شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأستاذ عزيز أقايضه.. لا أضايقه!
واستقرأت ما كتبه عني الأستاذ أبو ضياء عزيز فوجدتني أزهو بما كتب، فالعجوز الطفل فرح بهذه الحلوى أهداها إليه الأب عزيز، فالطفولة تفرح بالتدليل فإذا أنا بين بين.. بين تدليله ودليله، فكان من الواجب عليّ ومن حقه عليّ أن أقايضه واحدة بواحدة أقايضه بها ولا أضايقه بأي شيء منه فمن هو الأستاذ عزيز بل الصواب أن أقول ما هو ولكنهما السؤالان (من، وما) يدعوان إلى المقايضة ويدعان المضايقة.
فأبو الضياء عشير طفولة ونديد رجولة وامتداد صداقة، كنا تلامذة في مدرسة واحدة لكنه كان الأصغر سنًّا مني فأنا الفتى أتلامع وهو الطفل يلمع، كان ينفرد عنا ليتفرد بما يأمل، فلا تحسبوا الطفل خالياً من الأمل، فما سعت رجلاه إلا لينال دعائم المعرفة ابتداء من ألف باء إلى ما لا نهاية مما يتألف من حروف العربية بأول أمره وما سيألف من حروف اللغة الإنجليزية فإذا هو وبلغة العامة (الحريف) حين انفرد بنفسه كان يتباعد ولا يبتعد وما كان ذلك عنا وإنما كان عن المجتمع كله، فما رأيت بيننا طفلاً يشعرنا بالعظامية التي يلبسها ولعلّه يحلو له أن أقول الأرستقراطية، فلقد استمد العظامية من مثل العقد في نفسه، عقد اليتيم من الأب لأن الأمومة كانت في نظافة تربيته وطراوة الحنان، كانت الأبوة والأمومة، فهو خريج مدرستين مدرسة الأمومة الحانية يرعاها كافله الأب لأخوته الذي كان عظاميًّا بحق انتساباً واكتساباً، فلو لم يكن الصيدلاني ضياء بك بارعاً في علمه لما وجد مكانه رئيساً للصيادلة بين الكثرة من الأطباء السوريين، فلو تمانعوا عنه بالقومية لما كان بينهم رأساً له شأن. هذه المدرسة الأولى أطلقت الأستاذ عزيز لا يرسف بقيد العقد وإنما يتقيد بكل الاعتقاد في نزعة اهتمامه فكان جل همه أن يعطي مدرسته الأولى هذه أنها خرجته أستاذاً نديداً للطليعة التي زهت قاماتها وقيمها في مكة المكرمة ليس أولهم الآشي عبد الوهاب والسرحان حسين وليس آخرهم العواد وحمزة شحاتة. وما كنت في الأيام الأولى فيهم ومنهم وإن صرت في تالي الأيام بهم كواحد منهم كما الأستاذ عزيز مدنيان. أعطتهما مكة ما كتبه الأستاذ عزيز عني وما أكتبه عنه، ولئن كان الواحد منهم الأستاذ عزيز فما ذلك إلا وهو خريج المدرسة الثانية ألا وهي أنه كان معلم نفسه أتقن اللغة العربية بكد وجد فإذا هو كاتبها وفصيحها وأتقن اللغة الإنجليزية يعلم نفسه إتقاناً يتصدى لمن درسوها في الجامعات بل ويتحدى الذين يمارسونها حين يتكلمونها فهو بيننا أستاذ نفسه لم يكن رهين محبس وإنما انطلق بالرهان يبرز في الميدان علماً مثقفاً ثقافته عالمية.
والأستاذ عزيز يدفع عني أني خيط الحرير من شرنقة الرافعي حماسة الندادة، غير أني قلت عن هذه الصفة التي ألبسوني إياها قلت أتمثل بقول سعد زغلول (هذه تهمة لا أدفعها وشرف لا أدعيه) والأستاذ عبد الله عبد الجبار لم يكن إلا معظماً لا باخساً ولقد سبقه أمير البيان أبو غالب شكيب أرسلان يصف الرافعي مصطفى صادق بأنه الجاحظ الثاني وهو يعني إشراقة البيان والتبيين لا موسوعية الجاحظ.
