شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(22) (1)
ذهبت إلى السوق ـ في هذا اليوم ـ لقضاء بعض الحاجيات البيتية.. والشخصية واقتضى ذلك أن أتردد على بعض الحوانيت والمعارض.. لانتقاء الأحسن.. والأرخص والصفة الثانية ذات أهمية بالغة بالنسبة لجيبي قبل أن تكون بالنسبة لي.. بالذات..
ولما كنت من أبناء جيل قديم تعوَّد على المساومة في البيع والشراء.. أي على الطريقة التي كنا نسميها.. المكاسرة.. ونعني بها الأخذ.. والرد من أمثال.. لا.. فيك الخير.. ويا شيخ راعينا.. وهادا كتير.. ونحن زباينك.. وهيا تبغي تبيع وإلا لا.. وبس لف الحاجة.. وهاتها باللي قلت لك عليه! إلى آخر مصطلحات المكاسرة الدارج عليها جيلنا بالفطرة.. والتعوُّد.. والممارسة..
أقول لما كنت كذلك واحداً من أبناء ذلك الجيل المكاسر.. فقد صدمت اليوم فعلاً حين أدركت قدم أسلوبي.. بل اندثاره تقريباً.. وحين رأيت نفسي آخر من يخرج من الدكان أو المعرض اللذين أغشى كلاًّ منهما في برود وتخاذل.. لأن سواى من الزبائن كان ينهي مع البائع طلباته في تحديد.. وسرعة.. وفهم لروح العصر.. وهما.. أي الزبون والبائع.. يتبادلان كلمات قلائل تشبه طلقات الرصاص.. عندك كذا؟.. نعم.. طيب بكم هادا؟ بخمسين! هاته.. وهادي؟.. بثلاثين.. طيب لفها.. ودا؟ بعشرة.. ناوله للواد.. وهكذا.
وزيادة على هذه المفارقة بين الأسلوبين القديم والحديث.. في البيع والشراء.. فقد لاحظت ظاهرة جديدة لم تكن موجودة على أيامنا.. ذلك أن بعض أصحاب المعارض لا يجيبني على سؤالي إلا بالإشارة إلى الورقة المكتوب عليها الصنف والسعر.. كأنما هو بذلك يعلن أن الحديث.. مجرد الحديث.. ممنوع أيضاً.. في هذا العصر.. عصر السرعة.. والاقتصاد.. في كل شيء.
وهم بذلك يحرمون أمثالي من أهم ما أعيش به وله.. فن الدردشة والحديث.. أو السكناب النظيف يطيب بين الأخذ والرد.. ويقضون من حيث لا يشعرون على أخطر مثل عربي عتيد.. وهو الحديث شجون..
وأنا بالنسبة للموضوع لا أنكر أبداً أن هناك نمطاً من الناس لا يحلو له إلا اللت والعجن.. وتنشيف ريق البائع قبل أن يحوقل ويستخير.. ويتلطف عليه بقبول آخر سعر.. كما لا أجيز هذه الآلية الصامتة في معاملاتنا التجارية لأنه لا يزال للزمن لدينا فضول وفضول وللفراغ مجال ومجال..
وأخيراً.. فلكل ما أسلفت.. فقد عدت إلى البيت دون أن أقضى لهم.. أو لنفسي شيئاً.. وكلما سئلت عن السبب.. أجبت أن السبب هو هذا الأسلوب الجديد الذي لم أعرفه.. ولم آلفه.. والذين يطلقون عليه كلمة.. البريفكس.. وتعنى بكلامهم.. سعراً محدداً لا مكاسرة فيه.. كما أنها.. والحق يقال.. تعني بكلامنا البلدي القديم: كلام واحد!..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :605  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج