شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 28 ـ (1)
تختلف تصرفات الزوجات.. تتزوج إحداهن رجلاً سبق أن تزوج سواها وماتت تاركة له بعض البنين منها.. فبينما نجد الزوجة الثانية الجديدة تحفظ حقوق الرجل في واجب رعايته لأبنائه ممن توفت عنهم وتقدر حب الوالد لبنيه فتحدب عليهم كأنما هي والدتهم فعلاً.. نجد أن البعض من زوجات الأب يضيق بالولد أو بالبنت من زوجته المتوفاة.. بل إن تصرفاتهن تقتصر على إيغار صدر الأب والكيد للولد أو للبنت.. فتكون.. وحالتها هذه مستحقة لما قد ينزل بها من جفوة أو انفصال ينشأ كلاهما عن أثر الأبوة في الأب حين يندفع حنانه الجارف في مناسبته المؤثرة المتأثرة..
وصاحبنا في هذا الموضوع اليوم.. أبو دواد الأيادي وهو شاعر قديم من شعراء الجاهلية وقد قيل في وصفه إنه أوصف الناس للفرس في الجاهلية والإسلام.. ويأتي بعده طفيل الفنوي.. والنابغة الجعدي..
واسم أبي دواد الأيادي جويرية بن الحجاج وكانت له ناقة يقال لها الزبّاء، فكان بنو إياد يتفاءلون بها فحيث توجهت اتبعوها إذا أرادوا نجعة.. فخرجت بهم مرة حتى بركت بفناء الحارث بن همام وكان أكرم الناس جواراً.. وهو جار أبي دواد المضروب به المثل.. والذي يقول قيس بن زهير في جواره لأبي دواد:
أطوف ما أطوف ثم آوي
إلى جار كجار أبي دواد
والحكاية خاصة به موضوعاً فيما أسلفنا عن معاملة الزوجة لأبناء زوجها توفت عنهم أمهم تاركة إياهم لأبيهم ولمروءة وأخلاق من يتزوج به بعدها.. تقول:
تزوج أبو دواد امرأة من قومه.. فولدت له دواداً ثم ماتت.. فتزوج أخرى.. لم تلبث أن بدأت تضيق بالولد طالبة من والده أن يجفوه وأن يبعده عنها.. وبالرغم من حب الوالد لها الحب الشديد إلاّ أنه راح في موضوع إبعاد ابنه يتغاضى عن طلبها، ويهمل ما تقول.. ولكنها لم تفتر عن ملاحقة غرضها كل حين.. ودون انقطاع.. فلما أكثرت عليه قولها أخرج ابنك دوادا عني.. ابتدأ يفعل في نفسه مثلنا الشعبي القائل.. الدوى يغلب السحر..
وهكذا أصبح أبو دواد ذات يوم وقد هيأ بعيره لرحلة بعيدة.. ونادى ولده لصحبته متهيئين للرحلة بما يلزم من زاد ومتاع ثم ركب بعيره وأردف ابنه دوادا خلفه حتى انتهيا أخيراً إلى أرض جرداء قاحلة ليس فيها شيء فألقى سوطه متعمداً من يده على الأرض وقال إلى دواد.. أنزل فناولني سوطي.. فقال.. لبيك يا أبي ونزل ليلتقط السوط من الأرض ويناوله أباه.. فما إن وقف دواد على الأرض وذهب لالتقاط السوط.. حتى سارع أبوه.. فدفع بعيره بعيداً ونادى على ابنه قائلاً:
أدواد!.. إن الأمر أصبح ما ترى
فانظر.. دواد.. لأي أرض تعمد؟
فقال له دواد.. على رسلك.. قف واسمعني.. فوقف له والده.. بعيداً عنه يسمعه يقول:
وبأي ظنك.. أن أقيم ببلدة
جرداء.. ليس بغيرها متلدد؟
هناك رجع الوالد إلى ولده متصوراً ما سيؤول إليه حاله.. وقد تحركت كل مشاعر الأبوة فيه.. وقال له:
أنت واللَّه ابني حقاً..
ثم رده إلى منزله
وطلق امرأته!..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :910  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.