شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ميتران - ياسرلافييت - واشنطن
وخرجت دولة فلسطين، يصل زعيمها رئيس الدولة الفلسطينية إلى فرنسا، تستقبله باريس التي لم تنس أن ثورتها حطمت الاستبداد والطغيان حين طرحت شعارها (( الحرية والعدالة والمساواة )) .
وحيث أقبل ياسر عرفات استقبله أيضاً رئيس الجمهورية السيد فرانسوا ميتران، كأنما هذا الإقبال والاستقبال ثورة سلمية تعني الحفاوة بحرب السلام مذ أسقطت فرنسا نفسها العدوان الثلاثي، حرب سلامة لليهود. ومرة أخرى كأنما بدأت فرنسا تعطي مشاعرها نحو العرب حين استيقظت هذه المشاعر على صلة القرابة. قرابة الدم العربي استحوذ على نسبة 75% من دم الشعب الفرنسي، لم يزرعه عبد الرحمن الغافقي. وإنما زرعه الفينيقي القرطاجي هانيبال الذي ساح في أوروبا حتى احتل روما وحتى كان حلقة من حلقات الحرب البونية التي طبعت بصمتها على الشعب الألماني بثلاثة: اسم العاصمة بون، والشعار والنسر، والتعويذة الصليب المعقوف. وليس إقبال ياسر واستقبال ميتران إلا وهو كما هو إقبال الجنرال الفرنسي ((لافييت)) على زعيم ثورة الولايات المتحدة جورج واشنطن. فكم هو الشبه قريب وليس بالغريب؟ فقد كان جورج واشنطن وهو يقود الولايات الثلاث عشرة لتستقل هذه الولايات عن الإمبراطورية الأم بريطانيا العظمى. بريطانيون حاربوا سلطان آبائهم. فكيف ينكر على الفلسطيني أن يحارب طاغية يهوديًّا أجنبيًّا ينهب الأرض. ويقتل الشعب؟
كان لافييت في عصر مازال مظلماً نصيراً للحرية، وفي عصر النور - كما يقولون - كيف يستكثر أو كيف ينكر على فرنسا أم لافييت أن تناصر طالب الحرية العربي الفلسطيني ياسر عرفات؟ لكنهم اليهود. ولكنهم أيضاً الذين سرق اليهود وجدانهم فكأنهم قد مارسوا العقوق لحقوق الإنسان وهم دعاة هذه الحقوق. بل وكأنهم نسوا أن سرير لافييت مازال بجانب سرير واشنطن.
إن استقبال ميتران لياسر اعتراف غير مكتوب بالدولة الفلسطينية.
ولا أريد أن أنسى ما سجله التاريخ عن اسم الفلسطيني، فما هو معنى الاسم. إنه في لغة الكنعانيين، والآراميين العمالقة فهو العملاق الجبار، وقد قال بنو إسرائيل كما علمنا القرآن، قالوا للرسول النبي موسى، عليه السلام، وهو يدعوهم لدخول فلسطين: إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا (المائدة: 22).. هذا التعريف للفلسطيني، لم يتخل عنه عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني، وقد قال به الآن أطفال الحجارة.. إنهم جبارون، سلاحهم قلب الجبابرة وإن كان حجراً وضع اليهود في عنق الزجاجة.
إن فرنسا أشرقت على أوروبا بالحرية حين ثارت، وهي الآن أشرقت مرة أخرى على أوروبا تدعوها إلى أن تكون شعوبها هي نصيرة للحرية، حرية الفلسطيني على أرضه، فهناك شعبان في أوروبا لأنهما العريقان في الحضارة، اليونان وأسبانيا لم تعترف كل منهما بإسرائيل حين صدر قرار هيئة الأمم المتحدة بتأسيس دولة اليهود. فقد قلنا من قبل إن الذين اعترفوا بهذه الدولة اليهودية لم يكونوا ورثة حضارة. أما الذين ورثوا الحضارة، وعرفوا مكانة العرب صناع الحضارة فلم يعترفوا وهم الصين، الهند، اليونان، أسبانيا، ولكنها الضغوط على أسبانيا أخرجتها من قاعدة الذهب إلى التعامل بالنحاس. لكنها أسبانيا ولن ننسى مواقفها. فلئن كان دم العرب في الشعب الفرنسي، فما زال هو الأكثر والأبقى في الشعب الأسباني، وما زالت حضارة الأندلس مصدر الدولار في يد السائحين وهم الملايين لا يصلون إلى أسبانيا إلا ليشهدوا حضارة العرب.
إن العرب بخير ما دام قد نبغ فيهم الطفل الجبار سلاحه الحجارة، فأجداده الأوائل الذين فتحوا الدنيا كان سلاحهم حديدة، يحملهم الجمل لا الطيارة، يزحفون على الحصان لا على الدبابة، طعامهم جراب تمر لا ما يحملون من المعلبات، فالسلاح لا شيء إذا لم يكن عن إيمان، عن وجدان.
وقالوا: ليس لفرنسا دور في لبنان، وقالت فرنسا: لم يعد لي دور المستعمر ولا دور المستقطب، وإنما هو دور المشاعر استيقظت تحمل مشاعر لامارتين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :662  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 608 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.