شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(68) (1)
كان يومي هذا شاعراً.. حيث صحوت على المناظر الساحرة.. ينطق بها الإصباح الجميل في الوادي.. وبالجبل.. وفي الأغوار.. خضرة ممتدة.. وأشجاراً يانعة.. ووروداً وزهوراً متفتحة مبتسمة.. ترقرق بينها الماء باعث الحياة.. في كل شيء.. حتى في قلب الصخور.
وتذكرت زيارتي الأولى لهذا الجبل.. حيث هزتني مع الحنين لبلدي في يوم كهذا ومن سنوات طويلة.. نفس المناظر.. بالإضافة إلى أنني كنت يومها مع رفقة من إخوان لي نقطع المسافة بسيارتنا إلى مقيال مرتب.. وكان الرذاذ المتقطع رفيق رحلتنا تلك.. فقلت في مدى قصير متناسب والاهتزازة الشعرية والاستجابة لها قصيدة كان عنوانها.. بلد الهوى.. ومما جاء فيها:
لبنان.. يا بلد الهوى.. وهوى الفؤاد
يا باعثاً شتى فنون السحر ليس لها نفاد
يا وقدة الفن المضيء.. وثورة الفن المجاد
يا بسمة بفم الطبيعة.. للطبيعة خير زاد
يا وردة بيد الزمان لها الزمان شدا وشاد
ومنها:
هذا هواي مفلح الأطراف.. رقرقه النسيم
هامت به الأطياف صورت الجديد أخا القديم
ما بين ناقلة صدى (صنين) والجبل العظيم
أو بين جالية المشاعر (بالصفا) أو بالحطيم
وصدى به أمد (ورضوى) ردداه فلن يهيم
ورؤى تطوف.. هنا هناك منتشرات كالغيوم
يبدو بها وادي الحرير كأنه وادي الجموم
وكان (عاليه).. (السلامة) في الكرامة والكروم
وكأن ظهر البيدر المرموق مثل كرى القويم
وكأنما الشاغور من سيل العقيق صدى الهزيم
وكأن بيروتاً.. لجدة.. لمحة الذهن الهزيم
والقصيدة طويلة ومتنوعة الصور.. والمشاعر.. وإن كانت في ميلادها بنت ساعتها.. لم تمر بأدوار الحمل وتوابعه المعتادة..
والمهم في يومي هذا.. ومع تذكري الزيارة الأولى لهذا الجبل.. وقصيدتي تلك.. المهم إنني اليوم تمتعت وارتويت بهذه المناظر.. ولكنني وبمقدار المتعة والارتواء أحسست باطراد الاسترخاء الجسدي بل والذهني.. دون انبثاق الذبذبات الشعورية التي يفترض حدوثها.. نتيجة مقررة في مفهوم وعرف الكثيرين القائلين باستيحاء الشعر من أمثال هذه المناظر.. قطعاً.. وطبعاً.. بالتأكيد.
وبذلك اطمأننت إلى صحة مفهومي الخاص بأن إيجابية الشعور الداخلية كحالة نفسية لا ترتبط إطلاقاً بالمناظر الخارجية المجردة بمقدار ارتباطها بالانفعال فيها.. مهما كان المنظر أو الجو المادي المقفر أو المحروم من الهياكل الجمالية.
ولهذا.. تطرفت مرة.. فقررت أنه ربما كان الحرمان ذاته وبكل معانيه المهماز الأقوى.. في تحريك دوافع التجربة أو الاستجابة الشعورية.
وكعزاء لحالة الجمود أمام ما رأيت اليوم.. فقد أسميت ما أراه وما أعيشه.. وصفاً لحالتي بأنني أعيش الشعر الحي نفسه.. لا الشعر المكتوب.
وعدت إلى بيت يتيم كنت قلته في يوم مشابه لهذا اليوم.. بل لقد كان أحفل بما ضم.. وجمع من شتيت المفاتن والمناظر.. ويقول:
عشنا هنا الشعر حياً لا نمارسه
على الطروس.. ولكن في وداعية
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :554  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 107 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج