شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(69) (1)
في هذا اليوم دعونا.. حيث ننزل ونقيم الصيف.. بعض المعارف من هذا البلد الذي نحن فيه.. إلى أكلة من أكلاتنا الشعبية التي تقوم مادتها الأساسية على السمك أو على نوع ممتاز منه على الأصح.. يتبعه كمكمل إضافي خشية العيب.. وإظهاراً للفنجرة.. لحم ضأن مربرب..
ويبدو لي أن الدافع لنا على اختيار هذه الأكلة الشعبية الدسمة وعلى دعوتنا هؤلاء الأغراب المعارف لتناولها كان الدافع الوطني لإظهار مبلغ اعتزازنا بلذة أكلاتنا.. وأن لنا مثل بقية الناس من أمم الأرض أصنافاً من الأطعمة خاصة بنا.. وذلك هو الحافز المستور.. وإن كان الغرض الظاهر هو رد الدعوة لهم على عزومتهم لنا قبل أيام على أكلة شعبية خاصة بهم.. ويعتبرونها مصدر اعتزاز كبير..
ولقد اجتهدت ربات البيت في الضبط والإتقان والتفنن في الطهي ذاته وفي تنوع الأطباق.. وحضرت العائلة المدعوة ـ ودارت بحكم العادة.. كما تدور كؤوس المرطبات.. عبارات الاستحسان والمجاملة والمدح المتطرف من جانب المعزومين لأكلتنا الشعبية ولذتها..
بل.. وزيادة في إظهار الإعجاب.. فقد أخذت السيدات المدعوات يستفسرن عن الطريقة التي يتم بها صنع كل طبق.. وعن المقادير والنسب التي تلزم من كل مادة لصنعه ـ وتولت السيدة الأولى شرح ما يلزم في فرح مشوب بإسهاب ودقة علمية مما يرشحها لوضع كتاب مستقبلاً.. في الموضوع.
وقمنا معها.. مساندة للشرح من جانب.. ولعبارات الإطراء المتواترة بالإجابات المناسبة عليها.. على طريقة أجوبة المجسات.. ولكن في تواضع يصل إلى حد نفي المقدرة أو التفوق.. وعدم استحقاق الموضوع لكل ما قوبل به من تهليل وامتداح..
وإلى هنا ـ والأمر عادي جداً ـ يحصل في أكبر العوائل ـ كما يقولون.. ولكن الطريف الذي حدث أن أحد المدعوين.. وهو ممن ينتمون إلى قائمة الأطباء.. حين أخذت أتحادث معه بعد انتهاء تناول الطعام في ود صريح.. وفي صراحة ودودة.. فاجأني بقوله إن مثل هذه الأطعمة الدسمة رغم لذتها التي لا تنكر الخطر على صحتكم بما تحويه من أسمان.. وزيوت.. وأبازير.. و.. و.. إلى آخر ما تشتمل عليه أكلاتنا.. وما هو معتاد منا.. وأضاف وبالأخص وأن بلادكم من البلاد الحارة.. لا الباردة مثل بلادنا..
ومع تسليمي العقلي بالصواب كله أو بعضه فيما قال.. إلا أن النعرة البلدية إياها جعلتني أناقشه موضوعياً في نشوء فن الطعام وتطوره عالمياً.. وفي البواعث والمسببات المناخية والاجتماعية لتشكيل كل بلد كيانها الغذائي حسب مقتضياتها.
وتدرجت إلى أن هناك ظاهرة غريبة في الموضوع ذاته تدحض قوام ما أشار إليه محدثي الطبيب.. وهي أن بعض الجاليات لدينا وبلادهم الأصلية أشد حرارة من بلادنا تعود أفرادها على تناول ما لا نستطيع نحن هضمه.. وإن صحتهم تفوق المعدل العالي بيننا.. بل وبين أفراد بلادكم.. بعشرات المرات..
ولإضفاء الروح الأدبية عن البحث ذكرت له أن هناك مثلاً شعبياً متداولاً لدينا يقول.. ولف الجساد بما تعتاد.. ومن هنا يمكن كذلك هضم فكرة ما سمعته مرة من أن الإنسان إذا تعود على تناول السم نفسه بنسبة جزئية فإنه لا يؤثر عليه بمرور الأيام.. وسألته رأيه في جواز صحة المسموع من عدم ذلك؟..
ولقد أطرق الطبيب هنيهة.. ثم هزهز رأسه يميناً وشمالاً على طريقة الموحومين في حلقات الذكر البائدة.. ولكنه ثبت نظراته أخيراً واستعاد المثل الشعبي لحفظه.. فأجبته إنه يقول.. ولف الأجساد بما تعتاد؟؟..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :552  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 108 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج