويستكبرون بالقوة فنتخاذل بالضعف ونتوسل.. ولو أننا كنا فعلاً لا قولاً ولا تلاوة نقف عند حدها فحسب منفذين المضمون لهذا البيان الكريم.. مؤمنين بالله عملاً صالحاً مؤدين لصلواتنا أداء العقيدة لا صفتها المنظورة.. متمسكين بعاداتنا الأصيلة.. نابذين البهرج الكاذب في التشبه بسوانا تشبهاً يقف عند حد الزخارف لا تكلف عناء ولا رهقاً في الملبس والزي والسلوك العام.. و.. وإلخ.
لو أننا.. كنا كأسلافنا فعلاً لما كنا على ما نحن عليه اليوم.. ولقلنا في حربنا لكل أعدائنا الأصول والذيول.. غير خجلين.. كم فئة قليلة.. ولأيدنا عملياً أنها ليست معجزة محددة بمرة واحدة.. وبزمن منقرض..
وأفاض حفظه الله.. وأسهب في فضائل التمسك بالله ديناً وبالإسلام نبياً.. وبالفرائض واجبات مرعية العهد والوعد لا نخجل من القيام بأعبائها خشية مسبة تلحقنا باسم الرجعية.. أو التزمت.. أو الخيبة الحقة.
فقلت صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.. أمضِ في طريقك يا شيخ.. وأكثر الله بيننا من أمثالك!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :574  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 132 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.