وخير وصف للرافعي ليس أني تأثرت به فأنا لا شيء أمامه وإنما هو وصف الدكتور عبد الوهاب عزام، فحين مات الرافعي رثاه بكلمة (الرافعي نسيج وحده لا يذكرك بأحد ولا يذكرك به أحد) فكلمة الدكتور عزام فيها الرد على شكيب أرسلان، وكلمة الأستاذ عبد الجبار فيها الرد على الذين وصفوني أذكر بالرافعي، وعجب الأستاذ عزيز حين ذكرت أديب إسحق وخص بذلك - الإمبراطور نابليون ومعذبته التي ذاق عذابها وأذاقته عذابها (جوزفين) فالأستاذ عزيز ينبغي أن لا يقف عند جوزفين فهو يعرف الليدي هاميلتون كيف أحبها قائد الأسطول الإنجليزي الذي سحب نابليون من غزو الشرق الأميرال نيلسون وكيف هي عذبته، تهزأ به تسخر منه في جمع يعرفون قيمة البطل ويعجبون من باطل الليدي هاميلتون. وحين مات الأميرال عرفت هذه الأنثى باطلها فتعذبت، تموت مجنونة، وما له نسي امرأة سقراط وما صنعت بالفيلسوف وامرأة تولستوي وكيف عذبت كاتب روسيا القدير. وعن الأستاذ أديب إسحاق أنشر ترجمته فقد ترجم له صاحب الأعلام الزركلي خير الدين كما ترجمت له على الصورة نفسها الموسوعة الميسرة. أنشر الترجمة ليعرفها قارئه وأعلق عليها بكلمة في الموسوعة الميسرة. ذكروا عنه أنه اتصل بجمال الدين الأفغاني في مصر فأوعز إليه الأفغاني بأن يصدر جريدة مصر في القاهرة، فلو كان أديب إسحاق المسيحي الدمشقي غير أرثوذكسي لما اتصل به جمال، فأغلب نصارى العرب من الأرثوذوكس كانوا الوطنيين عرباً ما استقطبهم الاستعمار الإنجليزي ولا الفرنسي ولا الإيطالي في مصر والشام والحبشة، كانوا الوطنيين تعايشوا مع العرب فما أحبوا أن يعيشوا فيهم وهم ليس لهم ولو استعرضتم أسماء بعض الزعامات من هؤلاء في الشام وفي فلسطين وفي مصر لصدقتم ما قلت، وإليكم ترجمة أديب إسحاق نقلاً عن الأعلام ومقارنة بالموسوعة الميسرة، فالموسوعة هي التي زادت فذكرت صلته بالأفغاني والشكر للأستاذ عزيز عشير طفولة، صديق رجولة، نديد كهولة عطوفاً على الطفل العجوز وإليكم الترجمة.
أديب إسحاق (1856 - 1885م):
أديب إسحاق الدمشقي، أديب حسن الإنشاء له نظم، من مسيحيي دمشق، ولد فيها، وتعلّم في إحدى مدارسها، وانتقل إلى بيروت كاتباً في ديوان المكس (الجمرك)، ثم اعتزل العمل وتولى الإنشاء في جريدة (ثمرات الفنون) فجريدة (التقدم) البيروتيتين وسافر إلى الإسكندرية فساعد سليم النقاش في تمثيل بعض الروايات العربية، وانتقل إلى القاهرة فأصدر جريدة يومية سماها (مصر) 1877م وعاد إلى الإسكندرية فأصدر مشتركاً مع سليم النقاش جريدة يومية سمياها (التجارة) وأقفلت الجريدتان فرحل إلى باريس 1880م. فأصدر فيها جريدة عربية سماها (مصر القاهرة) وأصيب بعلة فعاد إلى بيروت، فمصر. وجُعل ناظراً لديوان (الترجمة والإنشاء) بديوان المعارف في القاهرة، ثم كاتباً ثانياً لمجلس النواب ولم يلبث أن قفل راجعاً إلى بيروت بعد نشوب الثورة العرابية فتوفي في قرية الحدث (بلبنان). من آثاره (نزهة الأحداق في مصارع العشاق) رسالة. (تراجم مصر في هذا العصر) وروايات ترجمها عن الفرنسية منها (رواية أندروماك) و(رواية شارلمان) و(الباريسية الحسناء) وجمعت مقالاته ومنظوماته في كتاب سمي (الدرر).
مع المتنبي:
والمتنبي أحمد بن حسين شاعر الدهر العربي، شرق شعره وغرب وهو حي كأنه كما قال:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشداً
ويحلو لي أن أتغازل مع سيرته، عن شهرته عن تعاليه عن تنازله، وأكرمته أن أقول استجداءه فهو صاحب مفارقات، أفليس إنه إنسان تعتريه المتناقضات، يعيش بها وفيها لتكون له أو عليه، وهذا العنوان مع ((المتنبي)) لست صاحبه ولن أكون صاحبه، فهو للدكتور العميد طه حسين ألف كتاباً عن المتنبي كأنما العميد أخذته الفصحى اللغة الشاعرة ليكتب عن شعره فلم يعبأ بما يعيبه على المتنبي بعض المتلسنين على شاعر الدهر، فبعض المصريين يأخذون على المتنبي ما قاله عن مصر، عن المصريين ولكنه لم يذكر عن النيل شيئاً مع إنه ابن الفرات. والنيل والفرات عربيان أخوان. أستعير هذا العنوان، فلأكتب، فالمتنبي قد تعالى إلى درجة الغلو في قوله وأمام سيف الدولة وسهام الدولة في مجلس حافل:
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بأنني خير من تسعى به قدم
وبعد هذا البيت يتنازل قليلاً فيقول:
يا من يعز علينا أن نفارقه
وجداننا كل شيء بعدكم عدم
وتأخذه الخفزوانة فيقول معتزًّا:
إذا ترجَّلت عن قوم وقد قدروا
ألا تفارقهم فالراحلون هموا
وحين يصفو ينشد تنازله بل تغازله كأنما يسترحم سيف الدولة فيقول:
أما لسيف الدولة اليوم عاتباً
فداك الورى أمضى السيوف مضاربا
وما لي إذا ما اشتقت أبصرت دونه
تنائف لا أشتاقها وسباسبا
حنانيك مسؤولاً ولبيك داعياً
وحسبي موهوباً وحسبك واهبا
أهذا جزاء الصدق إن كنت صادقاً
أهذا جزاء الكذب إن كنت كاذبا
لئن كان ذنبي كل ذنب فعلته
فقد محا الذنب كل المحي من جاء تالبا
فانظروا كيف تعالى أول الأمر وكيف تنازل.. وخاطرة أخرى أنقلها عن إعجاب الدكتور طه حسين بهذه الصورة الكاريكاتيرية في هذه الأبيات قالها المتنبي وهو شاب قبل أن يرحل من الكوفة فقد مر فإذا جمع من الناس رآهم متحلقين حول شيء ينظرون إليه فدخل بينهم ليرى فإذا هم وقد تحلقوا ينظرون إلى فأرٍ ميت نفق من ضربة فخرج من الصف وأنشد:
لقد أصبح الجرذ مستغثياً
أسير المنايا أسير العطبْ
رماه الكناني والعامري
وتلاَّه للوجه فعل العربْ
كلا الرجلين انتلا قتله
فأيكما غلا حرَّ السلبْ
وأيكما كان من خلفه
فإنَّ به عضة في الذنبْ
سخرية مُرة على تكالب الناس من تواكلهم، وغرب شعر المتنبي، فإذا أمير من أمراء الأندلس وفي مجلسه شعراء، أخذ يذكر المتنبي كدأب أهل المغرب لا ينسون الفخر بالمشرق فإذا شاعر يرتجل يوماً قائلاً كأنما هو يعاتب الأمير أو يستجديه فقال:
لئن جاد شعر بن الحسين
فإنما بجود العطايا واللها تفتح اللها
تنبأ عجباً بالقريض
ولو درى بأنك تروي شعره لتألها
استجدى ثم أثنى.
والمتنبي ما سرق شعر أحد لكن بعض المعجبين به يسرقون له فقد أنشد هذين البيتين:
وما الناس إلا هالك وابن هالك
وذو نسب في الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
قلت له ما هما للمتنبي وإنما هما لأبي نواس وهكذا شغل أبو الحسين.
رايت الأخوان
سألتني طالبة عن رايت الأخوين وتعودت ألا أبخل بالإجابة فطلبت من ابني الدكتور سامي زيدان أن يترجم ذلك عن دائرة المعارف البريطانية أنشرها كفكر في صفحة الفكر.
رايت أورفيل (1871 - 1948م) وويلبر (1867 - 1912م) مكتشفان أمريكيان من رواد الطيران، أنجزا في عام 1903م أول رحلة ناجحة بطائرة مدعومة بالقوة والتحكم، وكانت الرحلات نتاج الخبرة المكتسبة بواسطة الأخوين في مجال استخدام المعدات والطائرات في الفترة ما بين (1899 - 1902م).
ولد ويلبر رايت بالقرب من ميلفيل إنديانا في 16 أبريل 1867م وأورفيل في دايتون أوهايو في 19 أغسطس 1871م. أبدى أبناء أسقف كنيسة الأخوة المتحدين قدرتهم في مجال الميكانيكا ببناء آلة طباعة الصحف وبناء دار نشر عملاقة - بعد عملهم في مجال الطباعة والنشر بعدة سنوات قاما بفتح محل لبيع وصيانة الدراجات في عام 1892م وقاما لاحقاً بصناعة الدراجات بنجاح.
بقراءة الخبرات الأولى أوتو ليلينثال في ألمانيا والذي توفي في 1896م اختار الأخوان مجال الطيران. استخدم ليلينثال المنزلقات الشراعية. المعلقة، ثم التحكم بتحريك الجسد في الاتجاه المطلوب لتحريك مركز الثقل وقد رفض الأخوان هذا النظام وتبنيا الطائرة ذات الجناحين الصلبين - التي يمكن لقائدها الانبطاح ووجهه إلى أسفل، وبعد عدة تحديثات تم التحكم بها بواسطة رافعة أمامية (للتحكم الجانبي) بواسطة جمع الأجزاء المتحركة من الجناحين، وسمي فيما بعد بـ (المحول) وتم استخدام المحول مع دفة عمودية لمعادلة انزلاق القاعدة. تم تسجيل براءة اختراع هذا النظام بواسطة الأخوين رايت في عام 1906م، واستندا في ذلك إلى كل مبادئ التحكم بالطيران فيما بعد، وبعدها حلت الأجزاء المتحركة من الجناح محل المحول.
بعد بناء ثلاث طائرات واستخدامها بالقرب من كيتي هوك بنيويورك فيما بين عامي 1900 و 1902، قام الأخوان بإنجاز تحكم فعّال للطيران. وفي عام 1903م قاما ببناء أول آلة تعمل بالمحرك، وكذلك قاما بتصميم وبناء المحرك قوة 12 حصاناً بالإضافة إلى المروحة، وقاما بتجربتها بالقرب من كيتي هوك في 7 ديسمبر 1903م، وقامت الآلة التي تحمل أورفيل برحلتها الأولى وكذلك أربع رحلات تعزيزية، أطولها استغرقت 59 ثانية. وفي 17 ديسمبر 1903م وبمناسبة العيد الخامس والأربعين تم تركيب الطائرة رسميًّا في معهد سميثونيان في واشنطن دي. سي. وقام الأخوان رايت ببناء طائرة ثانية بمحرك في عام 1904 وثالثة في عام 1905م وكانت الأخيرة بمثابة الطائرة العملية الأولى وكان بإمكانها الالتفاف والدوران وكتابة الرقم 8 في الجو وإبقاء المروحة دائرة لأكثر من نصف ساعة في المرة الواحدة.
تم التوصل إلى اتفاقيات تجارية وعسكرية معه في عام 1908م بشأن تصنيع الطائرات (المكتملة الجديدة) قام ويلبر بعمل ثورة في صناعة الطيران بأوروبا عندما قاد طائرته قرابة الخمسة أشهر في أوفيورس (بالقرب من لامانس بفرنسا) وبعدها بالقرب من روما.
استقر أورفيل في عام 1908م بالولايات المتحدة الأمريكية وجرب طائرته بنجاح في فورت ماير، حيث أدى حادث بسبب سوء الطالع إلى نهاية الاختبار ولكنه عاود في السنة التالية وجرب طائرته بنجاح وأصبحت طائرته الطائرة العسكرية الأولى في الولايات المتحدة. توفي ويلبر بحمى التيفوئيد في دايتون في 30 مايو 1912م وقضى أورفيل معظم سني حياته في الأبحاث وتوفي في دايتون في 30 يناير 1948م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :791  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 592 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج