النُّورُ يضْحكُ.. مِنْ بعيدٍ.. من بعيدْ.. |
مُتلأْلئاً في قصْرهِ.. ضمَّ السَّعيدةَ.. والسَّعيدْ.. |
وأَنَا هُنَا.. وَحْدي.. وفي كَنَفِ الدُّجى شبحٌ وحيدْ.. |
مُتَنَاثِرَ الأفْكَارهَاجتْني الطُّبولُ تقولُ: إنَّ اليومَ عِيدْ!. |
وذَكرتُ أيَّامَ الصِّبا زَمَنَ الصَّبَابَةِ والشَّبابِ.. وَمَا يُجيدْ.. |
في فَرْحَةٍ خَضْرا ءَ.. مائسةِ القُدودْ: |
وَتَراً يَرِنُّ.. وَزَهْرةً فَوّاحةٌ.. وَهَوًى جَدِيدْ.. |
طَافَتْ بأَنفَاسِ الربيعِ.. نُذِيبُهَا في رَشفةٍ.. وَتذيبُنا.. |
فِي ضَمَّةٍ.. ثَغراً.. وَجيدْ.. |
وَيْلُ القلوبِ.. إِذا غَفَتْ ما بَين أَطباقِ الجَليدْ.. |
يَسْرِي إلى أَسْماعِها صوتُ الطبولِ.. |
تَقولُ: إنَّ اليومَ عيدْ! |
قُولُوا.. لأُمِّ الدَّهْرِ.. فِي أَقْفاصِهَا.. لا تَحْبسينَا.. بَيْنَها |
ذَهبِيَّةَ الأسلا ك.. كَانتْ.. أمْ حَديدْ.. |
لا تَحْبسي الغرِّيدَ في القَفَصِ البليدْ.. |
إنَّ القيودَ.. من السنينِ.. إلى الحديدِ.. |
هِيَ القيودْ!. لَم يَدْرِهَذَا النُّورُ.. مَزْهوًّا برونقه مديدْ |
لَم يَدْرِ ما مَعنى الظَّلاَ مِ.. ثوى بمَهْجَعه العتيدْ.. |
أمَّا أنَا.. فَبِقَلبِهِ.. وبجُنْحِه.. ما زِلتُ.. في كَهْفي التليدْ.. |
كَهْف الوجود.. توحَّدتْ فيه الحياةُ.. فوحَّدتْ.. |
غَلاّبة.. في أمرِها مَغْلوبةً في أسرها.. بَيْنَ الْمَرفِّهِ.. والشَّريدْ.. |
نِدَّيْنِ! قَدْ عاشَا الوُجُودَ.. |
ظَلامَهُ يَوْماً.. من الأيَّا مِ.. يَعْرِفُه الوليدْ.. |
عُمُراً تَرَعْرَعَ.. أَوْ رُؤىً هَامَتْ بأطْرافِ الوَصيدْ.. |
تهفو إلى صَوْت الطُّبولِ تقولُ: إنَّ اليومَ عيدْ!. |
وَمَشَتْ عَلَى أَعْقَابِنَا.. أيَّامُنَا وَبهَا الدُّروبْ |
وَبَدَتْ سَوى.. في عيْن يَوْمَيْهَا الَوجِيدِ.. أو المَجِيدْ.. |
لَوْلاَ رُؤى الماضِي.. لَغَابَ بِحاضِرِي.. مالاَ أريدْ.. |
وَلَكُنتُ.. شَيئاً.. قد يَحيدُ |
عن الطريق.. وَقَدْ يَبِيدْ.. |
لكنَّنِي.. بالأمسِ.. أو باليَوْمِ.. في دُنْيَاهُمَا أَبداً.. وَليدْ.. |
يهتاجُني صوتُ الطَّبولِ.. تَقَولُ: إنَّ اليَومَ عِيدْ!. |
وَتَوالَتِ الأيَّامُ فُي الدَّربِ الطَّويل.. روَايةً.. |
وَتَوَارتِ الأعْوامُ.. فيهِ.. حكايةً.. |
وَمَضَى.. يُبَعْثرُهَا.. المعيد المُسْتَزيدْ.. |
وَرَنَا.. يَلملِمُهَا. بِألْسِنَةِ الحوارِ.. المُسْتعيدْ.. |
ذِكرَى.. تَرَشَّفَ كَأَسَهَا.. |
دَارَتْ عَلَيْه.. بشَرْبها.. وبِشُربهَا |
فَطَفَتْ وُجوهٌ.. كَالحُبَاب.. إذَا طفا |
ما بَيْنَ غِلمانٍ.. وَغيدْ |
وَخَبَتْ وجُوهٌ.. كالرِّمَادِ إِذَا خَبَا.. |
وَقَد انْطَفَا الجَمر الوقِيدْ.. |
والنّاسُ.. كَالأَيَّامِ.. تَذْكُرُ بَيْنَها.. |
مَا قَدْ تُريدُ بِهَا.. |
وَتَنْسَى.. بَيْنَها.. مَا لاَ تُرِيدْ.. |
والنُّورُ يضحكُ.. من بعيدٍ من بعيدْ |
يَعْلو به رَجْعُ الصَّدَى وَصَدَى الطُّبولِ.. |
تقولُ: إِنَّ اليَومْ عِيدْ!. وَثَوى الظَّلامُ.. بِكَهْفِه |
مُتَوسِّداً قَلْبَ الصَّعيدْ |
والنُّورُ في طُولِ المَدَى يَقْفُوه.. يَبْدُو.. طَارِئاً |
لكّنُه.. في اللَّيْلِ.. عِمْلاقٌ مَريدْ.. |
وأَنا هُنَا.. وَحْدِي.. شَتِيتُ الرَّأْيِ فِي كَهْفي.. قَعِيدْ |
حَارَتْ عَلَى شَفَتَّي ألفَا ظٌ.. أردِّدُهَا.. نَشيدْ |
في كُلِّ حَرْفٍ.. مِنْ مَقَاطِعِهَا الطِّوالِ.. أو القِصَارِ.. |
أَلُوكُهَا.. مَعْنَى قَدِيمٌ.. خِلتُهُ.. وَإخَالُهُ.. مَعْنَى جديدْ.. |
يَرْجُو النَّهَارَ.. ولمْ يَزَلْ في لَيْلِهِ الطاخِي العَنِيدْ |
ضَاعَتْ.. بِسَاحَتهِ خُطَى الأَسْيَادِ.. فِي خَطْوِ الْعَبِيدْ.. |
تَمْضِي بِنَا الأَجْيَالُ يَرْوِينَا السَّرَابُ |
وَخَلفَنَا.. أَودُونَنَا نَبْعُ الوُجودِ.. لَنَا شَهِيدْ.. |
وَيْلُ القُلُوبِ.. إِذَا تَغَلْغَلَ بَيْنَها.. بَصَرٌ حَديدْ |
لا الزَّهْرُ.. يَبْقَى بَعْدَهَا زَهَراً.. وَلاَ الأَيَّامُ.. عِيدْ!. |
وَسَرَتْ بِنَا.. فِي الْكَوْنِ قَافلَةُ الزَّمَانِ.. ولاَ مَحِيدْ |
نَشْوَى.. عَلَى أَمَالِها نَحْيَا.. نُردِّدُهَا.. نَشِيدْ.. |
والنُّورُ يضحكُ.. من بعيدٍ مِنْ بعيدٌ |
وَدُجَى الظَّلامِ.. وُجُودُهُ.. ووجودُنَا |
ظلَّ المُطَارِدُ.. فِي غَيَاهِبِه.. طَريدْ.. |
وأَنَا هنا.. واللَّيْلُ.. مَجْثَمِي الفَريدْ.. |
ذاَبَ العزَاءُ.. بِمُرِّه.. وبِحُلوهِ |
فالنَّقْصُ فيهِ.. أخُو المَزِيدْ.. |
طَالَتْ مُعَانَقَتِي الحِسَانَ.. قَوَافِياً |
أَينَ الحِسَانُ.. شَوادِناً.. فيه.. وَغِيدْ؟ |
وَسَرَتْ بِجَنتَّهِ الصبَّابةُ.. كَالصَّبا |
بَرَداً.. وَكَانَتْ في جَهنَّمِه.. وَقُودْ |
سَلْ.. أينَ أَوتارُ الْغرَامِ.. تَقَطَّعتْ؟ |
أَمْ عَافَتِ الوَتَرَ الجَدِيدْ؟ |
واللّيلُ.. قَهْقَه سَاخِراً بِالنُّورِ يَصْرُخُ.. |
شَانِئاً.. أَوْ شَامِتاً فِي قَوْلِهِ: |
أَزِحِ السِّتارَةَ.. دُونَنَا فَالْيَوم عِيدْ.. |
إنّي.. وأَنْتَ هُنَا.. هُنَاكَ.. حَقيقَةٌ.. |
كُبْرَى.. يَضِجُّ بِهَا الوُجُودْ.. |
في النُّورِ.. في جُنْح الظَّلام.. |
وَكَمْ شَقِيٌّ.. في الظلاَّ مِ.. بِهِ سَعِيدْ.. |
فَارْخ السِّتَارَةَ.. أَوْ اَزِحْهَا فالطَّبولُ. تقولُ: |
إنَّ اليَوْمَ عيدْ.. |
واللَّيْلُ يَهْزَأُ.. صَامِتاً.. والنُّورُ يضحكُ.. |
مِن بَعيدٍ.. مِنْ بَعيدْ!!؟ |