شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(74) (1)
أحسست عقب استيقاظي من النوم اليوم بنغمشة في رأسي أو في موضع التفكير فيه بحيث شغلت حيزاً كبيراً من هذا الموضع وهي تدور وتدور لتقف أخيراً عند نقطة معينة تقول.. ترى ما هي الطريقة السليمة والمضمونة واقعاً عملياً معتمداً لتسعير قيمة العادة.. أو العرف.. أو التقليد.. في السوق الاجتماعية؟ لتداولها بنفس السعر على نطاق واسع وباطمئنان وثقة.. على أنها فضائل للاتباع.. أو لرفضها.. على أنها رذائل.. للاجتناب.. هل المدار هو التلقين والتلاوة للمحفوظات الواردة والمقررة منذ الصغر بالبيت.. وبالمدرسة.. وبالمسموع في مجالات الاجتماع الشخصي.. والاحتكاك اليومي؟
أم هل المكرر هو الممارسة الفعلية من الناس في حياتهم العملية تقنن وتقدر عملياً القيمة لتلك العادات والأعراف والتقاليد؟..
إنني أميل إلى ترك التسعيرة للممارسة الفعلية لكل عادة أو عرف أو تقليد.. دون اعتبار للتلقين البيتي أو المدرسي المحفوظ.. لأن في تقرير قيمة أي من ذلك كمتبع.. أو مصطلح بالممارسة رحمة كبرى.. وذلك لتطور المفهوم والأداء من جيل إلى جيل آخر بما تفرضه الحياة المتحركة وظروفها المختلفة من حين.. لحين..
إننا.. مثلاً.. لو أخذنا العادة والتقليد المتبعين في الزواج بخطوطهما المرسومة ابتداء من النصوص الشرعية الواردة بشأنه.. والمبيحة لرؤية الوجه لتقدير الجمال.. والكفين لمعرفة الخصوبة البدنية.. وانتهاء إلى حالة التطبيق العملي بين الناس من جيل لجيل لوجدنا اختلافاً بيناً.. وتناقضاً واضحاً في ظاهر الأمر فمثلاً:
ـ كان الزواج غالباً.. على العمياني.. وربما شذ أفراد فاكتفوا بالوصف لزوجة عن طريق الأم أو الأخت أو العمة.. واعتبر أولئك الأفراد في جيلهم روّادا تقدميين.. متمردين على العادة السابقة تقضي باحترام كلمة الوالدين تنفيذاً دون بحث أو جدل أو ملاحظة.. مع الإصرار دائماً على إغفال كيان النصف الحلو جملة وتفصيلاً.. وعدم أخذ رأي البنت في كل ما يتعلق بزواجها..
ـ كانت التسعيرة الخاصة بالمهور قائمة على حيثية العائلة برمتها.. دون تقدير إمكانية الزوج وحده.. فكأنما فرض التقليد أو العرف أن مسؤولية حياة الشاب بعد زواجه موكولة إلى العائلة كلها والتي سد من زواجه بحيثيتها!!
ـ كان الروتين المرتب بالنسبة لعملية الزواج.. حالات متعاقبة من قراءة الفاتحة.. أو ليلة الملكة.. فليلة الدخله.. فنهار الصبحة.. قامت جميعها على أساس من التكاليف المادية والجسدية من الرفود.. إلى المصاغ.. إلى السهر المتواصل..
هكذا كان هذا البند من الحياة.. وهو الزواج.. في موازين العادة والعرف والتقليد.. ثم تطور مفهوماً وأداء.. فانقلبت موازينه.. فهل أصبح الزواج شيئاً غير ما كان؟.. ولماذا؟.. وهل لم يكن الزواج هو إلا نفسه قصداً.. وغاية؟..
أبداً.. إنه هو.. هو.. ولكن عملية ممارسة الحياة بظروفها المتطورة بحكمها.. فمحت.. بل وداست على الخط الأحمر الكبير المرعب والمرسومة في كل جزء منه كلمة.. عيب.. عيب.. عيب دون التفات لخطورة معناها. ولقد قيل قديماً تزكية للتمشي مع تطور الحياة وممارستها بظروفها.. قيل بفلسفة عميقة وخطيرة.. الضرورات تبيح المحظورات.. وهناك حدوتة صغيرة تقول إن رجلاً أراد تزويج ابنه فكانت امرأته كلما ناقشها في عدم إمكانه بعمل كذا.. أو كذا.. تقول.. عيب.. ألا نقدم الشيء الفلاني.. وعيب أن نهمل الوضع العلاني.. فقال لها أخيراً.. أرى أن نزوجه في حدود إمكانياتنا.. أما عيوبك المتفرقة هذه فنجمعها كلها في.. عيب واحد!.. ونرتكبه..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :542  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.