شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الترف في أيامنا
ـ كان الترف قبل أيامنا هذه ظرفاً وتجملاً يضفي على صاحبه الرضا بالنعمة ويمنح صاحبه الفيض على من يستأهل العون مما أنعم الله عليه.
فالمترف ((أيام زمان)) مضى يفتح بابه، يرحب بالزائرين. وقد كان الترف على قسمين، قسم الجيب المستور وقسم النفس الساترة لما هي فيه.
فالجيب المستور يظهر على صاحبه الوفرة ليس فيها طفرة. والنفس الساترة لما هي فيه عرفناها في أشياخ لنا، بعضهم كان يسكن في غرفة في أي رباط. لكن إذا ما زرناه وجدنا الغرفة نظيفة نظيفة ولو كانت قطعة الزل مرقعة؟ أو الحنبل تظهر فيه الشقوق، لكنه نظيف. والآنية، أتمثل منها فنجان الشاي، لا تجد فيه رائحة كريهة.. أبيض.. أبيض كأن لدى الشيخ صيدلية فيها دواء يلمع به هذا الفنجان. وإذا ما جلست إلى أحد هذين المترفين، المستور والساتر لا تسمع إلا أنظف القول.
فقد أخبرونا أن أحد المجالس التي يجتمعون فيه ضحى أو بعد المغرب يلعبون الشطرنج أو الكنجفة والداما والبيشيس. قالوا إن في صدر هذا المجلس، ولعلّه كان في بيت النعمان الحنابلة المؤذنين لوح مكتوب عليه هذا البيت من الشعر:
بهذا الشرط يا خلي
إذا أذن فقم صل
فإذا ما سمعوا الأذان استأذنوا يذهبون للصلاة. أما شأنهم بعد العصر فالخروج إلى خارج المدينة يستنشقون الهواء الطلق. هكذا كانوا، ترفاً يحكمه الذوق ويصنعه الجمال في النفوس. لا تسمعوا الشكوى بل تسمعوا الحمد.
أما المترفون اليوم فقد تغير الحال، غطرسة تتبطر وبطر يتطير كأنهم بما امتلكوا هلكوا وهم أحياء ذلك أن الترف في وجدانهم عيش، والتصرف في مسيرتهم فيه الإِقصاء للحياة، إذا ما افتخروا كان بما يملكون، فإذا هم في قلق لأنهم فقدوا الرضا، ولكنه حال كأنه بوتقة صهر لا بد وأن يعودوا إلى ترف نظيف ومسيرة نظيفة، لا يفترق الواحد عن الآخر حين يزول البطر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :926  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 485 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.