شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النشيد التاسع
أبطال النشيد:
1 ـ أحمد.
2 ـ خديجة.
3 ـ علي.
4 ـ قدم: إحدى الوصائف.
5 ـ سعد: أحد الخدم.
1
قد عاد (أحمد) للبلاد وفي حقائبه الهدايا
والشوقُ يشرقُ في محياه ويخفقُ في الحنايا
فاستقبلته (خديجة) والدمع في العينين حائرْ
وملامحُ الحزنِ العميقِ تطل من هدبِ النواظر
و (علي) يرقدُ في السريرِ وقد كسا الجدري جسمه
جفَّت نضارتُه وأوهتْ قسوةُ الآلام عظمه
ولقد تفشى الداءُ بالعدوى كألسنةِ اللهيبْ
ما انفكَّ يفتك، كيف شاءَ، بلا رقيبٍ أو حسيب
وأشدُّ من فتكِ الوباءِ تطفلُ المتطفلين
وتطبب الجهال في البسطاء والمستضعفين
كم من وليدٍ كالهلالِ وكم فتاة كالغزاله
ذهبوا جميعهم ضحايا للفضولِ وللجهاله
حتى الأولى عاشوا وأخطأ صدرَهم سهمُ المنونْ
لم يسلموا إلا ليحيوا عاجزينَ مشوهين
من كلِّ أعمى لم يكحل جفنه ضوءُ الصباحْ
أو أعورٍ كالطير شَلَّوا من جناحيه جناح
أو شائه الوجنات عمَّق رشُّه فيها الحفر
يا للغراب الشؤم نقر بشرها فيما نقر
فأحاطَ (أحمد) طفل زوجته (عليًّا) بالرعايهْ
وسخا عليه بالحنانِ المستفيضِ وبالعنايه
حتى إذا ما الداءُ أنهى مده بدأ التراجع
وبدتْ عليه من السلامةِ في محياه طلائعْ
واسترجع المرحَ البريء وبسمة الطفل الغريرْ
وطفتْ على عينَي (خديجة) نظرة تندَى حبور
2
عادت إلى البيت السعيد حياتُه المتألقهْ
ونما (علي) مثلما تنمو غصونُ الزنبقه
وتفتقت فيه مداركهُ تفتق برعم
وأشاعَ في البيتِ الهناءةَ كالأريج المفعم
ضحكاته تنساب في الآذان كالأنغام نشوى
ولثاغه يحبو النفوسَ، متى غشاها الحزن، سلوى
كلٌّ يحاول أن يدَلِّلَهُ بما ملكت يداهُ
(قدم) تقلده الزهور و(سعد) يمحضه هواه
في الصبحِ تكحل أمهُ أجفانه (بالإثمد) (1)
أو ترسم (الصلبان) تسترضيه في ظهرِ اليد (2)
وتحيط ساقيه بجلجله، وتكسوه القلائد
وتشد أذنيه تعابثه، وتلبسه (المعاضد) (3)
ويظل يلعبُ بالجمالِ وبالقراقم والتليل (4)
ويعاكس الببغا فينقره فيجهش بالعويل
فتهب تحضنه (خديجة) وهي تهمس في ظرافه
إسكت، سأحكي في المساء إليكَ يا روحي (خرافه) (5)
ومضت طفولتُُه مذهبة الحواشيْ والجوانبْ
فرشَ الحنانُ طريقها وتدفقت فيها الأطايب
حتى أطل على الصِبا إطلالة الكُم الوليدْ
وطوى من السنواتِ خمسًا مثل باقاتِ الورود
3
نيسان ينثر في الروابي والسفوح مروجه
والفل ينشر في (الدوالي) والحقول أريجه (6)
والبلبلُ الصداح يهدي روضه لحن الشروقْ
والشمسُ تبدو في ضفافِ الأفق كالفلك الغريق
وعليُّ يرقد في السرير كدميةٍ في معبد
و (خديجة) تحنو عليه برقةٍ وتودد:
أسعدت حظًّا يا حبيبي، قمْ تمتع بالصباحْ
وانعم بتغريدِ الطيورِ ونفحِ أزهار الأقاح
هذي ملابسُكَ الملونةُ الموشاةُ الحرير
