شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(71) (1)
عادني صباح هذا اليوم من علم بعدم مغادرتي الدار يوم أمس.. بسبب إصابتي الدرجانية.. ولقد فرحت بقدومه.. وأَنِسْتُ به فعلاً.. فقد كان العائد الكريم من ذوي الثقافات الفكرية المتنوعة.. ومن أصحاب الأرواح الخفيفة.
وابتدأ البحث أولاً من نقطة البداية المنظورة بالسؤال عن أسباب الإصابة ومواضعها.. وبالمناقشة للفكرة السيئة التي كان الأخذ بقبولها لممارسة عادة التفاؤل والتشاؤم السرية.. ثم تطور الحديث لما ارتبط بها وتعداها لأبحاث متلاحقة.. متشعبة.. واعية.
والحق أنني قضيت مع هذا العائد المثقف وقتاً لذيذاً وحاراً شعرت به ومعه.. وفيه أنني حي.. فحديثنا.. بأبحاثنا المشتركة أفسح المجال لتلاقي الأذهان باستعراضها ممثلة فيما قيل.. وفي المناقشة له.. وبنقد أصحابها تحبيذاً لنظريات.. أو تسفيهاً.. ورفضاً لها.
كما تناولنا الأوضاع الحاضرة هنا.. وهناك في محيطنا الداخلي.. وفي جونا العربي العام، ثم العالمي.. والإنساني المطلق حيث جالت الأفكار وصالت في أمداء.. وأمداء.. لعلّها إن فقدت ماهية التركيز الموحدة في باب أو أبواب بذاتها.. لم تفقد القدرة على المعالجة الموضوعية في إطارها الأدبي الحلو.. لكل منها.
وأخيراً.. بخروج صديقنا.. وبشعوري بالسرور الزائد.. ولدى انفرادي بنفسي وحيداً تذكرت أنني قرأت ذات يوم بعيد جداً في مجلة المختار مقالاً مترجماً لأحد الكتّاب الأمريكيين.. وكان عنوانه: ((هل أنت حي؟!)) وخلاصته المضغوطة هنا.. مع بعض الرتوش المعوّضة لبعض ما غاب عن الذاكرة منه.. أننا نحن الناس عامة نعيش.. أي أننا نأكل.. نشرب نلبس.. نعمل.. إلى آخر ما يزاوله الفرد منا في حياته المجردة التي نكررها يومياً.. وتلك في تقديره هي المعيشة.. أو هو العيش.. أي الوجود المكرور.. ولكننا متى نحيا؟!
عندما تقطع مشواراً طويلاً على قدميك.. وعندما تعمل عملاً طويلاً تحبه.. أو تميل إليه ميلاً روحياً.. وعندما تجهد في أمر تعانيه وأنت تريده بكل مشاعرك.. وتحس بحاجتك الماسة إلى الراحة بعدما بذلت.. فأنت في راحتك هذه تحيا وبذلك وبما أسلفت فأنت حي!
وعندما يغلبك الظمأ الشديد.. ثم تتناول كأس الماء البارد الزلال تترشفه قليلاً قليلاً في لذة وفي نشوة راوية لهذا الظمأ.. فأنت تحيا.. وأنت حي!..
وحينما تقرأ كتاباً يملك عليك وجدانك.. ومشاعرك.. وأفكارك متجاوباً مع ما فيه.. ومندمجاً بكل حواسك فأنت تحيا به.. وأنت حي!.
كذلك حينما تجمعك الصدفة.. أو الحظ.. أو العادة.. بزميل.. بصديق بإنسان من عشاق البحث الفكري.. والرشاقة الروحية.. وتندمجان معاً في أحاديث وأبحاث طويلة حارة متنوعة تتجاوب فيها الآراء والأفكار أو تحتك وتتعارض بها النظريات.. ويمتد فيها نفس المناقشات تضيف إلى ذهنك جديداً من معرفة أو تجود بها قريحتك بما يتولد ويظهر للوجود منها ما كان قابعاً في زوايا المخ.. متجسداً.. أو معلباً كالكونسروة.. فأنت تحي تهذي وأنت حي!
وعلى قياس النماذج السالفة فأنت تحيا.. وأنت حي.. في كل ما تحس إحساساً متحركاً.. وعميقاً من البسيط المتداول في يومياتك.. إلى النادر الطارئ عليها فسحة أو نزهة أو رحلة مادية أو ذهنية..
في هذا المجال من مدى المناقشة لتعريف المعيشة والحياة قضيت يومي الذهني تقريباً.. وبحثت عامداً عن عمل بسيط أمارسه.. ثم عن كتاب مختار أقرؤه لأشعر بعد الفراغ من كل منهما.. أنني حي!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :626  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 110 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج