شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(72) (1)
نحن نقول دائماً في المناسبة الداعية.. الموت علينا حق.. ولكن الرجة في الأعصاب.. والاستحضار السريع لصورة من نفقد.. والاستعراض الخاطف لشريط حياته.. وكأنه ما يزال بيننا أو أمام أعيننا كما رأيناه آخر مرة قبل سماعنا نبأ فقدانه يدفعنا إلى التردد في تصديق النبأ عن موت من نحب ومن لا نود غيابه عنا..
تبدو هذه الحالة واضحة ومكررة كل الوضوح ومع دوام التكرار.. وبالأخص إذا جاء الموت فجأة أو قريباً من حالة المفاجأة.. فكأننا بهذا التردد بل والإنكار أحياناً إنما نمسح بأستيكة مدرسية جملتنا التقليدية السابقة.. الموت علينا حق..
وشهيدنا على شيوع تلك الحالة وقِدَمها استنجاداً بأقرب مذكور.. للاستشهاد والتزكية بيت أبي الطيب المتنبي:
طوى الجزيرة حتى جاءني نبأ
فزعت.. منه بآمالي.. إلى الكذب!
فهو لا يريد أن يصدق موت قريبته.. ويفزع أملاً في بقائها كما تصورها حين ورود النبأ إليه صورة حية.. وحياة مجسدة.. يفزع إلى كذب الخبر.. وينسى أو يتناسى أن الموت علينا حق.
في المعنى السالف وفي متفرعاته دارت صباح هذا اليوم خواطري قسراً حين كنت أصفي بعض أوراقي القديمة.. وكانت من بينها أوراق كثيرة لزميل الدراسة.. فالصبا.. ورفيق الشباب.. وصديق الكهولة والعمر المتوفي غريباً بالقاهرة الشيخ.. كما كنا نسميه..
والطريف في الأمر الآن.. أنني وجدت صورة فوتوغرافية له وعلى ظهرها الإهداء ومناسبته وتذكرت بعثوري عليها صدفة ما كان متبعاً من الجيل السابق لجيلنا.. بل ومن جيلنا ذاته في أيام الصبا والشباب..
لقد درج الأصدقاء والمعارف فيما بينهم أن يقدم كل صاحب لصاحبه في أقرب مناسبة رسمه وأن يكتب خلف الرسم بيتاً أو بيتين من الشعر.. أو سطرين من النثر.. تذكاراً يبقى ممثلاً له في حياته وبعد انتهائها.. ومن الأمثلة.. ارتجالاً مني الآن مصوراً لروح الموضوع دون حرفيته:
إليك رسمي.. ليبقى لديك.. تذكار حبي.
أو: هذه صورتي دليل وفاء من محب ورمز أصدق ود..
والبحث في موضوع تلك العادة اللطيفة لطيف وشيّق لمن يتصدى له من القدامى الممارسين له نثراً ونظماً.. في حينه..
هذا.. ولقد ماتت.. كمتبع عام.. هذه العادة الفوتوغرافية مع من مات من أجيالها..
واندثرت تماماً بين من بقي منهم.. والموت عليهم وعلينا حق!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :541  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 111 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج