شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قبس من البيَان!!
وليس هناك بيان كبيان القرآن، كلام الله بلسان عربي مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هدى ورحمة للعالمين.
إن هذه المقدمة شُرح بها صدري حين قرأت خطبة الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي عمر المسجد بالعلم وعمر الجزائر بالجهاد، فوجدتني أنشرها هدية للقارئ يعرف بها كيف يصبح العالم علماً إذا ما استقام أمره على هدى القرآن والسنة فلا يتعابث باللجاجة، ولا يتخابث باستعراض العضلات عضلات المعرفة، وإليكم هذه الخطبة:
خطبة افتتاح
لدروس التفسير هاته السنة
جرت عادتنا أن نفتتح دروس التفسير من كل سنة بخطبة، تارة نخرج منها إلى نفس التفسير وتارة نطرق بعدها موضوعاً مناسباً للمقام.. ولم نكن فيما مضى نعود إلى كتابتها وفي هذه السنة رأينا أن نحلي بها صدر الشهاب تعميماً للفائدة.
الحمد لله الذي جمل الإنسان بالبيان، وجمل البيان بالقرآن، فالإنسان دون بيان حيوان أبكم، والبيان دون قرآن كلام أجذم، وذو البيان والقرآن هو الأكمل الأعظم، قدراً وتقديراً والأحسن الأقوم، عملاً وتفكيراً، والأسعد الأكرم حالاً ومصيراً.
أحمده، أرسل محمداً - صلَّى الله عليه وسلم - بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأنزل عليه القرآن تبصرة وذكرى، ومعجزة كبرى. حجة وتذكيراً، وشرع لنا من دينه الحنيف، مناهل العز والسعادة، ومهد لنا من شرعه الشريف سبل الحسنى والزيادة. رحمة منه - تعالى - وفضلاً كبيراً.
وأشكره، هدانا واجتبانا، فرضينا بالله ربًّا، وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيًّا، وبالقرآن إماماً، وحبب إلينا ديننا، فوالله لو بذلت لنا الدنيا بحذافيرها في تركه ما ساوت عندنا حبة رغاما، توفيقاً منه تعالى ويقيناً صادقاً منا وبصراً بصيراً.
وأستغفره لما كان منا من نقص وتقصير في الوفاء بعهده الحق وشكر فضله الكبير، إنه كان عفوًّا غفاراً شكوراً.
وأصلي وأسلم على سيدنا محمد أشرف خلقه وأكرم رسله، فرق بالقرآن بين الحق والباطل، وهدى به الضال وعلم به الجاهل، وجاهد به - في الله - جهاداً كبيراً.
وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، اقتفوا طريقته، وأحيوا سنته. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنة، وحريراً.
وعلى بقية أمته، وأهل ملته، لبوا دعوته وأموا غايته ناشطاً وحسيراً.
صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم نلقى محمداً - صلَّى الله عليه وسلم - ونسعد بلقائه ونحشر بين الأمم تحت لوائه، ونجزى بمحبته - إن شاء الله تعالى - جزاءً موفوراً.
أما بعد فقد عدنا - والحمد لله تعالى - إلى مجالس التذكير. من دروس التفسير، نقتطف أزهارها، ونجتني ثمارها بيسر من الله - تعالى - وتيسير على عادتنا من تفسير الألفاظ بأرجح معانيها اللغوية، وحمل التراكيب على أبلغ أساليبها البيانية، وربط الآيات بوجوه المناسبات، معتمدين في ذلك على صحيح المنقول وسديد العقول، مما جلاه أئمة السلف المتقدمون أو غاص عليه علماء الخلف المتأخرون - رحمة الله عليهم أجمعين - وعمدتنا فيما نرجع إليه من كتب الأئمة تفسير ابن جرير الطبري، الذي يمتاز بالتفاسير النقلية السلفية، وبأسلوبه الترسلي البليغ في بيان معنى الآيات القرآنية، وبترجيحاته لأولى الأقوال عنده بالصواب.
وتفسير الكشاف الذي يمتاز بذوقه في الأسلوب القرآني وتطبيقه فنون البلاغة على آيات الكتاب والتنظير لها بكلام العرب واستعمالها في أفانين الكلام.
وتفسير أبي حيان الأندلسي الذي يمتاز بتحقيقاته النحوية واللغوية وتوجيهه للقراءات. وتفسير الرازي الذي يمتاز ببحوثه في العلوم الكونية، مما يتعلق بالجماد والنبات والحيوان والإنسان، وفي العلوم الكلامية ومقالات الفرق والمناظرة في ذلك والحجاج.
إلى غير هذا مما لا بد لنا من مراجعته من كتب التفسير والحديث والأحكام. وغيرها مما يقتضيه المقام.
نقول هذا ليعرف الطلبة مصادر درسنا، ومأخذ ما يسمعونه منا.
ونحن نعلم أننا - والله - كما قال أخو العرب:
لعمر أبيك ما نسب المعلى
إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت
وصوَّح نبتها رعي الهشيم
وكما نقول في مثل: ((إنما نكحل في موضع العينين)) وإذا نظرنا إلى قصورنا وخطورة مقام الكلام على كلام الله - تعالى - أحجمنا.. وإذا رأينا إلى فضل الله وثقتنا به وحسن قصدنا - إن شاء الله تعالى - في خدمة كتابه أقدمنا، وهذا الجانب الكريم أرجح عندنا، فنحن نقدم معتمدين على الله تعالى سائلين منه تعالى لنا ولكم أن يوفقنا إلى حسن القصد. وصحة الفهم. وصواب القول، وسداد العمل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :716  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 609 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.