شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأستاذ رضا لاري.. كاتب ضبط
وقد لا يعرف الأستاذ اللاري، ولا يعرف القراء، ماذا تعني كلمة (كاتب ضبط) هذه، فهي اسم وظيفة أرجّح أنه من النوع المهجور، كمهجور مفردات اللغة، ومهجور الشعر التقليدي وربّما أيضاً مهجور البيوت القديمة في بعض حوارينا وأحياء مدننا في هذه الأيام.
ولكن - مع ذلك - فالأستاذ رضا لاري، أو الابن رضا لاري كما يطيب له أن يتلطّف حين يبدأ أي حديث معي.. أثبت أنه كاتب ضبط، من نوع متميّز إلى حد بعيد.. ولو كان من حظه، أن يكون من الذين عاشوا تلك الفترة السحيقة من تاريخ المملكة، لتهافت عليه مدراء الشرطة، والقضاة، وكتّاب دوائر التوثيق، المعروفة عندنا باسم (دائرة كاتب عدل) لأن (كاتب الضبط) هو ذلك الموظّف (تعس الحظ) الذي كان عليه أن يكون إلى جانب (المحقق) في الشرطة، وإلى جانب (القاضي) في المحاكم.. وإلى جانب كاتب (العدل) في دوائر كتابة العدل.. أعني دوائر التوثيق والعقود).
ولئلا، يأخذ عليّ الأستاذ اللاري هذا الترشيح لهذه الوظيفة، أحب أن أبادر إلى طمأنته بأنها الوظيفة التي ظل يشغلها الأستاذ محمد حسن عواد رحمه الله سنين طويلة في القسم العدلي من شرطة مكة.. وأن يعمل العوّاد بكل جلال قدره، كطليعة الروّاد في تاريخنا الفكري أو الأدبي، (كاتب ضبط)، فإنّه الدليل على أن وظيفة (كاتب الضبط)، وظيفة يجب أن تتوافر فيها كفاءة خاصة متميزّة، كانت تتوافر في الأستاذ العواد، وهي اليوم - من وجهة نظري - تتوافر في الأستاذ اللاري.
وأزيد من طمأنة الأستاذ اللاري، ومراعاة مشاعره الرقيقة، فأخبره، أن (مهدي بك المصلح)، مدير الأمن العام في تلك السنين الخوالي بدا له أن ينفعني بترقية من وظيفة (مقيد أوراق في مكتبه بمكة)، واستصدر بهذه الترقية أمراً من سمو نائب جلالة الملك (الأمير فيصل).. وتسامع الزملاء بهذه الترقية، وتلاحق عدد كبير منهم، الأستاذ محمد عناني، الذي كان هو أيضاً في وظيفة كتابية مشابهة مع المحاسب المرحوم الأستاذ عبد القادر أبو الخير.. تلاحقوا يزورونني في المنزل بمكة، وعبارات التهنئة تتلاحق بدورها على شفاههم بهذه الترقية، التي أكّدت - في نظرهم الكفاءة التي استحقت هذا التقدير من (مهدي بيك).. وكانت الترقية - يا عزيزي رضا.. إلى وظيفة (كاتب ضبط) في شرطة المدينة المنورة.. والنكتة أخيراً كانت في مقدار الزيادة التي طرأت على الراتب.. صدّق أو لا تصدّق.. إن كل الزيادة كانت ريالين.. أجل ريالين فقط لا غير.
والأعجب، بعد ذلك، أني فرحت بالترقية، وأقمت وليمة غداء، في منزلنا في ربع مغازل في مكة المكرمة. وأسرعت أسافر إلى المدينة المنورة، وفي (سيارة البريد) إياها التي أعتقد أن كثيرين من جيلي يذكرونها، ولا ينسون الفرحة بارتفاقها في أسفارهم، بين مكة والطائف، ثم بين مكة والمدينة.. لأنها السيارة الوحيدة التي يفترض أنها لا تتعطّل في تغاريز الرمال أو الأوحال التي نحمد الله على أنها زالت من طرقنا في هذه الأيام.
ولا حاجة بنا - فيما يبدو - أن أطيل الحديث عن عمل كاتب الضبط، ويكفي أن أقول إنه الذي يكتب أو يسجّل (بالقلم وليس بجهاز التسجيل) الأقوال التي يفضي بها المتهم أو الشهود، أو المدّعي في القضايا التي يحقق فيها ما كان يسمّى رئيس القسم العدلي ثم هو أيضاً الذي يكتب التقرير، ويركّز النتائج، ويلخص وجهة النظر بالترجيح، أو عدمه.. الخ.. مما يعني أن كل ما يفعله (رئيس القسم العدلي) بعد ذلك، هو التوقيع.
أما كيف كان الأستاذ رضا لاري - أو كيف يكون مستحقاً لترشيحه لوظيفة كاتب ضبط، فذلك ما لا يمكن إيضاحه، إلا بقراءة المقال القيّم الذي نشرته مجلة (اقرأ) الغراء عن جلسة من جلسات ثلاثية (الابن برضه) الأستاذ محمد سعيد طيّب.
كان كالأستاذ رضا لاري، كاتب الضبط المثالي.. الذي لا أشك أنه أفضل ألف مرة من أي جهاز تسجيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :762  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج