شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هاجس الأمن والأمير/نايف
ـ المرحلة الحضارية التي بلغناها - هنا - في هذا الكيان الكبير/المملكة العربية السعودية: تُعتبر دليلاً على تطور وتقدم (الإنسان) في الوطن الآمن المستقر.. وإِذا كان معدل الجريمة - قبل الطفرة وتدفق العمالة إِلى بلادنا - لم يكن يزيد 18، 0% من مائة في الألف من السكان، فإِن هذا المعدل كان دليلاً آخر على قاعدة تمسَّكَ بها هذا المجتمع، تقوم على: الإِلتزام بالشريعة الإسلامية وتطبيقها، مما يحقق لنا الأمن والاستقرار.
أيضاً.. فإِن هذا المعدل نفسه، يكشف الإحصاء له وفيه: أن مرتكبي الجرائم والسرقات ليسوا من أبناء هذا الوطن إِلاَّ بنسبة ضئيلة جداً.. حتى غزتنا عصابات المخدرات والسم الأبيض، بعد أن صار الشباب يعاني من الفراغ، ونسبة (تتزايد) أخذت تعاني من البطالة بعد تخرجها من الجامعات، فانعكست الأزمات النفسية على سلوكيات البعض.. وهذه المؤشرات جعلت ((ولاة الأمر)) والمسؤولين عن الأمن: أكثر حزماً وانتباهاً، وينبع ذلك من حرص ولاة الأمر والمواطنين/متعاونين على بقاء هذا المجتمع المتميز بالأمن: ينعم بما عُرف عنه، وتعوَّد عليه، واستقر في أمانه.
إِننا في هذا الوطن.. نركز على فلسفة الأمن كالتزام، وكما قال وزير الداخلية/الأمير نايف بن عبد العزيز:
ـ ((إِن التطور الذي عاشته وزارة الداخلية، هو: الانعكاس الحقيقي للتطور الذي عاشته المملكة منذ تأسيسها على يد مؤسسها الملك عبد العزيز، تغمده الله برحمته، وذلك عندما وضع برنامجاً إِصلاحياً طموحاً هدف إِلى: توطين البدو، وتعليمهم القراءة والكتابة وأصول دينهم ومبادئ الزراعة، ليعيشوا في بيوت بدلاً من كسب العيش عن طريق الرعي والانتقال خلف منابت العشب)).
تلك هي ملامح حياتنا التي توطدت - منذ البدء - على دعائم الأمن بسبب تمسكنا بالعقيدة.. وتلك هي ملامح قدراتنا - كدولة - تنادي بالسلام العادل.
وهذا (الأمن) الذي اعتبرته صحافة الغرب والشرق: أسطورة هذا الزمان في وطننا، حتى هبَّت علينا أعاصير مما اجتاح العالم: إِرهاباً، وجريمة.. هو (الخيمة) الواقية لحياتنا، حتى انعكس تأثيره على الحياة الاجتماعية والمدنية، وعلى رفاهية البعض.. فالأمن: من أوائل تشريعات الإسلام لحماية المسلم، وصونه، وتشذيبه وتهذيبه.. والأمن في وطننا هو: قاعدة الأسرة الاجتماعية!
ونذكر - قبل سنوات - ذلك السؤال الذي طرحته صحيفة عربية أسبوعية، قالت فيه:
ـ ((كيف انقرضت الجرائم في السعودية، حتى أصبح معدل الجريمة لا يزيد على 18، 0% من مائة في الألف من السكان))؟!
وكانت الإِجابة المستخلصة من تجربة الدولة السعودية في ضوء تطبيقها للشريعة، هي:
ـ ((إِن هذه البلاد لم تعرف الخوف من الجريمة، لأنها طبّقت أحكام الشريعة الإسلامية التي تكفل العدالة للجميع، وتحمي حقوق الفرد والجماعة، وترفض الفوضى والاستهتار بأمن المجتمع)).
لكنَّ ((الأخطر)): يتمثل في ما يتراءى لنا في شريان المجتمع الإنساني.. وما زلت أحفظ كلمة قالها لنا ((الأمير نايف بن عبد العزيز)) في حوار قديم بيننا وسموه عن: الأمن، والتماسك الاجتماعي والأسري، وضرورة التناسق بين مطالب العصر والتطور العلمي والحضاري، وبين مفهوم الإنسان ووعيه وإِحساسه أيضاً.. يومها قال الأمير نايف:
ـ ((إِن تعويض الآلة التي تُكسر: سهل.. ولكنَّ الصعب جداً: إصلاح الإنسان الذي ينكسر، أو ينحرف، أو تتشوه نفسيته أو أخلاقه))!
ولا بد أن الإنسان - في كل مجتمع - يريد الحب والألفة، ولكنه يصطدم بمن يمارس الكراهية، فالبعض يريد الحب ويتعرقل بالكراهية.. والبعض يريد التحضُّر ولكنه يضغطه داخل مطالبه الذاتية.. والبعض: ما زال يريد أن يعرف ماذا يريد (؟!).. فالاتجاهات الإنسانية تقف على مجرى شلال هادر من الماديات، والنزعات والشهوات، وضعف النفس.. وغالباً ما يكون الإِشفاق على العيش: أكثر ضرورة من الحنان على الشعور بالحياة!
