شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تاريخ المدينة الفكري والحضاري وآثارها الشرعية
لم يتفق الناس - يوماً - في بلد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما اتفقوا على تواضع هذا الرجل منذ نشأته ويفاعته، وبُعد رؤيته وثاقب نظره، وعميق حكمته - وأعني به السيد حبيب محمود أحمد - ولقد أدركت أباه في مطلع العمر وكان رجلاً وقوراً عمل في القضاء - طويلاً - وكان من أقرب الناس إليه رجلان هما السيد أحمد بن حمزة الرفاعي، والشيخ أحمد فارسي - رحمهما الله - وقد عرفت أسرة أبي أحمد بالعلم فلقد كان عمه حسين أحمد داعية إسلامياً كبيراً وأخذ عنه شيئاً من العلم أمير البيان الأمير شكيب إرسلان عندما كانت حلقات العلم في الحرم النبوي الشريف يقصدها الناس من جميع بقاع الأرض، فلقد طوى طلاب العلم دروباً ومسافات ليأخذوا العلم الشرعي - بعد التحاق سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى، من صحابته وآل بيته - رضي الله عنهم أجمعين، ثم من التابعين من أمثال: سعيد بن المسيب، وأبان بن عثمان بن عفان وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ووهب بن منبه - وكلهم من أبناء الصحابة - رضي الله عنهم - والذين أسسوا مدرسة المدينة التاريخية، وعلى مر العصور استمرت الرحلة إلى أصحاب السند العالي في الحديث من أمثال الشيخ إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني 1025/1103/هـ ثم ابنه الشيخ محمد سعيد بن إبراهيم الكوراني 1134 - 1196هـ والشيخ محمد أبو الطاهر الكوراني 1085/1145هـ وقد أخذ العلم عن هذا الأخير العلامة المجدد الشيخ ولي الله الدهلوي صاحب حجة الله البالغة الذي استقر بالمدينة في الفترة 1143/1145هـ.
وشهد القرن الثاني عشر الهجري بروز مدرسة المدينة المنورة في الحديث ومن أبرز رجالها الشيخ محمد حياة السندي ت 1163هـ وكان السندي حجة في الحديث وتلقى العلم عنه الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - ويؤكد الدكتور عبد الله العثيمين أثر الشيخين محمد بن حياة السندي، والشيخ عبد الله بن سيف - وهو من بلدة المجمعة ولكنه استقر بالمدينة وأصبح من علمائها المعروفين، وهل هناك جوار خير من جوار مثوى سيد الخلق - عليه الصلاة والسلام.
وفي العصر الحديث شكل المشائخ عبد الجليل برادة، وإبراهيم الأسكوبي، وحمدان بن الونيس، وفالح الظاهري، وحسين أحمد، وعبد القادر طرابلسي، ومحمد الطيب الأنصاري، وصالح التونسي، ومحمد العمري، وعمر حمدان ومحمد بن علي التركي، ومحمد الأمين الجكني المفسر، ومحمد المختار الجكني المحدث، وأمين الطرابلسي، وعطية محمد سالم، وعبد العزيز بن صالح، وعمر محمد فلاتة، وأحمد ياسين الخياري، وحسن الشاعر، وأحمد عبد الجواد، وعمار الأزعر، وعبد الرحمن مضاي الجهني، وصالح الحصين - وغيرهم - مدرسة في العلوم الدينية والأدبية واللغوية، وكانوا على قدر كبير من سعة الأفق، وسمو الأخلاق، وتهذيب القول، وحسن الأدب في الجوار مما جعلهم موضع الحب والتجلة من الناس - أجمعين - في بقاع المعمورة - وكانوا أبعد ما يكونون عن إثارة الخلاف الذي يهدد وحدة و اجتماع كلمتها ورأيها بل كانوا - وفي مقدمتهم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح - رحمه الله - يسعون لإخماد نار الفتنة بالبعد عن إساءة الظن بعقائد المسلمين أو رميهم - جهلاً - بما هو ليس فيهم وتلك أخلاق العلماء الكبار، وهنا تكمن العظمة ومن هنا استقر حب الشيخ ابن صالح في قلوب الناس جميعاً ولعل أستاذي الفاضل - محمد حميدة - يعرف أكثر في هذا الجانب المضيء - وكل جوانب حياته مضيئة - من حياته رحمه الله.
ولقد أخذ أستاذنا حميدة العلم من والده الروحي محدث الحرمين الشيخ عمر حمدان الحرسي، وعن الحرسي أخذ أشهر علماء الحديث في العصر الحديث (محمد بن ياسين الفاداني). ويسمى مسند العصر - وقد أكرم الله كاتب هذه السطور فأخذ عنه شيئاً من العلم في داره المتواضعة في حجون مكة - شرفها الله (لمزيد من المعرفة عن محدث العصر الشيخ الفاداني) ا نظر: الروض النضير في اتصالاتي ومجموع إجازاتي بثبت الأمير) (مطبعة حجازي، ط2).
اليوم - يعتبر السيد حبيب محمد أحمد - مرجعاً هاماً في تاريخ المدينة القديم والمعاصر، ولقد أسس مكتبة فريدة في داره تحوي آلاف المجلدات والكتب في شتى علوم المعرفة، ويعرف عن آثار المدينة المنورة - وهي ما زالت منورة بالحبيب - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعرفه غيره.
ولقد عمل أبو أحمد عضواً في المجلس الإداري بالمدينة منذ عام 1362هـ حتى عام 1386هـ، كما عمل رئيساً لمجلس الأوقاف الفرعي بالمدينة لفترة طويلة، لذا فإنني أتوجه للأمير المثقف مقرن بن عبد العزيز الذي شرفه الله - بخدمة مسجد رسوله ومثواه الطاهر - الذي هو أطهر بقعة في هذا الوجود الكوني - وقد عرف عن سموه شمائل رفيعة من تواضع، وتقدير واحترام وسعة صدر وانعكس ذلك كله في تعامله مع أحفاد المهاجرين والأنصار وجيران سيد الخلق وشفيع الأمم في يوم الميعاد - عليه صلوات الله وسلامه - أتوجه لسموه بأن يكرم هذا الرجل ليكون حاضراً في كل ما يتصل بأمور المسجد النبوي الشريف وأوقاف المدينة التي تحتاج لمرجعية واعية ومدركة.
كما أنتهز هذه المناسبة لأخاطب سموه الكريم بتوجيه عنايته الكريمة للمحافظة على الآثار الشرعية بالمدينة وذلك بوضع علامات دالة على الآثار التي شكلت منعطفاً هاماً في تاريخ الأمة الإسلامية، كدار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه وسقيفة بني ساعدة، وبئر الخاتم، وبئر أريس.
لقد عمر ولاة أمورنا من آل سعود - المبررة - جزاهم الله خيراً - مساجد المدينة ودور العبادة فيها وقام خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - بإعادة بناء مسجد قباء، والجمعة، والقبلتين، والمستراح، وذي الحليفة وغير ذلك وكانت توسعة المسجد النبوي في عهده الزاهر مفخرة العصر ودرة في جبين تاريخ البلد الطاهر، لذا فإنني آمل من سموه الكريم - حفاظاً - على تلك الملحمة التاريخية الفريدة أن يشكل لجنة في الأسباب التي دعت البعض لهدم مسجد بني قريظة - في أواخر شهر ربيع الآخر 1422هـ وهو مسجد صلى فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجدده الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
وإن قام بهذا العمل بعض طلاب العلم لقصور فهم في مقاصد الشريعة مع تفهمنا لوجوب توعية الحاج والزائر بالابتعاد عن السلوكيات التي تتناقض مع عقيدة التوحيد الصافية أحياناً فإن الواجب على الجهات المسؤولة أن تحاسب الذين أقدموا على عمل لا يخدم على الإطلاق سمعة هذه الدولة السنية ويشجع الحاقدين علينا فيدخلون من هذه الثغرة - وأن ولاة أمورنا جزاهم الله خيراً والذين عمروا الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى قبل احتلاله من قبل العدو الإسرائيلي، وعمروا مساجد المسلمين في كل بقاع الأرض ونشروا العلم الشرعي وعقيدة السلف الصالح - نعم - إن ولاة أمورنا لا يرضيهم - أبداً - أن ينطلق البعض بحجة عدم الوقوع في الشرك - وبأسلوب متعجل وغير حكيم وغير مسؤول إلى التعدي على هذا المسجد الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء غزوة بني قريظة وورد ذكره في الصحاح من مثل صحيحي البخاري ومسلم، وسنن البيهقي، ومسند الإمام أحمد بن حنبل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :689  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 366 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.