شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(82) (1)
قضيت وقتاً كبيراً هذا اليوم.. باحثاً عن ديوان الشاعر ابن الرومي.. وقد انتهيت بما يصل إلى مرتبة اليقين فالتأكيد بأن هذا الديوان نادر الوجود.. بل هو في علمي فعلاً غير معروض للبيع.. أو للتداول المعتاد بين الكتب وبين الناس..
وحين عجبت لذلك بعض العجب أو كله عللت السبب كما لاح لي.. فالملاحظ أن هذا الشاعر الذي عاش حياته يتشاءم من الناس.. من كلمة شؤم تقال عند خروجه من بيته.. فيعود إليه.. أو من منظر مزعج يراه.. فينفر منه ليقبع يومه كله في داره.. قد أصبح هو ذاته فيما التصق به فمثله.. وهو ديوانه.. مصدر شؤم وتشاؤم يخاف الناس من اصطحابه اقتناء.. أو رحلة فكرية للكتابة عنه من ناقد.. أو من باحث شاعر مثله..
فالمعروف يقيناً.. أن الأستاذ العقاد يرحمه الله حينما كان مشتغلاً بتأليف كتابه عن حياة ابن الرومي وشعره دخل السجن.. في تلك الأثناء.. وإن فلاناً.. وفلاناً سواه قد عانى سواء على نحو ما.. حين مصاحبته أو كتابته عن هذا الشاعر..
ومع ما سبق.. فقد عثرت أخيراً على نسخة من ديوانه لدى السيد الفاضل أبي تراب الظاهري والباطني معاً.. فاستعرته منه لأطالع بعض القصائد.. رغبة في الاستشهاد ببعض المقطوعات.. وكنت مقشعر البدن والنفس من بقائه لديَّ مدة تطول عن الزمن اللازم لغرضي ـ وذلك بحكم تجربة ذاتية لي مع هذا الشاعر.. فقد حدث لي حادث مكروه فعلاً.. وتخلصت من الديوان حال انتهائه..
وصادف ليلاً أن قابلت عرضاً أخانا الشاعر أبا زمخشر كما أسميه ـ أو بابا طاهر كما يطلق عليه الأطفال الإذاعيون.. وكان معي أبونا الأستاذ الأديب الأب عزيز وجرى البحث عن تحديات كل منهما لفكرة التشاؤم الشائعة من صحبة ابن الرومي بلون ما.. وخروجهما بنفس النتيجة.. فقد حدث لكل منهما ما لا تحمد ذكراه.. لذلك كله أو بعضه.. فإنني لم أكد أنتهي من الغرض المؤقت من الديوان المستدار حتى أعدته لصاحبه صاحبنا الظاهري الباطني الذي كان يلح في إبقائه لديَّ أطول مدة مناسبة.. فأحسست من هذا الإلحاح أن بنفس المذكور نفس العقدة لدى سواه.. وإن لم أسأله.. مكتفياً بتخريج خاص عن ذلك وتفسيره أن مجرد الاقتناء للديوان دون معاشرة مقتنيه له معاشرة فكرية ومتداولة يعفي من سريان قانون التشاؤم السائد.. والمشهور عنه..
وخرجت أخيراً.. ككل.. من هذا الذي ذكرته عن هذا الشاعر العملاق بصدق مثلنا الشعبي القائل بأن.. كثر الدوي يغلب السحر.. وإن جواز الأخذ بالتسامح في بعض الحالات الفقهية له من الواقع وفيه ما يبرره..
وقلت في نفسي غفر الله لهذا الشاعر العربي اللسان.. عاش حياته تلعب به رياح الشؤم والتشاؤم.. فأصبح بعد مماته عنواناً عليها بحق.. أو بدون حق..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :584  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 121 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج