شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 38 ـ (1)
ربما تكشف المناسبة الطارئة لصاحبها عن طاقة خبيثة في نفسه.. أو عن موهبة كامنة لم يسبق له أن مارسها فيما هي له.. فإذا هو بتلك المناسبة يملك زمام أمرها.. ويحمد للمناسبة الطارئة أثرها المحفور في ذهنه باعتبارها فرصة غيّرت مجرى حياته العملية أو الذهنية.
وصاحبنا في هذا المدار هو النعمان بن بشير بن سعد.. وأمه عمرة بنت روّاحة أخت عبد الله بن رواحة التي يقول فيها قيس بن الخطيم:
أجد بعمرة غنياتها
فتهجر؟ أم شأننا شأنها
وعمرة من سروات النسا
.. تنفح بالمسك أردانها
وأبوه بشير بن سعد أول من قام يوم السقيفة من الأنصار إلى أبي بكر فبايعه.. ثم توالت الأنصار تبايع.. وشهد بشير بيعة العقبة وبدراً وأُحداً والخندق والمشاهد كلها.. واستشهد يوم عين التمر مع خالد بن الوليد.
وللنعمان بن بشير.. كأبيه.. صحبة بالنبي.. وكان عثمانياً وشهد مع معاوية صفين.. وكان كريماً عليه رفيعاً عنده يزيد ابنه بعده.. وعمر إلى خلافة مروان بن الحكم وكان يتولى حمص.. وقد قتله أهلها حين دعا إلى ابن الزبير.. وخالف على مروان واجتزوا رأسه.. فقالت امرأته.. ألقوا رأسه في حجري.. فأنا أحق به.. فألقوه في حجرها فضمته إلى جسده وكفنته..
كما أن النعمان بن بشير أول مولود من الأنصار ولد بالمدينة بعد قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم .. إليها..
أما الحكاية عنه في سبيل اكتشاف الموهبة من صاحبها تقوده إليها مناسبة لم تكن في حسبانه.. فإذا هو معروف بها متمسك بما تبين له.. فتقول:
خرج النعمان بن بشير في ركب من قومه وكان يومئذٍ حديث السن حتى نزلوا بأرض من الأردن يقال لها حفير وحاضرتها بنو القين.. فأهدت إليهم امرأة من بني القين يقال لها ليلى هدية.. فبينما القوم يتحدثون ويذكرون الشعراء إذ قال بعضهم.. يا نعمان هل قلت شعراً؟.. قال.. لا والله ما قلت.. فقال شيخ من الحرث ابن الخزرج يقال له ثابت بن سماك.. لم تقل شعراً قط.. قال لا.. قال.. فأقسم عليك لتربطن إلى هذه السرحة.. فلا تفارقها حتى يرتحل القوم أو تقول شعراً.. فنطق عند ذلك بأول شعر له.. وقال:
يا خيلي ودعا دار ليلى
ليس مثلي يحل دار الهوان
إن قينية تحل محباً
وحفيراً.. فجنبتي ترفلان
لا تواتيك في المغيب إذا ما
حال من دونها فروع قنان
إن ليلى.. ولو كلفت بليلى
عاقها عنك عائق غير وان!
ثم ضرب الدهر على ذلك.. وأتى عليه زمان طويل.. وأصبح النعمان أميراً على حمص.. وإذا بليلى القينية قد قدمت عليه واستأذنت للدخول شأنه شأن سواها.. فما إن رآها حتى عرفها.. فأنشأ يقول:
ألا استأذنت ليلى.. فقلنا لها.. لجي
وما لك ألا تدخلي بسلام
فإن أناساً زرتهم.. ثم حرموا
عليك دخول البيت.. غير كرام
وتذكر هديتها لهم.. وإن مناسبتها هي التي هيأت له اكتشاف موهبة الشعر لديه.. فأحسن صلتها.. ورفدها طول مقامها.. إلى أن رحلت عنه.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :993  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 91 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.