شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 52 ـ (1)
وحكاية اليوم لا تحتاج إلى دهليز.. فإنها فترة من فترات الترفيه.. لإرخاء الأعصاب المشدودة.. وإن دهليزها منها فيها كما يقال وهي عن الهيثم بن عدي نقلاً عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن عبد البر قال:
كان في المدينة رجل من بني هاشم وله قينتان تسمى إحداهما رشا وتسمى الأخرى جواذر.. وكان بالمدينة رجل مضحك لا يكاد يغيب عن مجلس المستظرفين.. فأرسل الهاشمي إليه ذات يوم ليسخر به.. وقد دس له في عصير تفاح مسهلاً شديد المفعول فما إن مضى بعض الوقت وتناول المضحك العصير حتى تحرك عليه بطنه.. فتناوم الهاشمي وغمز جارتيه عليه.
فلما ضاق الأمر بالمضحك واضطر إلى التبرز قال في نفسه.. ما أظن هاتين المغنيتين الإيمانيتين وأهل اليمن يسمون الكنف بالمراحيض.. فقال لهما يا حبيبتي أين المرحاض؟ فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول سيدنا؟ قالت.. يقول غنياني:
رحضت فؤادي.. فخليتني
أهيم من الحب في كل وادي!
فاندفعتا تغنيانه.. فقال في نفسه والله ما أظنهما فهمتا عني وما أظنهما إلا مكيتين.. وأهل مكة يسمونها المخارج.. فقال يا حبيبتي أين المخرج؟ فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول سيدنا؟.. فقالت يقول غنياني:
خرجت لها من بطن مكة بعدما
أقام المنادي بالعشيّ.. فأعتما!
فاندفعتا تغنيانه.. فقال ما أظنهما فهمتا عني.. وما أظنهما إلا شاميتين وأهل الشام يسمونها المذاهب.. فقال يا حبيبتي أين المذهب؟ فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول حبيبنا؟ قالت يقول.. غنياني:
ذهبت من الهجران في كل مذهب
ولم يك حقاً كل هذا التجنب!
فغنتاه الصوت.. فقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لم يفهما عني وما أظن الفاعلتين إلا مدنيتين.. وأهل المدينة يسمونها بيت الخلاء.. فقال.. يا حبيبتي أين بيت الخلاء فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول سيدنا؟ قالت يقول غنياني:
خلا عليَّ بقاع الأرض إذ ظعنوا
من بطن مكة واسترعاني الحزن!
قال: فغنتاه.. فقال إنا لله وإنا إليه راجعون وما أظن الفاسقتين إلا بصريتين وأهل البصرة يسمونها الحشوش.. فقال يا حبيبتي أين الحشوش؟ فقالت إحداهما لصاحبتها ما يقول سيدنا؟ قالت يقول.. غنياني:
أوحشوني.. وعز صبريَ فيهم
ما احتيالي؟ وما يكون فعالي؟
قال فاندفعتا تغنيانه.. فقال ما أراهما إلا كوفيتين.. وأهل الكوفة يسمونها الكنف.. فقال لهما يا حبيبتي أين الكنيف؟ فقالت إحداهما لصاحبتها.. يعيش سيدنا.. ما رأيت أكثر اقتراحاً من هذا الرجل، قالت ما يقول؟ قالت يسأل أن تغني له:
تكنفني الهوى طفلاً
فشيبني.. وما اكتهلا!
فقال واويلاه.. وأعظم مصيبتاه.. هذا والهاشمي المتناوم يتقطع ضحكاً.. فقال لهما.. يا فاعلتان إن أنتما لم تعلماني بالمكان الذي أريد.. أنا أعلمكما به.. ثم رفع ثيابه وسلح عليهما وعلى الفراش!..
فانتبه الهاشمي.. وصاح به ويلك ما هذا؟ تسلّح على وطائي؟ فقال الرجل.. حياة نفسي أعز علي من وطائك.. ثم أنشد:
تكنفني الملاح وأضجروني
على ما بي.. بنيات الزواني
فلما قلّ عن ذاك اصطباري
قذفت به على وجه الغواني!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :975  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 105 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.