شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رحلة الشَّوْق ونشيد الإيمان
لنْ يغيب عَنْ ذهن الفَتَى ذلك اليَوْم الذي كان فيه ينهبُ الخَطْو مِنْ ((المناخة)) إلى ((شارع العينية))، فنفسُه لا تَجِدُ طمأنينتَها وسكينتها إلاَّ بين أولئك القوم البسطاء في كُلِّ شيء - في لباسِهم ومأكلهم ومشربهم، كانت نظراته تمتد مع امتداد هذا الدَّرْب لتصلَ إلى ذلك الأفق الرَّفيع التي تقف فيه القُبَّة الخَضْراء عِزَّةً وشموخاً، أي رحمات تتنزَّلُ ما بين السَّماء والأَرْضِ أي حيثُ يَنْتَشِرُ هُنَاكَ ويُطْوَى، أيّ طيبٍ زكي تَحْمله النَّسمات مِنْ ذلك المقام السّني لينتشر في الكوْن فتخفق مع قلوب المحبيِّن وجْداً وحنيناً وهياماً.
في غَمْرة ذلك النُّور سمع وقع أقدام متأدبة، إنها أقدام المطي والتي تَقْصِدُ المسجد والمقام زائراً مِنْ مكَّة حيث وُلِد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث أهدتْ ((الآمنة)) إلى الكوْن رَحْمة السَّماء في ليلة ضاءت مِنْ نُورها كُلّ مواقع الظُّلمة والظُّلْم في هذه الأرْضِ، لتبدأ مسيرة العَدْلِ، وليُهْزم الشِّرْكُ والكفر والطُّغْيان في كُلِّ ركن، وفي كُلِّ زاوية، ولتفتح قلوبٌ حَالَ بَيْنَها وبَيْنَ النُّور آثام الهَوَى وأَوْزَار الضَّلال، وظُلمات الظُّلْم التي ما لامست نَفْساً إلاَّ وأصابها بالدَّاء الذي ليس له دواء إلاَّ في كلمة التوحيد والإيمان، واتَّسخَتْ مع ذلك الدَّاء أعماق النفوس التي لنْ يَغْسِلُها إلاَّ وحْيٌ يتنزل وقُرْآن يُتْلَى.
تجاوبت نَفْس الفَتَى في ذلك الضُّحى الأَغر، في زَمن البراءة، في ساعات الصَّفْو والنَّقاء والطُّهْر ونظر إلى الرِّجال الذين تَرجَّلوا مِنْ فوق ظهور مُطيِّهم عندما اقتربوا مِنْ ذلك المنخفض مِنْ الأرض، إنه ساحة باب السَّلام، ورفعوا أصواتهم مُسلِّمين ومُنْشدين فتجاوبت مع أصْواتهم وديان البَلْدة الطَّاهرة وَجبالِها فغرَّدَ الطَّير في وكْرِه، وترقرق الدَّمع في العيون والمحاجر وخفقت القلوب وجْداً وشَوْقاً، وما إنْ عادوا أدْرَاجهم يجرُّون خُطَامَ مَطَاياهم أَدَباً في حضرة مَنْ أوجب الإله خَفْض الصَّوْت في رحابه، حتى ارتفع صَوْت المؤذِّن في باب السَّلام يدعو للصَّلاة ب (حيّ على الفلاح).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :687  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 297 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.