شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(23) (1)
عشاق أنصاف أو أرباع الحلول الذين يتخذون من مبدأ التساهل في الحياة.. وفي مواضيعها جلت أو صغرت لن يكون لهم وبهم أثر بارز متعدى في تثبيت فكرة.. أو مبدأ.. أو وضع.
أما أولئك الذين يصرون لدى المواقف الحاسمة على الحل الكامل والمناسب فيما كان هدفاً عاماً أو موضوعاً ذا علاقة مشتركة وأثر متعد للغير فإنهم الرجال تربوا على عقيدتهم القوية القواعد الكبرى للمبادىء.. في الحياة!.
وكرمز.. وكمثل بسيط لما أسلفت.. فقد قضيت جزءاً من ضمن هذا اليوم لدى مسؤول رسمي كان مرؤوسوه يفضلون لموضوع خطير أن يأمرهم بإنهائه بأسلوب نصف أو ربع الحل.. تماماً.. تماماً.. على الطريقة البلدية الدارجة والرائجة.. والقائلة.. خذ وطالب.. وكان لا يختلف حين عرض لهم الأوراق.. كما يسمون المعاملات ـ أحدهم عن الآخر في الدعاية الطيبة لهذا المبدأ الذي لا تفك عقده.. أو تصفى رواسبه في المستقبل بيسر وبسهولة..
ولقد راعني حقاً إصرار هذا المسؤول الرسمي الكبير على كلمته يرددها لكل واحد منهم، والموجزة في أنه ما دام هذا الموضوع الهام أو ذلك الأمر الحساس برمته لازماً أو حقاً، أو ضرورياً.. لا بد أن يتم بشكله الكامل التام ـ فلا بد أن ينتهي ـ ككل.. لا يتجزأ ـ ما دام على هذا القدر من الخطورة أو من الحساسية.. وإلا فليؤجل قليلاً إلى ظرفه الملائم يراعى في إنجازه فيه ألا تكون له ذيول ضارة.. ولم يقبل أبداً نصف الحل ولا ربعه فيما عرض عليه!
وجرى البحث شائكاً ودقيقاً في هذه النقطة بيني وبينه.. كاستشهاد على المبدأ نفسه في تاريخنا الإسلامي.. كمثل عظيم موقف الرجل العظيم ـ الخليفة الأول أبو بكر الصديق ـ حين امتنعت بعض القبائل عقب وفاة الرسول صلوات الله وسلامه عليه.. عن تأدية الزكاة ـ وقال منهم من قال.. نؤمن بالله ونشهد أن محمداً رسوله.. ونصلي.. ولكن لا نعطيكم أموالنا.. فقال أبو بكر إن الزكاة مثل الصلاة.. والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه.. فجادله كثير من الصحابة بأقوال منها ـ تألف الناس وارفق بهم ـ فإنهم بمنزلة الوحش.. أو.. إنما شحت العرب على أموالها.. فلو تركت للناس صدقة هذه السنة ـ إلى غير ذلك مما يعتبر.. في بابه.. وبابنا أيضاً.. أنصاف أو أرباع حلول..
ولكن جواب الرجل العظيم جاء قاطعاً حاداً كحد السيف.. والله لو منعوني عقالاً ـ وفي رواية عتاقاً ـ كانوا يؤدونه للرسول لقاتلتهم على منعه.. ولو خذلني الناس كلهم لجاهدتهم بنفسي.
وكانت النتيجة الباهرة لهذا الموقف الصلب أن اتفق الصحابة كلهم على قتال مانعي الزكاة.. واستصوبوا ما رآه أبو بكر رضي الله عنه.
ولقد أثبتت الحقيقة الناصعة.. والنتائج لعدم قبول النصف أو الربع إن هذا الموقف ذاته كان تاريخاً.. في تاريخ الإسلام ـ نقطة ابتداء جديدة له.. وفرصة تثبيت.. وامتداد!.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :590  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.