مِن ريشةِ الطاووسِ قد نسجت ومن ورق الزهور
و(النُقْل) و(الماورد) و (البيدان) والحلوى الشهيهْ (7)
قد جُهِّزت، فانهض لتنعم بالملذات الهنِيَّه
ولسوف تحمل (للمعلم ) يا حبيبي فاسعد
ولسوفَ تجلى كالعروسِ بموكبٍ وبمشهد
اني سأسعدُ إذ أراكَ وبين كفيكَ الكتابْ
وتكونْ اتقنتَ (القراءةَ) و(الكتابةَ) و (الحساب)
ورسمتَ في الصفحاتِ أحرفكَ الوضيئة كالشموعْ
وبذرتَ في الأذهان أفكارًا كأزهارِ الربيع
4
في غرفةٍ من منزل الأستاذ لطخها المداد
حُشد الشياطين الصغار كأنهم رتل ُالجراد
كانت عيونُهم تشدُّ إليه وهو يجيل طرفا
ويهزُّ في يدِهِ عصاه مهددا صفًا فصفا
ويعاود الدرسَ القديمَ كأنه يتلو صلاه
فيرددونََ الدرسَ مِن دون ارتياحٍ وانتباه
ويظل يعلو صوتهم وكأنه أصداء رعدِ
فيه من الهزء المبطنِ والشقاوةِ ألفُ قصد
كم هب تلميذ خبيث ملقيا فيهم سؤالا
من ذا الذي حفر الخليج، وكيف قد نزح الرمالا
فيجيبه الأستاذُ بالضرب المبرح من عصاه
ويكاتم الأطفالُ ضحكتهم فتفضحها الشفاه
5
وتباشر الطلابُ بالضيفِ الثري القادمِ
(بقهوة الحلو) اللذيذةِ، والبخورِ الحالم (8)
وبعطلةٍ يقضونها باللعب في عرض الطريقْ
و(السِّمِّنات) تحط فوق (الحل) من أقصى الفريق (9)
وطفتْ على وجه المعلم فرحةٌ ليست تُحدُّ
سينال منه (رفعةً) ما نالها من قبل نِدُّ (10)
سيخص منها عرسه الثوب المُزَرْيَب، والعطوْر (11)
وله الدراهمُ، والعباءةُ، والمناديلُ الحرير
ألفى (عليٌّ) نفسه في عالمٍ سمجٍ كئيب
ما بين جمعٍ ما له فيهم صديقٌ أو حبيب
كان المعلم واقفًا في الركن يملي درسه
والكل ينصت واجماً ويكاد يسمع هجسه
حتى إذا فرغ المعلمُ راح منصرفًا وشانه
فتحين التلميذ غفلته ومد له لسانه (12)
فتضاحكَ الطلابُ إعجابًا بفعلته المثيره
وعلا تضاحكهم كزقزقةِ العصافيرِ الصغيره
وتلفتَ الأستاذ يسألهم لماذا يضحكونْ
فتخابثوا ، وغشاهم صمتٌ تزوغ به العيون
6
ومضى (عليٌّ) في دراسته القراءة والكتابهْ
ألفَ المعلمَ، والرفاقَ، وقبلها ألفَ الرتابه
السبت يثقل نفسه بالجد، والدرس الدؤوبْ
ويسُّره فجرُ الخميس بعطلةٍ حتى الغروب
يتجمعُ الأطفالُ فيه يلعبونَ ويمرحونْ
يتشاجرون، ويضحكونَ، ويسخطونَ، ويمزحون
ما بينَ سخطهم، وضحكهم سوى رجع الصدى
لا تستطيعُ قلوبهم في طهرها أن تحقدا
كم لعبةٍ جمعتهم كالزهرِ يجتذب الفَراشْ
فيها غذاء للعقولِ، وللجسوم بها انتعاش
يلهون بالطنقور، والتيلات، والحلِّ الأنيق (13)
ويلذهم لعب الشراع العَوْدِ، والوثب الرشيق (14)
واللعب للأطفال إرهافٌ لحسهم، وصقلُ
وصيانة عما يخبِّئه الفراغ لهم، وشغل
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :188  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 241 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج