شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 41 ـ (1)
ومن الحكايات الشعبية التي كان الناس يعقدون لها المراكيز لسماع فصولها كل ليلة يقف بهم الراوي عند موقف مشوق.. أو لدى مأزق حرج للبطل ليضمن حضورهم الليلة التالية.. حكايات عنترة بن شداد.. وأبي زيد الهلالي.. والزير سالم.
والحكاية اليوم تمس الأخيرة منها.. وتعتبر من ملاحم العرب التاريخية.. وتقول:
كان كليب بن ربيعة واسمه وائل قد عز وساد في ربيعة فبغى بغياً شديداً وكان هو الذي ينزلهم منازلهم ويرحلهم فلا ينزلون ولا يرحلون إلا بأمره حتى بلغ من عزّه وبغيه أنه اتخذ جرو كلب فكان إذا نزل منزلاً به كلأ قذف ذلك الجرو فيه فيعوي فلا يرعى أحد ذلك الكلأ إلا بإذنه.. أو من آذن بحرب.. فضرب به المثل في العزة حتى قيل.. أعز من كليب وائل..
وكان يحمي الصيد ويقول.. صيد ناحية كذا.. وكذا في جواري فلا يصيد أحد منه شيئاً.. وكان لا يمر بين يديه أحد إذا جلس.. ولا يحتبي في مجلسه أحد غيره.. وكان لمرة بن ذهل عشرة بنين جساس أصغرهم.. وكانت أختهم عند كليب.. ولهم خالة تسمى.. البسوس.. وكانت قد جاءت فنزلت على ابن أختها جساس.. فكانت كذلك جارة لبني مرة وكان معها ابنها ولها ناقة خوارة وفصيل.. وهذه الخالة هي التي قيل فيها.. أشأم من البسوس!
ويحكى.. أنه بينما كانت امرأة كليب بن ربيعة وهي أخت جساس.. تغسل رأس زوجها في يوم من الأيام وتسرحه التفت إليها قائلاً .. من أعز وائل؟.. فصمتت.. فعاد عليها.. فصمتت.. فلما كرر ذلك وأكثر عليها.. قالت له.. أخواي جساس وهمام.. فنزع رأسه من بين يديها.. وأخذ القوس فرمى فصيل ناقة البسوس خالة جساس فقتله.. فأغمضوا على ما فيه وسكتوا.. ثم لقي كليب ابن البسوس فقال.. ما فعل فصيل ناقتكم؟.. قال قتلته وأخليت لنا لبن أمه.. فأغمضوا على هذه أيضاً.
ثم إن كليباً أعاد على امرأته في يوم آخر قوله.. من أعز وائل؟.. فقالت.. أخواي.. فأضمرها وأسرها في نفسه.. وسكت.. حتى مرت به إبل جساس أخيها فرأى ناقة البسوس.. فقال ما هذه الناقة؟ قالوا لخالة جساس.. قال.. أو قد بلغ من أمر ابن السعدية أن يجير علي بغير إذني!.. ارم ضرعها يا غلام.. فأخذ القوس فرمى ضرع الناقة فاختلط دمها بلبنها.. وراحت الرعاة على جساس فأخبروه بالأمر.. فقال.. احلبوا لخالتي مكيالي لبن بمحلبها ولا تذكروا لها من هذا شيئاً.. ثم أغمضوا عليها أيضاً..
وحدث فيما بعد.. أن هطلت الأمطار فخرج كليب يتمطر ـ أي يتنزه في الخلاء ـ فركب جساس ابن مرة وابن عمه عمرو بن الحرث بن ذهل.. حتى أتيا كليباً وهو واقف على غدير الذئاب فقال له جساس طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشاً.. فقال كليب.. ما منعناهم من ماء إلا ونحن له شاغلون.. فناداه جساس.. هذا كفعلك بناقة خالتي.. فقال له كليب.. أو ذكرتها!.. أما إني لو وجدتها في غير إبل مرة لاستحللت تلك الإبل..
عند ذلك.. عطف عليه جساس فرسه وطعنه برمح فانفد حضنيه وهما ما دون الإبط والكشح.. فلما تداءمه الموت قال.. يا جساس أسقني من الماء.. قال ما عقلت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمك إلا ساعتك هذه.. وعطف عليه عمرو زميل جساس.. فاحتز رأسه..
وفي ذلك.. يقول المهلهل:
قتيل ما قتيل المرء عمرو
وجساس بن مرة ذو ضرير
ولو نبش المقابر عن كليب
فيعلم بالذنائب أي زير؟!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1018  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 94 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.