وحَلُمْتُ أَرْسُمُ ((للْكتَابِ)) قَصيدةً |
أَلْفَاظُهَا نَفْحُ الشَّذَا.. الرَّيَّانِ |
إِحْسَاسُهَا ((الألماسُ)) شَفًّ بَريقُهُ |
للْعَيْنِ نُوراً زاهِيَ الأَلْوَانِ |
أَوْزَانُها هَمْسٌ تمَلَّى دَفْقُهُ |
وَأَفَاضَ عَنْ شَوْقٍ وَعَنْ أَشَجْانِ |
يَنْدَى الفُؤَادُ بِنَفْحهَا.. فَخَيالُهَا |
شَلاَّلُ عِطْرٍ حَالمَ النَّفَحانِ |
إِيَقاعُها صَوْتُ ((اليَمَامَة)) شَاكياً |
بُعْدَ الأَليف.. وَفُرْقَةَ الخِلاَّنِ |
وَخَيَالُها المَبْثُوثُ أَنْدَى رِقَّةً |
مِنْ نَسْمَةٍ هَبَّتْ عَلى الأَفْنَانِ |
أَبْيَاتُهَا نَدٌّ زَكِيٌّ فَائِحٌ.. |
يُصْفي المَسَاءَ بِنَفْحِهِ الفَتَّانِ |
فَتُحرِّكُ الوَجْدَ القَديمَ مُرَهَّفاً |
في خَافقٍ يَهَفْو إِلى التَّحْنَانِ |
وَتُثيرُ في قَلْبِ المُوَلَّهِ صَبْوَةً |
فَيَبْيتُ في لُجٍّ مِنَ الأَحْزَانِ |
يَا عَنْدَلَ الأشْواقِ مَالي والهَوَى! |
إنِّي طَوَيْتُ الشَّوْقَ مُنْذُ زمَانِ |
مَا عَادَ فيَّ الشَّوقُ يُذْكي مُقْلَةً |
تَضْرَى بِنَارِ الوَجْدِ وَالحِرْمَانِ |
هَلْ جَلَّني أَمْرٌ عَظِيمٌ لم أعُدْ؟ |
أقْوَى عَلى رَدٍّ لهُ أَعْيَاني؟! |
أَمْ أَنَّ وَقْدَ الحسِّ في نَبْضي بَدا |
يَصْلَى بِلَفْحٍ لاهبٍ.. حرَّانِ؟ |
يَا لاَئِمي فِيمَا تَبَدَّىً إنني |
أَضْرَى بِنَارِ الحُبِّ كَالهَيْمَانِ |
لكِنَّهُ حُبٌّ عَفيفٌ طَاهِرٌ |
((للكُتْبِ)) للأخْلاَقِ.. لْلأَوْطَانِ |
حُبٌّ سَمَا في النَّفْس عَن سَقْط الهَوَى |
وَاسْتَمْسَكَ الوُثْقَى مِن الإيمَانِ |
لا العِشْقُ فِيهِ صَبَابَةٌ مَحمُومَةٌ |
كَلاَّ وَلا نَزْغُ الهَوَى الشّيْطَاني |
مَا بَالُ دُنْيَانَا تَنُوصُ عَن النُّهَى |
لاَ تحْتَفي بالعِلْمِ وَالعرْفَانِ؟ |
الأَذْكِيَاءُ نَرَاهُمو في جَفْوَةٍ |
وَتَخَاذُلٍ يُوحي.. إلى النكُّرَانِ |
فَنَرَى ثَقِيبَ الرْأْيِ وَالفِكْرَ بِلاَ |
جَاهٍ. لهُ في النَّاسِ كالأَسْيَانِ |
يَنْكَبُّ يَبْحثُ في الحَيَاةِ فَلاَ يَرَى |
غَيْرَ الكِتَابِ ـ مَطِيَّةَ الاِظْعَانِ |
يَقْضي الحَيَاةَ مُعَلِّماً مُتَعَلِّماً |
ليُقيمَ نَهْجَ العلْمِ بِالبُرهَانِ |
وَنَرى الحَيَاةَ تَكيدهُ وتَسُومُهُ |
وتَرُومُهُ بالجَحْدِ والنِّسْيَانِ |
فَتُقرِّبُ الشَّادينَ في لحنِ الغَوَى |
وَتَخصَّهُمْ بِالسَّبقِ في الاعْلاَنِ |
تُولِيهُمُو حظًّا كبيراً واهِجاً |
وُتجلُّهُمْ بالمدَحْ.. كَالفُرْسَانِ |
حَتَّى ((الصَّحَافَةُ)) تَحْتَفي بُهُرَائِهمْ |
وَتُواصلُ التَّطْبيلَ.. لِلفَنَّانِ |
وكَذَاكَ لُعَّابُ الكُرَاة فَإنَّهُمْ |
أَحْظَى وَأَرجَى مِنْ فَصْيح لِسَانِ |
يَا حَسْرَةً لو ضَاعَ فَينَا حسُّناً |
وَبَدَتْ نَواظِرُنَا.. بلاَ أَجْفَانِ |
لا تَسْتَبِينُ النُّور في حَدَقاتهَا |
تَشْكو من التَّرميدِ والرَّمَصَانِ |
إن ((الكتاب)) هو العلوم بأسرها |
في دَفَّتَيْهِ سَرَائرُ ((الحَدَثَانِ))
|
مَهْمَا أَطَلَّ بعَصْرَنَا منْ آلةٍ |
أَوْ حَاسِبٍ سَيَقِلُّ في المِيزَانِ |
وَيَظلُّ نَهْلُ العِلْمِ في خَلَجَاتنا |
((كُتُباً)) تُقيمُ ثَقَافةَ الاتْقَانِ |
يَكْفي ((الكتابُ)) صَدَاقَة مَقْرونَةً |
بالعلْم بالتَّثقيفِ بالتِّبيانِ |
تَرقَى الشعوبُ بعلْمهَا وَتُراثهَا |
في همةٍ تَسمو على البُهتَانِ |
بِالعلْم تَبْني أُمَّةٌ مَجداً لها |
في العَالمين مُؤثَّل البُنيَانِ |
وتجُوبُ آفْاقَ الحَيَاة إلى الذُّرَى |
لتُقيم صَرْحَ حَضارةِ الإنْسانِ |
تَرنو إلى نَهلِ المَعَارف في الدُّنا |
برجَالها الأَكْفَاءِ.. والشُّبَّانِ |
فالعلمُ مُنْذُ المَهدِ يُطلَبُ غَايَةً |
للمرء حَتَّى. تَغْمضَ العَيْنَانِ |
يَا حَبَّذا فَيَضُ ((الكِتابِ)) وعلمُهُ |
بالنُّور يُثري سَاحَة المَيْدَانِ |
ويخُطُّ للأيّامِ سفراً خَالداً |
لاَ يُطمسنَّ بنزْوَة الغُفْلانِ |
يَرْفَضُّ نَبَعاً للحَيَاة إذا التَقَى |
فَيْضُ التَّلِيدِ بِطَارِفٍ عَقْلاَني |
هَل تبلُغُ المَجدَ المؤصَّلَ أمَّةٌ؟! |
منْ غَيرِ تَأليفٍ وغَير بَيَانِ؟ |
أَمْ هَل يقُومُ الصَّرحُ صَرَحاً شَامخاً |
مِنْ دُونِ تَأسيسٍ وَلاَ عِمْدانِ؟! |
فالعِلْمُ نَبضٌ للحَيَاة أجَلُّهَا |
((كُتُبٌ)) تُزيلُ سَآمَةَ الحَيرْانِ |
وتُعيدُ للأفكارِ صَفْوَ رَوَائِهَا |
بِالبَحثِ بالتَّنْقيِبِ بالإِمْعَانِ |