* * *
ـ إرهاب.. بأشكال أخرى:
ـ إِن (الإِرهاب): لم يعد ينحصر في العمل المسلّح التدميري العنيف فقط.. فهناك إِرهاب بالكلمة، وإِرهاب بمصادرة حرية الرأي فلا يروج إِلاَّ ((الرأي الواحد)).. ومثل هذا الإِرهاب هو الذي يعمد مُروّجوه إِلى قذف كل مَنْ يختلفون معه في الرأي بشتى النعوت والاتهامات التي صار من أسهلها: إِتهام مَنْ يقول رأياً مختلفاً بأنه: علماني، أو شيوعي، أو حتى.. ((عوْلمي))، ومن هو: المسلم/ العربي الذي يرضى على نفسه أو فكره بالانتماء للعولمة؟!!
لكنَّ كيل الاتهامات جزافاً لكل مَنْ يختلف معنا في الرأي، أو حتى في الطرح والرؤية للغد.. لا بد أن يُحدث الفُرقة بين الأمة الواحدة، ولا بد أن يثير ((الفتن)) التي نحاربها ونتحاشاها ونربأ أن نُسقط فيها أي حوار يخص ديننا وشؤون حياتنا ومعاشنا!
إِن أسلوب التوتر، والتجلط الحواري، والانفعال، وإِشعار الطرف الآخر/الذي نختلف معه في الرأي أو الطرح بأننا: الأقوى منه والأقدر على إخراسه.. لهو أسلوب تنسحب عليه صفة ((الإِرهاب)) بالكلمة، أو بمصادرة الرأي الآخر، وهو ما يبعد ببعض الشعوب عن أبعاد وأهداف (الشورى) التي تسمح بالحوار في حرية لا تتعدى بالطبع على العقيدة، ولا على القيم والمبادئ الثابتة!
ولعلّنا في مناسبة سريان مفعول الاتفاقية العربية لمكافحة الإِرهاب التي اعتمدها مجلس وزراء الداخلية العرب في اجتماعه التاريخي برئاسة: الأمير نايف بن عبد العزيز - وزير الداخلية السعودي، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب.. نتطلع إِلى بقية الأقطار العربية التي مطلوب منها أن تستكمل إِجراءات التصديق والإيداع لدى الجامعة: أن تبادر إِلى هذا الإِجماع، ليتخذوا بهذا التنفيذ الإيجابي خطوات مواجهة ظاهرة الإرهاب الأخطر التي تحصد الأرواح البريئة، وتُشوّه صورة وحقيقة الإسلام النيّرة القائمة على: المحبة، والتسامح، والتضامن صفاً واحداً في وجه عدو بشع يستهدف الإسلام ويتعقب المسلمين.
وسيذكر التاريخ المعاصر الذي نشهد اليوم كتابته على هذا العطاء الذي نذر ((ولي الأمر)) نفسه ووقته وجهده لتحقيق نتيجة فعّالة من شأنها أن تنجح في محاربة الإِرهاب/الظاهرة، والعودة بالشعوب العربية إِلى حياتها العادية التي تعيشها في أجواء الأمن والأمان، وتحجيم مؤامرات المخربين والمعطلين لخطط التنمية، ومَنْ نظنهم يقومون بدور خسيس ضد شعوبهم ونسميهم: الطابور الخامس.
* * *
ـ الشباب.. هاجس المستقبل:
ـ ولا بد أن (الشباب) عماد مستقبل كل أمة.. هم: هاجس، وهموم، وقضية، ويقظة ((ولي الأمر)) من ناحيتين هامتين في إطار المسؤولية، وهما: الناحية الأمنية، والناحية الإعلامية التي تُوجِّه الشباب.
والشباب الذي يظن أن كل متنفساته محصورة في: كرة القدم - فلا بديل معها أو أمامها - وكل نقاشه مركَّز على الفريق الفلاني واللعب العلاني.. ماذا يمكن أن يعطي وطنه للإنتاج المطلوب في مراحل خطط التنمية، وحتى في التسابق الحضاري عامة.. خاصة وأن (النوادي الأدبية): تُشخِّر وادعة، تُهيمن على إِدارتها قدرات واهنة شاخت.
وما هو دور النوادي الرياضية للارتفاع بمستوى الشباب، إِذا كنت تكتشف أن لاعباً أو حتى مشجعاً كروياً - من نفس المستوى المعرفي! - لا يقدر على نسج عبارة كاملة صحيحة؟!!
إِن المتنفِّسات للشباب: مطلب حيوي بالإشراف على عطائها ودورها وتأثيرها.. وإِذا كنا نهاجم اليوم (الفضائيات) العربية بالذت، وإِذا كان (الشباب) يواجهون في حياتهم اليومية: مَنْ يُحرّم عليهم أغلب متع الحياة وترفيهها، ولا يعطيهم البديل الذي يشغل فراغهم.. فماذا يفعلون؟!
فالمشكلة - إذن - أعمق من أن نثير حولها خواطر جانبية، تلمس السطح والقشور، وتترك العمق واللب.. وطبيعة الحب ومعناه في التماسك الاجتماعي: أن نطرح أبعاد المشكلة بصراحة ومن كل جوانبها، وأن نناقش الظواهر التي غزت مجتمعنا، ووقفنا أمامها عاجزين، لا نملك سوى: الوعيد، والتهديد بالويل، ورد الفعل العنيف ضد أبنائنا وبناتنا!!
* * *
ـ وبعد.. فهذه جوانب هامة من هاجس الأمن والأمان الذي يشغل ((ولاة أمرنا))!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :618  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 535 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.