شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(41) (1)
في هذا اليوم قابلت صديقاً من أصدقاء الشباب.. جاء من المنطقة الشرقية.. لبعض أعمال.. ولإجازة نفسية.. كما قال.. يستعيد بها بعض ذكرياته في بلده التي ولد بها.. وفيها نشأ.. وفارقها.. وبها بعض أهله وصحابه.. وذلك منذ زمن بعيد.. وكانت في عينيه دمعة وداع لها.. وعلى شفتيه ابتسامة حارة لأمل كبير.. ببلد جديد.. ربما سيقيم فيه.. وقد أقام فعلاً.. حيث نجح بعمله.. فيه!
ودار الحديث عن تطور مدينة جدة الكبير.. اتساعاً.. وامتداداً في العمران.. وزيادة كبيرة جداً في عدد السكان.. إلى آخر ما هو متداول عن هذا الأمر ووارد في بابه.. بل في أبوابه المختلفة.
ثم تطور الحديث.. وامتد كتطور البلدة نفسها وامتدادها.. وتناثر حتى استقر عند نقطة طال الوقوف عندها.. بعد أن قال: هل تعلم إنني قضيت يوم أمس.. في زيارة بعض الأهل والأقارب القدماء.. وتشبعت طويلاً من رؤيتهم ومن كل ما أحاط ويحيط بهم.. ولا أدري.. لماذا رحت بعد ذلك أتعقب أزقة بعينها للاطمئنان عليها.. وتجديد العهد بها.. ولقد فرحت كثيراً بالموجود القديم الباقي منها.. وحزنت أكثر على بعضها الزائل.. دخل في بيانات الهدم.. توسعة لشوارع حديثة.. فزال من الوجود نهائياً..
ولا تسل عن حنيني لتلك الأماكن العتيقة.. وتشوقي لها.. ووقوفي طويلاً عند أثارها.. استحضرها بعين الذاكرة أمامي كما كانت.. وكما كنا نحن بها رائحين.. غادين.. لاعبين.. وأمامنا دكان العم.. فلان.. والمركاز إياه.. وغير ذلك وهذا من المناظر المألوفة لا تزال صوراً مطبوعة في النفس.. وبالقلب.. بل.. وفي العين استحضاراً خيالها.. حين نريد!
ولقد تمنيت كثيراً لو كانت تلك الأماكن ما زالت باقية لأراها على واقعها.. وبحقيقتها ذاتها.. مع أنني قد أصبحت في حياتي الحاضرة لا أسلو أبداً البلد الجديد الذي أنا به.. ولا مسكني وحياتي الراهنة بالمنطقة الشرقية.. حيث أقيم الآن.
فقلت له.. أما تمنيك أن لو كان القديم من الأزقة المألوفة ومساكنها المنقرضة لا يزال كل ذلك موجوداً.. فإنني أقول لك.. فال الله ولا فالك.. رغم حنيني مثلك ببقية من خردواتي الوجدانية إليها.. فلقد كسبنا بزوال القديم وبحلول هذا الجديد الممتع للبلد والمشرِّف للسمعة مكانة ما نتمتع به اليوم.. شوارع عريضة مضاءة.. بدل تلك الفوانيس الخابية.. بهذه الكهرباء المشرقة.. وبالسماح للهواء الحر.. وأرتال السيارات بالمرور ذهاباً وإياباً في حيوية.. وانطلاق!..
أما حنينك هذا الذي يشبه حنين البدوي للصحراء.. كتعبير صديق لنا من قبل.. فإن تفسيره.. مع تفسيره لعقدة الدمن والأطلال.. موجز من الشاعر المصوّر الماهر ابن الرومي في قوله المفلسف لحب الوطن:
وحبب أوطان الرجال إليهمو
مآرب.. قضاها الشباب.. هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم.. ذكرتهمو
عهود الصبا فيها.. فحنوا لذالكا!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :687  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 80 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.